ذكرت صحيفة "لوبوان" الفرنسية أن هناك تحركات في الكواليس داخل الاتحاد الأوروبي بشأن ما وُصف بـ"إساءة استخدام القانون" من طرف محكمة العدل الأوروبية فيما يتعلق باتفاقيتي الفلاحة والصيد البحري مع المغرب، كاشفة عن قلق متزايد من تداعيات قرارات المحكمة على المدى البعيد.
وأشار تقرير "لوبوان" إلى تصريحات مسؤول رفيع في الاتحاد الأوروبي، رفض الكشف عن هويته، وأكد فيها أن محكمة العدل الأوروبية تتجاوز دورها عبر محاولة التأثير على السياسة الخارجية للاتحاد، وهو ما يعتبر انتهاكًا لمعاهدة لشبونة التي تمنح المجلس الأوروبي وحده سلطة تحديد هذه السياسات.
وتابع المسؤول الأوروبي قائلاً إن المحكمة حاولت تغيير الموقف الرسمي للاتحاد في ملف حساس يتعلق بالعلاقات الخارجية، وهو ما دفع العديد من الأطراف داخل الاتحاد إلى التعبير عن انزعاجهم من هذا التدخل القضائي في الدبلوماسية الأوروبية.
وخلال اجتماع لجنة الصيد في البرلمان الأوروبي يوم 17 أكتوبر، اتخذ ممثل عن لجنة فون دير لاين موقفًا حذرًا، مؤكدًا أن اللجنة لا تزال تدرس قرار المحكمة لتحديد عواقبه المحتملة، داعيًا إلى تجنب الاستعجال في اتخاذ أي خطوات.
وفي السياق نفسه، انتقد النائب الاشتراكي الإسباني نيكولاس غونزاليس كاساريس قرار المحكمة، واصفًا إياه بـ"اعتراف بالفشل"، وطالب المفوضية الأوروبية بالتحرك بسرعة أكبر، مشيرًا إلى الأضرار الاقتصادية والاجتماعية التي قد تلحق بالأسطول الإسباني وقطاع الصيد بأكمله.
ويبرز الوضع الإسباني كأكثر المتضررين من القرار، حيث تشير الأرقام إلى أن الاتفاق كان يسمح لـ128 سفينة من 11 دولة أوروبية بالصيد في المياه المغربية، بينما كانت إسبانيا المستفيد الأكبر بامتلاكها لـ93 سفينة، وهو ما يشكل 20٪ من إنتاجها الإجمالي في قطاع الصيد.
وحذرت "لوبوان" من أن التأخير في التعامل مع تداعيات قرار المحكمة قد يؤدي إلى تقارب أكبر بين المغرب وروسيا في مجال الصيد البحري، خاصة بعد تمديد اتفاقية الصيد بين المغرب وروسيا التي انتهت في شتنبر الماضي.
وتمنح هذه الاتفاقية للسفن الروسية حصة سنوية قدرها 140 ألف طن من الأسماك في المنطقة الاقتصادية الأطلسية للمغرب، مع احتمالات توسيع هذا التعاون ليشمل كامل الساحل الأطلسي للمملكة، ما يثير قلقًا متزايدًا في بروكسل ومدريد.
واختتمت الصحيفة بالحديث عن زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المرتقبة إلى المغرب، والتي ستشكل اختبارًا للقدرة الفرنسية على التوفيق بين الشراكة مع المغرب وقرارات محكمة العدل.
أما مستقبل اتفاقيتي الفلاحة والصيد البحري، فسيكون رهينًا بالمفوضية الأوروبية التي يتعين عليها الموازنة بين المتطلبات القانونية والواقع الجيوسياسي لمنطقة استراتيجية.