نبه تقرير لمجموعة الأزمات الدولية إلى أن المغرب والجزائر عالقان في أزمة دبلوماسية، وأن مجموعة من الأحداث التي تقع تخاطر بدفع البلدين إلى الصدام والحرب، داعيا الدول الغربية إلى العمل على احتواء التوترات وضبط سباق التسلح بين البلدين، ودفع إدارات مواقع التواصل الاجتماعي إلى الحد من خطاب الكراهية والإشاعات في البلدين.
وتوقف تقرير المنظمة الدولية بعنوان “إدارة التوترات بين الجزائر والمغرب” على أن البلدين في حالة خلاف منذ عام 2021، عندما قطعت الجزائر علاقاتها بالمغرب، وحتى الآن، ظلت مشاحناتهما محصورة في الميدان السياسي، وهو ما يفرض على الدول الغربية أن تساعد في إبقاء النزاعات تحت السيطرة إلى أن يحين الوقت للتوصل إلى مصالحة.
وقال التقرير إن ضبط النفس المتبادل والضغوط الأميركية ساعدا على احتواء التوترات بين البلدين، لكن الضغوط المتصاعدة يمكن أن تقوِّض الوضع الراهن.
ولفت التقرير إلى أن تفاقم النزاع بين البلدين، دفع الرباط والجزائر إلى شراء أنظمة أسلحة جديدة من الخارج في منافسة متصاعدة، كما أن وجود المعلومات المضللة على الإنترنت في كلا البلدين صب الزيت على النار.
وعموما، تشمل عوامل المخاطرة، حسب التقرير، سباق التسلح الثنائي، وانتشار المعلومات المضللة على الإنترنت، وارتفاع حدة التشدد بين الشباب في جبهة البوليساريو، وتغيير الإدارات الأميركية، والتطبيع المغربي مع إسرائيل الذي أدى إلى استعداء الجزائر التي شعرت بوجود مؤامرة ضد مصالحها.
ودعا التقرير الجهات الفاعلة الخارجية إلى تأكيد أهمية حماية المدنيين والسماح لبعثة الأمم المتحدة بالعمل على نحو فعال في الصحراء، كما ينبغي أن تستمر في الحوار مع الحكومتين الجزائرية والمغربية، وضبط مبيعات الأسلحة، والمساعدة في إطلاق المحادثات التي ترعاها الأمم المتحدة بشأن الصحراء لمنع حدوث مزيد من التصعيد.
واعتبر ذات المصدر أن المغرب والجزائر تمكنا من تجنب مواجهة مسلحة رغم وقوع حوادث عدة في الصحراء، كان من شأنها أن تؤدي إلى التصعيد، كما أن الجزائر رأت في علاقات إسرائيل التي تزداد قوة بالمغرب تهديداً لأمنها الوطني، لكن نقطة الاشتعال الرئيسية بين البلدين تبقى هي الصحراء.
وجاء في التقرير “حتى الآن، حافظ ضبط النفس الثنائي والدبلوماسية الأميركية على السلام بين الجارين، لكن الأعمال القتالية في الصحراء، والمعلومات المضللة على الإنترنت، وسباق التسلح الثنائي، واقتراب تنصيب إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترامب تشكل جميعها مخاطر. ويمكن للدول الغربية أن تساعد في إدارة الأزمة بالإصرار على حماية طرفي الصراع للمدنيين والسماح لبعثة الأمم المتحدة هناك بالقيام بعملها، والحد من نقل الأسلحة، ودعم المحادثات التي ترعاها الأمم المتحدة، والضغط على شركات وسائل التواصل الاجتماعي للحد من خطاب الكراهية على الإنترنت في الجزائر والمغرب على حد سواء”.
وأشار إلى أنه ومنذ نقض البوليساريو لاتفاق وقف إطلاق النار في أواخر عام 2020 والرباط والبوليساريو عالقان في حرب استنزاف عرَّضت للخطر بعثة الأمم المتحدة العاملة في الصحراء التي قالت في عامي 2022 و2023، إنه قد يتعين عليها الانسحاب، الأمر الذي كان يمكن أن يضع القوات المغربية والجزائرية وجهاً لوجه على الحدود، ويزيد مخاطر نشوب حرب عبر الحدود على نحو دراماتيكي، وقد حوفظ على البعثة بفضل تدخل الولايات المتحدة، وخفت حدة التوترات بعد ذلك.
وأكد ذات التقرير أن الجهات الفاعلة الخارجية لعبت أدواراً متنوعة، فقد حاولت إدارة بايدن منع نشوب صراع مباشر بتعميق انخراطها مع الأطراف الثلاثة، في حين واجهت الحكومات الغربية صعوبة كبيرة في مساعيها الدبلوماسية، حيث علقت وسط لعبة صفرية بين الجزائر والرباط، وقد حاولت إسبانيا وفرنسا موازنة علاقاتهما لكنهما اصطفتا في النهاية مع المغرب، وعبَّرتا عن دعمهما للحكم الذاتي، وهو ما أدى إلى تنفير الجزائر.
وقد امتدت الخصومة الجزائرية–المغربية إلى أجزاء أخرى من شمال أفريقيا وإفريقيا جنوب الصحراء، فحسب التقرير، استغل المغرب تراجع نفوذ الجزائر في منطقة الساحل ليعرض مد طريق سريع يربط هذه المنطقة بالصحراء المغربية، ورداً على ذلك، اقترحت الجزائر تجمعاً في شمال أفريقيا يشمل ليبيا وتونس ويقصي المغرب، وفي الاتحاد الأفريقي، قوضت الاحتكاكات بين الجارين أحياناً العمل المنتظم للمؤسسات.
وخلص التقرير إلى أنه وبضبط النفس المتبادل ومساعدة الولايات المتحدة، تمكنت الجزائر والمغرب من تجنب حدوث صدام عسكري، لكن الخطر لا يزال قائماً، داعيا الحكومات الأوروبية إلى الاضطلاع بدور قيادي في المساعدة على إدارة التوترات بين الجارين، إلى أن تنضج ظروف استعادة العلاقات بين البلدين ثم التأسيس لعلاقة مثمرة ودائمة وأكثر استقراراً.