أثار هشام عيروض، عضو المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة، في تدوينة له على منصة فايسبوك نقاشًا حول العلمانية في المغرب، مسلطًا الضوء على الخصوصية المغربية التي تجمع بين المرجعية الدينية المتمثلة في إمارة المؤمنين والانفتاح على القيم الكونية، مبرزا النموذج المغربي كنتاج لتراكم تاريخي طويل، بدأ منذ اعتناق الأمازيغ للإسلام وتفاعلهم مع قيمه بطريقة تحترم خصوصيات المجتمع المغربي الذي كان يمتلك نظمًا أخلاقية وأساليب للعيش المشترك حتى قبل الإسلام.
وحسب عيروض فإن هذا التفاعل بين الدين والثقافة أنتج نموذجًا مميزًا يعكس التنوع المغربي دون تناقض مع مبادئ الإسلام، مما جعل المغاربة من أكثر الشعوب ارتباطًا بدينهم، سواء من خلال حفظ القرآن أو بناء المساجد، وفي الوقت نفسه متمسكين بهويتهم الثقافية الممتدة لآلاف السنين، مشيرا إلى أن هذا التوازن يبرز خصوصية المغرب كدولة لا ترى في الدين عائقًا أمام الانفتاح، بل أساسًا لبناء مجتمع متماسك ومتضامن.
ويشدد عيروض على أن العلمانية في السياق المغربي ليست مفهومًا مستوردًا ينبغي تطبيقه بحذافيره، بل إطار متكامل يستند إلى الدين كمرجع أخلاقي وكحامٍ للقيم المشتركة، موضحا أن هذا التصور يجعل من التعددية قوة لتعزيز الوحدة والتماسك، لا تهديدًا لهما، حيث ينبغي ضمان انفتاح المجتمع على الأفكار المختلفة ضمن مشروع مجتمعي يركز على المواطنة واحترام القانون.
ويرى عيروض أن بناء نموذج مغربي حديث يستدعي توظيف القيم الدينية لمحاربة الفساد وتعزيز الأخلاق، مع الاعتماد على العقلانية لتطوير المؤسسات وضمان الشفافية والحكامة، وذلك بهدف جعل المغرب مثالًا فريدًا في التعايش والديمقراطية، قادرًا على تحقيق طموحات شعبه وبناء نهضة فكرية وسياسية تجمع بين الهوية الوطنية والقيم الكونية.