المغرب واستضافة كأس العالم: فرصة اقتصادية وثقافية واجتماعية لنموذج تنموي طموح
تشكل استضافة كأس العالم بالنسبة للمغرب فرصة نادرة لتعزيز موقعه في الساحة الدولية، ودعماً للتوجهات الاستراتيجية للنموذج التنموي الجديد، الذي يهدفكأس إلى بناء اقتصاد قوي ومستدام يخدم كافة فئات المجتمع، ويعزز التنمية المتوازنة.
وحسب تقرير صادر عن مرصد العمل الحكومي بشراكة مع مركز الحياة لتنمية لمجتمع المدني، يشكل تنظيم هذا الحدث العالمي مساهمة فعالة في تحقيق مكاسب اقتصادية متشعبة، وتطوير بنية تحتية عصرية، إضافة إلى ترسيخ ثقافة رياضية شاملة وتفعيل دور الشباب في دفع عجلة التغيير.
إيرادات سياحية هائلة ونمو قطاعات متنوعة:
أفاد التقرير أن السياحة ستكون من أكبر المستفيدين من استضافة كأس العالم، إذ يتوقع أن تجذب البطولة أكثر من 1.5 مليون زائر إضافي من مختلف أنحاء العالم.
وستساهم هذه التدفقات السياحية بشكل مباشر في تعزيز الإشغال الفندقي وتحفيز قطاع الضيافة من مطاعم ومقاهٍ، حيث يسعى السياح للاستمتاع بالأطباق المغربية وتجربة الثقافة المحلية.
وتشير توقعات ذات التقرير إلى أن هذه الزيادة في عدد السياح قد تحقق عائدات مالية تتراوح بين 2 و3 مليارات دولار، بناءً على معدل الإنفاق المتوقع لكل سائح.
كما سيستفيد قطاع النقل والخدمات اللوجستية من هذه التدفقات، حيث ستتزايد الحاجة إلى وسائل النقل العام والنقل البري والجوي، مما يتطلب تطوير شبكة المواصلات وتعزيز خدمات الحافلات وتأجير السيارات. هذا التطوير في البنية التحتية للنقل سيُسهم في تحسين وسائل التنقل داخل المدن ويعزز تجربة الزوار والمقيمين على حد سواء.
استثمارات في البنية التحتية وبناء إرث رياضي واجتماعي:
وحسب ذات المصدر يستلزم تنظيم البطولة تطوير ملاعب ومنشآت رياضية عالية المستوى، ما قد يتطلب استثمارات ضخمة تصل إلى 5 مليارات دولار.
ويمكن تمويل هذه المشاريع جزئياً من خلال الشراكات مع القطاع الخاص والدعم الدولي، كما يُعد مشروع تمديد شبكة القطار الفائق السرعة "البراق" بين الدار البيضاء وأكادير واحداً من المشاريع الاستراتيجية التي ستسهم في تعزيز الربط بين شمال المغرب وجنوبه، وتقليص مدة السفر بين المدن الرئيسية، مما يحقق فوائد اقتصادية وسياحية مستدامة.
وإلى جانب المنشآت الرياضية، سيتطلب الحدث تحسينات شاملة في البنية التحتية الصحية والنقل العام، بتكلفة تقديرية تبلغ نحو 3.5 مليار دولار، تشمل تحديث الطرق والمستشفيات. هذه المشاريع ستخلق فرص عمل جديدة تُقدر بما بين 50,000 إلى 80,000 وظيفة في قطاعات البناء والخدمات والسياحة، ما يعزز التشغيل ويدعم دخل الأسر المغربية.
عائدات حقوق البث والرعاية وترويج العلامة التجارية للمغرب:
تمثل حقوق البث التلفزيوني والرعاية فرصة ضخمة لتحقيق عائدات مالية للبلد المستضيف، حيث قد تصل عائدات البث إلى 2 مليار دولار، فيما قد تساهم الرعاية الدولية بحوالي مليار دولار إضافي، بفضل الاهتمام الكبير الذي توليه الشركات العالمية لكأس العالم. إلى جانب ذلك، ستعزز هذه الرعاية من وعي العالم بالعلامة التجارية للمغرب كوجهة سياحية واستثمارية جذابة، وتدعم جهود البلاد لتعزيز موقعها كوجهة للاستثمارات الدولية.
تأثير طويل الأمد على الاقتصاد المحلي وتعزيز صورة المغرب عالمياً:
وفقًا لتقديرات الدراسات، قد يسهم تنظيم كأس العالم في زيادة الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تصل إلى 1%، ما يوازي نحو 3 إلى 4 مليارات دولار من العائدات السنوية. هذه المكاسب الاقتصادية ستعزز من نمو الاقتصاد المحلي وتدعم جهود المغرب في تحقيق تنمية مستدامة ومتوازنة على مستوى مختلف المناطق.
كما سيسهم نجاح التنظيم في بناء صورة إيجابية للمغرب عالمياً كدولة قادرة على تنظيم فعاليات عالمية، مما يزيد من ثقة المستثمرين ويعزز فرص جذب استثمارات جديدة طويلة الأمد.
تنمية اجتماعية ورياضية وتمكين الشباب:
يمثل تنظيم البطولة حافزاً لإرساء ثقافة رياضية تُشجع على مشاركة الأجيال الشابة في الفعاليات الرياضية، وتساهم في تطوير كرة القدم المحلية. ومن خلال برامج التدريب والتطوع، سيتمكن الشباب المغربي من اكتساب خبرات مهنية قيّمة وتطوير مهاراتهم في مجالات التنظيم والضيافة والتسويق. هذه البرامج تدعم توجهات النموذج التنموي الجديد نحو تمكين الشباب وتوفير فرص عمل حقيقية لهم، مما يعزز من قدراتهم ويهيئهم للمشاركة الفاعلة في بناء مستقبل البلاد.
كأس العالم والمغرب: نحو تنمية شاملة ومستدامة:
إن استضافة كأس العالم تشكل محوراً لتحقيق رؤية النموذج التنموي المغربي، التي تسعى إلى بناء اقتصاد قوي ومستدام، يعزز من العدالة الاجتماعية والتنمية المتوازنة، ويجعل من المغرب قوة صاعدة على الساحة الدولية. وبفضل تطوير البنية التحتية، وتفعيل دور الشباب، والاستثمار في قطاعات حيوية، يمثل هذا الحدث فرصة استثنائية لخلق إرث اقتصادي واجتماعي وثقافي يُلبي طموحات المملكة ويخدم كافة شرائح المجتمع المغربي.