المجلس الاقتصادي يدق ناقوس الخطر: الذكاء الاصطناعي يحتاج إلى حوكمة صارمة
دعا المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إلى تطوير مقاربات جديدة لحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي في مواجهة تحديات الذكاء الاصطناعي، مؤكدًا أهمية التعامل مع هذه المعطيات بأساليب تضمن الشفافية واحترام الخصوصية.
وأشار المجلس، في رأيه بعنوان “الذكاء الاصطناعي بالمغرب.. أي استخدامات وأي آفاق للتطوير”، إلى أن أنظمة الذكاء الاصطناعي تعتمد بشكل كبير على كم هائل من البيانات المتاحة على شبكة الإنترنت، مما يستدعي وضع ضوابط صارمة لضمان احترام المعطيات الشخصية.
وشدد المجلس الاقتصادي على ضرورة استخدام المعطيات الشخصية التي تجمعها أنظمة الذكاء الاصطناعي، فقط للأغراض التي تم جمعها من أجلها، مع التأكد من الحصول على موافقة صريحة وواضحة من الأفراد المعنيين.
وأوضح أن التحدي يكمن في تحقيق توازن دقيق بين ضمان الحريات الفردية وتشجيع الابتكار التكنولوجي، دون فرض قيود قد تعرقل التقدم التقني.
وأشار الرأي إلى غياب إطار قانوني واضح في المغرب ينظم استخدام الذكاء الاصطناعي وحماية المعطيات الشخصية، رغم التزام المملكة بوضع أسس رقمية لتطوير هذه التكنولوجيا.
واستشهد المجلس الاقتصادي بالدستور والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحماية المعطيات الشخصية ومحاربة الجرائم السيبرانية كخطوات تأسيسية، مع التأكيد على ضرورة تفعيلها بشكل عملي.
وسلط المجلس الضوء على ريادة المغرب في تبني توصيات اليونسكو المتعلقة بأخلاقيات الذكاء الاصطناعي، حيث كان أول بلد إفريقي وعربي يلتزم بهذه التوصيات، إلى جانب دعمه لقرار الأمم المتحدة حول الاستخدام الآمن للذكاء الاصطناعي في تحقيق التنمية المستدامة.
ومع ذلك، أشار إلى أن هذه الالتزامات تواجه صعوبات في التطبيق بسبب غياب آليات فعالة للحوكمة والتنظيم.
ولتجاوز هذه الإشكالات، أوصى المجلس بمراجعة القانون رقم 09.08 المتعلق بحماية المعطيات الشخصية، بما يشمل متطلبات البيانات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، مع ضمان ملاءمته للمعايير الدولية.
كما اقترح إعداد إطار قانوني خاص بالذكاء الاصطناعي يُراعي الأخلاقيات والمسؤولية، مع تشكيل هيئة متعددة الأطراف تحت إشراف رئيس الحكومة لتطوير استراتيجية وطنية للذكاء الاصطناعي وضمان تنزيلها بفعالية.
وأكد المجلس أهمية التصدي للمخاطر الناجمة عن استخدام الذكاء الاصطناعي، مثل تقنية “ديب فيكس”، الهجمات السيبرانية، وعمليات الاحتيال وسرقة الهوية.
ودعا إلى الاستفادة من التجارب الأوروبية، مثل القانون الأوروبي للذكاء الاصطناعي، لوضع معايير وطنية لحوكمة هذه التكنولوجيا.
واختتم المجلس توصياته بالتأكيد على ضرورة انضمام المغرب إلى تكتلات دولية، مثل اتفاقية مجلس أوروبا بشأن الذكاء الاصطناعي، لتعزيز موقعه التفاوضي مع الشركات التكنولوجية الكبرى وضمان قواعد استخدام عادلة لهذه التقنيات.