نيويورك تايمز: المغرب يحوّل كرة القدم إلى رافعة سياسية واقتصادية
قالت صحيفة “نيويورك تايمز” إن المغرب يشهد تحولاً نوعياً في عالم كرة القدم، حيث أصبحت الرياضة ركيزة أساسية لتحقيق أهداف سياسية واقتصادية طموحة.
وأشارت إلى أن المملكة تسعى لترسيخ مكانتها كقوة كروية صاعدة على المستويين الإقليمي والدولي، بفضل استثمارات استراتيجية ضخمة ورؤية طويلة الأمد تهدف إلى تحقيق نقلة نوعية في المشهد الرياضي.
وأكدت الصحيفة الأمريكية في مقال مطول تحت عنوان “كيف أصبح المغرب قوة عظمى ناشئة في كرة القدم؟” أن المغرب استثمر بشكل كبير في تطوير بنيته التحتية الرياضية.
وأبرزت إعادة افتتاح ملعب الحارثي في مراكش عام 2018 بعد عمليات تحديث شاملة، جعلت منه وجهة مفضلة لتدريبات الفرق الإفريقية والدولية. وأوضحت أن هذا التطوير يعكس رؤية المغرب في استخدام كرة القدم كوسيلة لتعزيز علاقاته الخارجية.
وأشارت الصحيفة إلى مشروع بناء ملعب الحسن الثاني بالقرب من الدار البيضاء، الذي يتسع لـ115 ألف متفرج، والذي يُتوقع أن يصبح الأكبر عالمياً عند اكتماله.
وأوضحت أن تكلفة المشروع البالغة 500 مليون دولار تجعل منه رمزاً لطموحات المغرب لاستضافة نهائيات كأس العالم 2030، كجزء من استراتيجية شاملة تهدف إلى تعزيز النفوذ الكروي للمملكة.
وذكرت الصحيفة أن استثمار المغرب في كرة القدم يتجاوز الجانب الرياضي، إذ يسعى إلى توظيف اللعبة كأداة دبلوماسية وتنموية. وأبرزت استضافة المغرب لفعاليات كبرى مثل كأس أمم إفريقيا 2025، وخمس نسخ متتالية من كأس العالم للشباب تحت 17 عاماً ابتداءً من 2025.
كما أشارت إلى إعلان الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) عن افتتاح أول مقر دائم له في إفريقيا بمدينة مراكش، ما يعزز مكانة المغرب في إدارة اللعبة على المستوى الدولي.
وأشادت الصحيفة بإنجاز المنتخب المغربي في الوصول إلى نصف نهائي كأس العالم 2022، ووصفت الحدث بأنه إنجاز تاريخي غير مسبوق لفريق إفريقي وعربي.
وربطت هذا النجاح بالمواهب الكروية المغربية في المهجر، والبنية التحتية المحلية المتطورة، وعلى رأسها أكاديمية محمد السادس لكرة القدم، التي كلفت 65 مليون دولار وتُعد واحدة من أفضل الأكاديميات عالمياً.
ورصدت الصحيفة العلاقة الوثيقة بين الرياضة والنمو الاقتصادي في المغرب، مشيرة إلى أن الحكومة تسعى لزيادة عدد السياح من 16 مليوناً في 2024 إلى 26 مليوناً بحلول 2030.
وأوضحت أن الرياضة، وخصوصاً كرة القدم، أصبحت أداة فعالة لتعزيز جاذبية المغرب كوجهة سياحية عالمية، والمساهمة في تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية.
وأشارت الصحيفة إلى التحديات التي تواجه المغرب رغم الإنجازات الكبيرة، من أبرزها الحاجة إلى الشفافية في تكاليف المشروعات الكبرى، والتفاوت الاقتصادي بين المناطق الحضرية والريفية.
وأكدت أن الاعتماد الحالي على لاعبين من الشتات يبرز أهمية تطوير المواهب المحلية بشكل أكبر لضمان استدامة النجاح الكروي.
وخلص المقال إلى أن المغرب يستخدم كرة القدم كوسيلة لتحقيق أهداف أوسع تتجاوز الرياضة، من خلال رؤية شاملة تعزز مكانته العالمية. ورغم التحديات الاجتماعية والاقتصادية، أظهر المغرب التزاماً واضحاً بالاستثمار في الرياضة كجزء من استراتيجية طويلة الأمد. وأكدت الصحيفة أن الطموحات المغربية تتحقق تدريجياً، مع اقتراب استضافة كأس العالم 2030 كجزء من ملف مشترك، ما يعكس جدية المغرب في ترسيخ حضوره على الساحة الكروية الدولية.