عودة المصانع.. بين مخاوف "البؤر" والسعي لـ"إنقاذ" الاقتصاد الوطني

عادت بؤر فيروس "كورونا" للظهور مجددا بالمغرب، وذلك وفقا لما كشف عنه منسق المركز الوطني لعمليات طوارئ الصحة العامة، معاد لمرابط، في تصريحه الصحفي على الساعة السادسة من مساء اليوم الخميس .

ارتفاع الإصابات بالفيروس المستجد، في الأسابيع الماضية والسبب دائما يتعلق بالبؤر الصناعية والتجارية تدفعنا للتساؤل عن الضمانات المقدمة من "الباطرونا" لتفادي انتشار الوباء مجددا بعد رفع الحجر الصحي وعودة المعامل الصناعية للعمل مجدد .

مسؤولية "الباطرونا"

الخبير الاقتصادي، عمر الكتاني، يرى أن الاختبارات الكثيفة للعاملين في القطاع الصناعي هو السبيل الوحيد لتفادي موجة جديدة من الفيروس التاجي قد يكون هذه المرة صادرا من المعامل الصناعية التي باتت تنتج بين الفينة والأخرى بؤرا صناعية للفيروس ولاسيما بمدينتي الدار البيضاء وطنجة وفي مرات أخرى بمدن صغيرة لكنها معزولة كما هو الأمر بمدينة العرائش في وقت سابق .

ويضيف عمر الكتاني في اتصال هاتفي لـ"بلبريس"، أن الخطر لا يكمن فقط داخل المعامل بل كذلك بالنقل الذي يلزم مجموعة من التدابير لتفادي انتشار العدوى بالإضافة للتعقيم، مشددا أنه لا يمكن أن يكون احتمال الإصابة هو صفر وهو أمر مؤكد ولكن تفادي وجود بؤر وهي مسألة متعلقة بالتفاعل الإيجابي لأرباب العمل .

وعن ما إذا كانت عودة المصانع قد تشكل خطرا واحتمال موجة ثانيا من الفيروس قد "تهدم" كل الإجراء ات المبدولة من السلطات، يقول الكتاني "احتمال صفر إصابة هو صعب جدا ولكن هناك أزمة اقتصادية ويلزمنا معالجتها والاقتصاد الوطني بات في أزمة حقيقية وهناك مقاولات على وشك الإفلاس وبالتالي فيلزمنا العودة للصناعة ومعالجة "مرض" الاقتصاد الوطني الذي أثرت عليه فيروس "كورونا" سلبا ".

"مناعة القطيع"

عودة المصانع والحركة، يمكن أن نفسرها بنهج الدولة لـ"مناعة القطيع"، يقول الكتاني في هذا الموضوع، "لا ولكن الاقتصاد المغربي يلزمه الكثير من العمل وضرره يؤدي إلى أزمة اجتماعية ونحن اليوم نريد الحلول الأقل ضررا" .

ويتابع الخبير الاقتصادي، أن الدولة التي ستنقذ اقتصادها من جائحة "كورونا" ستستمر عكس الدول التي ستنهار اقتصاديا، مضيفا أننا اليوم وكأن الدولة ترفع يدها عن المصانع وتخول المسؤولية لـ"الباطرونا" من الجانب الوقائي حيث أن أرباب الشركات مطالبين بإجراء الاختبارات للعاملين وكذلك توفير التعقيم من أجل تفادي العدوى بالإضافة للكمامات.

"لا وجود للمعقمات"

مسؤولة بإحدى شركات الأدوية المتواجدة بجهة الرباط سلا القنيطرة، والتي اشتغلت خلال حالة الطوارئ الصحية تؤكد أن الشركة التي تشتغل فيها لم توفر المعقمات بالنسبة للمستخدمين هناك .

وتضيف المتحدثة التي رفضت الكشف عن إسمها لـ"بلبريس"، أن الشركة توفر لهم كمامة واحدة لكل مستخدم يوميا وهو أمر غير كافي ولاسيما أنه يلزم تغييرها في كل أربعة ساعات وهو الأمر الذي قد يزيد الأمر تعقيدا .

