محطات تعديل مدونة الأسرة.. ماهي مراحل تحول المشروع إلى قانون نافذ؟
مع إعلان الحكومة عن تشكيل لجنة مكلفة بصياغة القانون الجديد لمدونة الأسرة، تنطلق بذلك أولى الخطوات في مسار تعديل المدونة وفق الإجراءات التشريعية المعتمدة.
هذا التعديل لم يأتِ من فراغ، بل جاء نتيجة مسار طويل بدأ منذ الخطاب الملكي بمناسبة عيد العرش لعام 2022، حيث دعا الملك محمد السادس إلى مراجعة مدونة الأسرة وفق المرجعية الإسلامية، مع الاجتهاد في القضايا الخلافية. وتبع ذلك رسالة ملكية موجهة إلى رئيس الحكومة في 26 شتنبر 2023، كلفه فيها بالإشراف على إعادة النظر في المدونة.
بعد هذه التوجيهات الملكية، انطلقت سلسلة من الاجتماعات التي عقدتها الهيئة المكلفة بتعديل المدونة، حيث تم فتح باب المشاورات والاستماع إلى مختلف الأطراف المعنية، بما في ذلك الفاعلون السياسيون، الهيئات الدينية، المجتمع المدني، الجمعيات الحقوقية، وكذا الجهات القضائية، في إطار استشارات موسعة تهدف إلى الوصول إلى صيغة توافقية تعكس تطورات المجتمع المغربي.
ورغم التقدم في هذه المرحلة، فإن المسار التشريعي لتنزيل تلك التوصيات في شكل قانون لم يبدأ فعليًا إلا بعد الإعلان عن لجنة الصياغة، التي تضم ممثلين عن وزارات العدل، الأوقاف والشؤون الإسلامية، الأمانة العامة للحكومة، ووزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، تحت إشراف مباشر من رئيس الحكومة.
وبمجرد انتهاء لجنة الصياغة من إعداد مشروع القانون الجديد، ستنطلق المرحلة الثانية، حيث سيتم عرض المشروع على مجلس الحكومة للتداول والمصادقة عليه، قبل إحالته رسميًا إلى مجلس النواب. وعند وصوله إلى مجلس النواب، ستقوم رئاسة المجلس بإحالته إلى لجنة العدل والتشريع، ليتم تقديمه رسميًا من قبل وزير العدل أمام أعضاء اللجنة، وهو ما يشكل انطلاقة المناقشات البرلمانية حول مضامين المدونة المعدلة.
وبعد هذا التقديم، ستُعقد جلسة عامة داخل لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب لمناقشة المشروع بشكل عام، يليها تفصيل دقيق لمضامينه بندًا بندًا، ثم تأتي مرحلة التصويت على التعديلات المقترحة والمشروع برمته داخل اللجنة.
بمجرد المصادقة عليه داخل اللجنة المختصة، سيمر المشروع إلى الجلسة العامة لمجلس النواب، حيث سيُعرض للتصويت، وفي حال اعتماده سيتم إحالته إلى مجلس المستشارين لمواصلة المسطرة التشريعية. عند وصوله إلى الغرفة الثانية، سيتم إحالته إلى لجنة العدل والتشريع بمجلس المستشارين، حيث سيقوم وزير العدل مجددًا بعرض مضامين المشروع.
وتمامًا كما جرى في مجلس النواب، سيتم عقد جلسة عامة لمناقشته، تليها جلسات تفصيلية داخل اللجنة المختصة، ثم التصويت عليه بالتعديلات التي يتم الاتفاق عليها. وبعد ذلك، سيتم عرضه للتصويت خلال جلسة عامة لمجلس المستشارين، ليقترب المشروع من مرحلته النهائية.
في هذه المرحلة، هناك عدة احتمالات لمسار المدونة داخل البرلمان. إذا تم إدخال تعديلات جوهرية عليها في مجلس المستشارين، فقد يُعاد المشروع إلى مجلس النواب لقراءة ثانية والتصويت النهائي. كما أنه من المحتمل أن يتم الطعن فيه أمام المحكمة الدستورية، إذا اعتبر أحد الأطراف أن بعض مواده لا تتماشى مع الدستور المغربي. وهناك احتمال نادر آخر، وهو أن يطلب الملك قراءة جديدة للنص قبل اعتماده النهائي.
في حال اجتياز المشروع لجميع هذه المراحل، سيصل إلى مرحلته الأخيرة، حيث سيتم إصداره بظهير ملكي تنفيذي، لينشر في الجريدة الرسمية، وبذلك يدخل القانون حيز التنفيذ بشكل رسمي، ليصبح ملزمًا لكافة المغاربة.