في خطاب مثير ومليء بالتطلعات المستقبلية، ألقى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون كلمته اليوم أمام مجلس النواب المغربي، مستعرضًا أهم النقاط التي ستشكل جوهر العلاقة المغربية-الفرنسية في المستقبل القريب.
وتناول ماكرون مواضيع متعددة ترتكز على شراكات استراتيجية وتطلعات طموحة للنهوض بالتعاون الثنائي في ميادين الطاقة، السيادة الغذائية، التعليم، والمياه، إلى جانب دعم استقرار المنطقة.
شراكة طموحة في مجال الطاقة والسيادة الغذائية:
أشار ماكرون إلى ضرورة "بناء جسور طاقية" بين فرنسا والمغرب، وهو ما يعكس تطلعات الدولتين لتعزيز التعاون في قطاع الطاقة النظيفة والمتجددة.
كما دعا إلى العمل على تطوير سياسة غذائية ذات سيادة تلبي احتياجات القارة الإفريقية، موضحًا أن هذا النوع من المشاريع الحيوية يتطلب تعاونًا وتنسيقًا بين الدول الإفريقية وفرنسا، بحيث يتجاوز التعاون الحدود الاقتصادية ليشمل بعدها الاجتماعي والسياسي، مما يرسخ من الاستقلالية في الموارد الغذائية في وجه تحديات العولمة.
دعم التعليم من خلال شبكات مؤسساتية جديدة:
أبرز الرئيس الفرنسي دور الجامعات والمعاهد في تعزيز التواصل بين شعوب القارة، حيث أشار إلى شبكات "AfricaSupp" في المغرب، والتي تسعى إلى توسيع آفاق التعليم العالي داخل القارة، مؤكداً على دعم فرنسا للجهود المغربية في هذا المجال.
ومن المشاريع المستقبلية التي تم التطرق إليها، تحدث ماكرون عن "أكاديمية الماء"، التي تسعى لتكوين خبراء في مجالات إدارة الموارد المائية، مشددًا على أن هذه المبادرات لا تمثل سوى خطوة أولى في سلسلة من "الثورات" القادمة التي ستحدث تغييرًا ملموسًا في البنية التعليمية والاقتصادية.
مشروع إطار استراتيجي جديد:
في خطوة تعبّر عن عمق التعاون، اقترح ماكرون على الملك محمد السادس توقيع إطار استراتيجي جديد للاحتفال بمرور سبعين عامًا على اتفاق "لا سيل سان دوني"، مما يعكس رغبة فرنسا في تعزيز علاقتها مع المغرب ليكون أول دولة خارج الاتحاد الأوروبي تحظى بهذه الاتفاقية الخاصة.
هذا الإطار، الذي من المرتقب أن يتم العمل عليه منذ الربع الأول من سنة 2025، سيقود علاقة الشراكة إلى مستويات جديدة من التكامل، وسيتم تكليف لجنة مشتركة بمهمة إعداد مقترحات تفصيلية حول كيفية تفعيل هذه المبادرة.
توحيد الأصوات على الساحة الدولية:
إضافةً إلى المشاريع المحلية، أشار الرئيس ماكرون إلى أهمية تقوية التعاون بين المغرب وفرنسا على الساحة الدولية.
إذ يطمح هذا الإطار الاستراتيجي إلى توحيد المواقف المغربية-الفرنسية بشأن القضايا الدولية الرئيسية، لا سيما المتعلقة بمنطقة الشرق الأوسط. فقد أكّد الرئيس الفرنسي على التزام بلاده والمغرب باستقرار منطقة الشرق الأوسط، معبرًا عن قلقه من تدهور الأوضاع هناك.
وأشار إلى أن المغرب وفرنسا تجمعهما قيم مشتركة، وأن هذه القيم ستكون منارةً للشراكة الطموحة بين الدولتين، داعيًا إلى النظر بعيدًا نحو الأجيال القادمة.
خطاب ماكرون أمام البرلمان المغربي كان إعلانًا عن رؤية متجددة تحمل في طياتها التفاؤل لبناء شراكة عميقة ومستدامة بين البلدين، ولم يكن مجرد سرد للعلاقات التاريخية بين البلدين فحسب، بل كان خارطة طريق لمستقبل مشترك في ميادين حيوية تمس جميع مناحي الحياة، من الطاقة والمياه إلى السيادة الغذائية والتعليم.