وتتابع المتحدثة، "لحسن الحظ لم يتم تسجيل أي حالة مؤكدة بالشركة ولكن يلزم المزيد من الحيطة والحذر ولاسيما أن بيننا مستخدمين ومستخدمات يقطنون رفقة عائلاتهم وهو الأمر الذي قد يزيد الأمر خطورة وتظهر بؤر جديدة سواء داخل الشركة إذا قدر الله أو كذلك من خلال العائلات" .

أما بالنسبة للتباعد الاجتماعي، تعترف المتحدثة أن الوعي بالنسبة للعاملين بالشركة قد يكون السبب الأساسي في غياب التباعد الاجتماعي، التي أقرته الشركة مؤخرا ولاسيما أن مجموعة من المستخدمين يتجهون إلى زملائهم في العمل بغياب الإجراء ات الوقائية المعمول بها .

20 ألف اختبار لـ"كورونا"

في المقابل مصادر لـ"بلبريس" أكدت أن وزارة الشغل والصحة بدأت في العمل على الاختبارات لكل العاملين في المصانع والشركات التي ستعود للعمل وذلك في إطار الإجراء ات الاستباقية لتفادي انتشار البؤر الصناعية مجددا .

وتضيف نفس المصادر أن المغرب يتجه لمضاعفة عدد التحاليل المخبرية لفيروس "كورونا" المستجد وذلك بشكل عشوائي بالمصانع والشركات، حيث أنه من المرتقب أن تصل عدد التحاليل لأكثر من عشرين ألف يوميا، وهو الأمر الذي يراه المراقبون "الأنجع" من أجل حصر الوباء بالمملكة وعودة الاقتصاد لنشاطه بعد "خمول" استمر لأكثر من شهرين وساهم في إفلاس أو شبه إفلاس لمجموعة من المقاولات الصغيرة والمتوسطة وهو الأمر الذي أضحى يهدد الالاف من المواطنين بالبطالة وأزمة اجتماعية تلوح في الأفق .

أمكراز "لا يجيب"

ولمعرفة التفاصيل بالنسبة لوزارة الشغل وعن مدى استعدادها لرفع الحجر الصحي على المعامل والمصانع بالإضافة لتسريح العمال في المصانع والشركات، حاولت "بلبريس" ربط الاتصال بوزير الشغل والإدماج المهني محمد أمكراز إلا أن هاتفه ظل يرن دون إجابة .

المغرب يراه المراقبون أنه في الطريق لتخطي مرحلة الخطر، ولكن مع استئناف الأنشطة الصناعية والتجارية قد يعود الفيروس التاجي مجددا للانتشار، وتحدث هذه الوحدات الإنتاجية بؤرا جديدة للوباء، وهنا يقول الكتاني في ذات الموضوع "لا يمكننا أن نستمر في الخمول الاقتصادي لمدة جديدة بالإضافة إلى أننا مجبرون اليوم على النقص من الترف في اقتناء المواد المكملة" .

الحفاظ على "الدوفيز"

 

وعن ما إذا سيكون المغاربة مجبرين على "التقشف" في المرحلة المقبلة ما بعد "كورونا"، يرى الكتاني "أن الإعلام مجبر على توعية المواطنين على اقتناء المواد الوطنية وتفادي الترف في اقتناء السيارات الفاخرة من أجل إبقاء العملة الصعبة داخل الوطن بالإضافة لتشجيل السياحة الوطنية" .

 

اعتراف "حكومي"

وكان رئيس الحكومة قد أكد في جلسة المساءلة الشهرية أن المقلق في الحالة الوبائية، هو كثرة البؤر التي تبرز بين الفينة والأخرى .

وأشار رئيس الحكومة أن 467 بؤرة سجلت في بلادنا أي أن ما يعادل 56٪ من الإصابات كان في بؤر عائلية، في أفراح وجنائز، وخمسها في بؤر صناعية، كاشفا أن 29 بؤرة لم تتجاوز مدة المراقبة الطبية في الوقت الحالي.

وهنا يتم طرح السؤال الجوهري عن ما إذا كانت الحكومة ولاسيما الوزارات المعنية وهنا الحديث عن وزارة الصناعة والشغل والصحة قادرة على تجاوز "مخاوف" وجود بؤر جديدة قد "تهدم" كل الإجراءات الاحترازية التي استبقت لها المغرب من أجل محاصرة الوباء ؟