في تصعيد جديد للتوتر بين باريس والجزائر، أدان وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية بشدة زيارة وزيرة الثقافة الفرنسية رشيدة داتي إلى الصحراء المغربية، واعتبرتها “خطوة بالغة الخطورة”.
ووفقًا لما نقلته صحيفة “Le Parisien” الفرنسية، فقد وصفت الجزائر هذه الزيارة بأنها “تمثل ازدراءً صارخًا للشرعية الدولية من طرف عضو دائم في مجلس الأمن”، مضيفة أن “هذه الزيارة غير المرحب بها تعكس صورة بغيضة لقوة استعمارية سابقة تدعم قوة استعمارية جديدة”، في إشارة واضحة إلى دعم باريس لموقف المغرب في قضية الصحراء المغربية.
ولم تتوقف انتقادات الجزائر عند هذا الحد، بل أكدت أن الحكومة الفرنسية بهذه الخطوة “تجرد نفسها من أي مصداقية” وتضع نفسها في موقع “الانعزال” عن الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة للتوصل إلى حل نهائي لقضية الصحراء المغربية وفقًا لقرارات الشرعية الدولية.
هذه التصريحات الغاضبة تأتي بعد أشهر فقط من إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون دعمه الصريح لمقترح الحكم الذاتي الذي يطرحه المغرب كحل للنزاع. موقف اعتبرته الجزائر تخليًا عن الحياد التقليدي لفرنسا وانحيازًا واضحًا للمغرب، مما أدى إلى أزمة دبلوماسية حادة بين البلدين.
في المقابل، وصفت رشيدة داتي، التي تحمل الجنسية المغربية إلى جانب الفرنسية، هذه الزيارة بـ”التاريخية”، معتبرة أنها أول زيارة لوزير فرنسي إلى ما يُعرف بـ”الأقاليم الجنوبية”.
وقد استخدمت داتي المصطلحات الرسمية التي يعتمدها المغرب في الإشارة إلى هذه المنطقة، ما عزز من استياء الجزائر.
ويُشار إلى أن الصحراء المغربية، التي تُعدّ منطقة استراتيجية وغنية بالموارد، كانت مستعمرة إسبانية حتى عام 1975، وهي اليوم تحت سيطرة المغرب بنسبة 80%، بينما يطالب بها جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر.
ورغم أن الأمم المتحدة تعتبر الصحراء “إقليمًا غير مستقل”، إلا أن المخطط المغربي للحكم الذاتي يحظى بتأييد متزايد على الساحة الدولية. ففي أكتوبر 2023، صوت 12 عضوًا من أصل 15 في مجلس الأمن لصالح قرار يدعو إلى “حل واقعي ومقبول من الطرفين”، وهو ما يتماشى مع المقترح المغربي.
وفي ظل هذا التصعيد الإعلامي والدبلوماسي، يبدو أن العلاقات الفرنسية-الجزائرية مرشحة لمزيد من التوتر، خاصة مع استمرار باريس في دعم مقترح الحكم الذاتي المغربي، وهو ما تعتبره الجزائر “انحيازًا غير مقبول” في ملف شديد الحساسية.
المصدر: صحيفة “Le Parisien” الفرنسية