تساءلت مجلة "جون أفريك" الفرنسية عما إذا كانت "حرب المياه" قد اقتربت بين المغرب والجزائر، وذلك في ظل اندلاع أعمال شغب بسبب العطش في مدينة تيارت الجزائرية، وإغلاق الطرق، ومصادرة شاحنات الصهاريج، واستنكار الأهالي لتقاعس السلطات العامة. وقد أرسلت الحكومة الجزائرية عدة وزراء للاعتذار للسكان ووعدتهم باستعادة الوصول إلى المياه.
وأشارت المجلة إلى موقع سد بخدة الذي يغذي منطقة تيارت، والواقع على بعد أكثر من 500 كيلومتر من الحدود المغربية الجزائرية. حيث اتهم وزير المياه الجزائري المغرب علنًا بالتسبب في الجفاف المتفاقم في بلاده، وذلك خلال المنتدى الدولي العاشر للمياه الذي عقد في مايو الماضي.
وقد صدمت حدة التصريحات التي أدلى بها الوزير الجزائري العديد من الأشخاص، حيث أكد أن "إحدى الدول المجاورة، من خلال سلوكها غير المسؤول، أخلت بالتوازن البيئي، مما أثر بشكل خطير على الحيوانات والنباتات على طول الحدود الغربية للجزائر"، دون أن يذكر المغرب بالاسم. ولم ترد السلطات المغربية على هذه الاتهامات، في حين تجاهلتها وسائل الإعلام المغربية واتهمت الوزير الجزائري بالشعبوية.
وعلى الرغم من التوتر السياسي بين البلدين، إلا أن هناك ترابطًا مائيًا بينهما على الحدود، حيث أوضح محمد سعيد كروك، أستاذ علم المناخ بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، أن المغرب في موقف إيجابي بسبب جغرافيته وتضاريسه وتوزيع أحواضه المائية. ومع ذلك، لا يختلف المغرب عن الجزائر في مواجهة تحديات ندرة المياه بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري.
وأشارت المجلة إلى أن الجزائر يمكن أن تتأثر بالسلوك المغربي في منطقة الحدود، حيث أن بناء السدود عند المنبع في المغرب قد يؤثر على تدفق الأنهار التي تعبر الجزائر. ومع ذلك، أكد البروفيسور كروك أن القوانين الدولية في صالح المغرب في هذه الحالة.
ومن نقاط الخلاف الأخرى بين البلدين، حسب المجلة، هي عواقب استخدام مياه وادي ملوية، الذي يصب في البحر الأبيض المتوسط بالقرب من الحدود المغربية الجزائرية، ووادي غير، أحد أطول الأودية في شمال أفريقيا. حيث أدى الاستغلال المفرط لوادي ملوية إلى انخفاض تدفقه بشكل كبير، مما أثر على المزارعين في المنطقة. وفي المقابل، أعلنت وكالة الحوض المائي لملوية عن تنفيذ برنامج واسع لتنمية إمدادات المياه، يشمل بناء خمس محطات كبيرة لزيادة حجم المياه في الحوض.
كما سلطت "جون أفريك" الضوء على عواقب استخدام مياه وادي زوزفانة، الذي يغذي رابع أكبر سد جزائري، وهو سد جورف توربا. حيث أدى الاستغلال المفرط لهذا الوادي، بالإضافة إلى تقادم المنشآت الهيدروليكية وتشغيل سد قدوسة المغربي، إلى انخفاض تدفق المياه إلى السد الجزائري بشكل كبير.
وفي المغرب، أعلنت السلطات عن مشاريع لبناء السدود في مختلف المناطق، بما في ذلك سد قدوسة الذي بلغت كلفته 650 مليون درهم، وذلك في إطار الاستراتيجية الوطنية الفلاحية "مخطط المغرب الأخضر". ومع ذلك، واجهت بعض المناطق في المغرب، مثل فجيج، احتجاجات من السكان بسبب مخاوف من خصخصة المياه.
وفي الختام، أشارت المجلة إلى أن كلا البلدين يواجهان تحديات مماثلة فيما يتعلق بالإجهاد المائي وتأثيره على السكان. وعلى الرغم من التوتر السياسي، من الصعب تحديد ما إذا كان المغرب يقوم "بشكل ممنهج" بتجفيف السدود ومصادر المياه في الجزائر. ومع ذلك، لا تزال استراتيجيات زيادة موارد المياه في كلا البلدين غير واضحة، في ظل اعتماد بلدان منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط بشكل كبير على موارد المياه العابرة للحدود.