مع اقتراب موعد تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب وعودته إلى البيت الأبيض، تثار تساؤلات حول السياسات التي قد يعتمدها في التعامل مع ملفات دولية حساسة، أبرزها الأزمة الأوكرانية والعلاقات مع روسيا، فضلاً عن قضايا الشرق الأوسط، وعلى رأسها النفوذ الإيراني في المنطقة.
ويرى مراقبون أن ترامب، المعروف بلقب “رجل الصفقات”، قد يمارس ضغوطاً كبيرة لتحقيق تسوية في أوكرانيا ترضي الكرملين، مقابل مكاسب سياسية في الشرق الأوسط.
ويُعتقد أن هذه المكاسب قد تشمل تقليص الدور الإيراني في سوريا، بما يتماشى مع المصالح الإسرائيلية، خاصة في ظل تاريخ دعمه القوي لإسرائيل خلال ولايته الأولى، حين نقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة، وواجه فتوراً في العلاقات الأميركية الإسرائيلية تحت إدارة خلفه، جو بايدن.
التوقعات بأن ملف الشرق الأوسط قد يكون جزءاً من “صفقة كبرى” بين واشنطن وموسكو تتعزز بتصريحات المبعوث الروسي الخاص إلى سوريا، ألكسندر لافرينتييف، الذي أشار إلى استعداد موسكو لاستئناف الحوار مع إدارة ترامب حول الملف السوري.
كما أعرب الكرملين عن تفاؤل حذر إزاء عودة ترامب، وسط إشارات إلى إمكانية تقديم تنازلات في الشرق الأوسط مقابل إنهاء النزاع الأوكراني بشروط تفضلها روسيا.
ويرى الأكاديمي السوري المعارض المقيم في موسكو، محمود الحمزة، أن ترامب قد يقدم لروسيا تسوية مقبولة في أوكرانيا مقابل تنازلات بشأن تقليص الوجود الإيراني في سوريا.
ويعتبر الحمزة أن روسيا قد تكون مستعدة للتعاون في هذا الملف دون المساس بالنظام السوري، الذي يعد محورياً لمصالحها في المنطقة، خصوصاً فيما يتعلق بقاعدتي حميميم وطرطوس.
في المقابل، يشكك خبراء آخرون في قدرة ترامب على تحقيق وعوده بإنهاء الحروب في الشرق الأوسط، خاصة مع استمرار التصعيد الإسرائيلي ضد إيران وحلفائها، كحزب الله في لبنان.
ويؤكد رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط، مراد صادق زاده، أن إسرائيل لن توقف سياساتها العدوانية في المنطقة، بل قد تصعّد عملياتها العسكرية بدعم واضح من ترامب، مما يعني أن التوترات في لبنان وسوريا قد تزداد حدة.
ويرجح محللون أن ترامب، المعروف بشعاره “أميركا أولاً”، قد يضحي بمصالح أوكرانيا لتحقيق مكاسب سياسية تخدم أجندته في الداخل والخارج.
ويبدو أن أي اتفاق مع موسكو بشأن أوكرانيا لن يتجاوز تثبيت الواقع الميداني دون تقديم ضمانات طويلة الأمد بشأن حياد كييف أو عدم انضمامها إلى حلف شمال الأطلسي.
ومع ذلك، لا تزال روسيا تتعامل بحذر مع إمكانية إبرام صفقة كبرى، مدركةً أن ترامب يعمل وفق منطق المصالح أولاً وأخيراً.
وفي خضم هذه التحديات، تظل العودة المرتقبة لترامب إلى البيت الأبيض محط أنظار العالم، وسط رهانات متباينة على تأثيرها في الملفات الشائكة التي تعيد رسم التوازنات الدولية.