أسماء اغلالو..امرأة حديدية تدرجت في دواليب السياسة قادمة من الاقتصاد والمال

أسماء اغلالو، هي أول امرأة تمسك بزمام السلطة في عاصمة المملكة الرباط، بعد خوضها معركة إنتخابية حادة وشرسة، مع منافسها حسن لشكر عن حزب الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية، جعلت أغلالو المنتمية لحزب التجمع الوطني للأحرار أمام مهمة مثقلة بالتحديات الجسيمة.
لم لا؟ وهي القادمة من عالم الأقتصاد والمال والأعمال ، بعد حصولها على شهادة الدكتوراة في فرنسا سنة 2006، كما أنها ليست طارئة على السياسية والعمل الحزبي، حيث بدأت العمل السياسي منذ سنة 1997، بحزب الإسقلال، وفي سنة 2007 لقيت الحمامة سربها المفقود لتستأنف تحليقها في سماء السياسة وتقتحم عالما كان حكرا على الرجال عن جدارة وتؤكد أن جناحيها لا يعيق رفرتهما عائق..
"امرأة حديدية" بإمتياز، يحق للرباطيات والرباطيين الإفتخار، ليس فقط لكونها أول امرأة ولىيت مهمة عمدة لمدينتهم، بل أيضا لصمودها ومقاومتها ل"مسامر الميدة" ولجرأتها على فضح عدد منهم بكل مسؤولية وشجاعة..
بعد جلوسها في كرسي العمودية وجدت اغلالو تركة كبيرة من طرف زميلها السابق عن حزب العدالة والتنمية، ووجدت نفسها أيضا أمام تحديات تصفية الإرث والإجابة في نفس الوقت على الأسئلة الحارقة لمواطني العاصمة، والإنصات إلى جراحهم الغائرة لعقد من الزمان على الأقل، ووجدت عجزا ماليا كبيرا يقدر بعشرون 20 مليارا، تستوجب تسديدها للقضاء.
اغلالو، ليست فاعلا سياسيا ظهر فجأة أو "قطر بيها السقف"، فقد تدرجت في العمل السياسي الميداني، وتولت عددا من المناصب بعد التحاقها بحزب الجمع الوطني للأحرار، بداية من إنتخابها برلمانية، وعضوا بلجنة المالية والتنمية الإقتصادية، ثم أمينة لمجلس النواب وعضوا في المجلس العالمي للمياه..
اغلالو، مباشرة بعد إنتخابها رئيسة لمجلس المدينة، أقرت بحجم التحديات التي تواجهها للإضطلاع بالمهام المنوطة بها على أكمل وجه. وقالت في أولى تصريحاتها للصحافة :"نحن نلتزم بالعمل وبعدم إدخار أي جهد من أجل رفع التحديات وتحقيق انتظارات الساكنة الرباطية..،أنا عمدة للأغلبية وللمعارضة، وسأعمل من اجل مصلحة هذه المدينة وساكنتها...العاصمة الإدارية والثقافية للمملكة تستحق التفاتة جد قوية".

وتضع غلالو نصب أعينها الإرتقاء بالعاصمة إلى أعلى المراتب، إذ قالت "اليوم يتحتم علينا جميعا بذل مجهودات مضاعفة لمصلحة مدينة الرباط وساكنتها"، والعمل في إتجاه تحقيق طموحاتها، والإستمرار في مشاريعها المهيكلة الكبرى، بما يجعلها قاطرة للتنمية وطنيا وقاريا.
فالحضور المتميز لأسماء اغلالو في المجال السياسي، لم يجعلها في منأى عن إنتقادات شديدة من قبل خصومها خلال بدايتها في تدبير الشأن العام، لكن غلالو التي وصفت إنتخابها "يوم تاريخي" لكونه يؤرخ لإنتخاب، لأول مرة ، إمرأة عمدة للرباط، لا تعرف الإستسلام .
وأعتبرت اغلالو في إحدى تصريحاتها أن إنتخاب ثلاث نساء على رأس مجالس مدن كبرى، يمثل "أكبر دليل على أننا بلد متقدم وعلى إحترامنا دستور 2011 واحترامنا لمبدأ المناصفة" ، مؤكدة حرصها على مواكبة التحولات والديناميات الجديدة التي تعيشها المملكة، والإنخراط الواعي والمسؤول في الأوراش التنموية؟.
المقربون من أسماء اغلالو يعرفون طبيعة إشتغالها وصرامتها في معالجة الملفات والوقوف على كل صغيرة وكبيرة تهم الشأن الرباطي بأقتدار.
ولعل وضع الثقة في نساء وإنتخابهن لرئاسة المجالس الجماعية من قبيل أسماء أغلالو، يعبر عن إرادة سياسية أكيدة وتحول نوعي وإيجابي في تعاطي الهيئات السياسية مع تمثيلية المرأة.
والملاحظ، حسب عدد من المتتبعين والمهتمين، أن هذا الزخم الذي تحقق على مستوى رئاسة مجلس مدينة الرباط، غير المسبوق، هو تكريس واضح لمضامين الدستور القاضي بتحقيق المناصفة بين الجنسين وتشجيع تكافؤ الفرص بين النساء والرجال في ولوج المجالس المنتخبة.
ومشاركة النساء في الحياة السياسية وتدبير الشأن المحلي يعتبران ضرورة في تقوية البناء الديمقراطي وتحقيق التنميةالإقتصادية والإجتماعية، ويعد دعامة أساسية لتجسيد مضامين لدستور 2011 الذي يفرض السلطات العمومية على إتخاذ التدابير الملائمة لتحقيق توسيع وتعميم مشاركة النساء في التنمية الإجتماعية والإقتصادية والثقافية والسياسية للبلاد، ، بإعتبارهن فاعلات محوريات في ربط الإتصال بين السياسية والمجتمع.
وقد تعزز هذا الحضور اللافت للنساء في إنتخاب عدد غير مسبوق منهن على رأس عدد من الجماعات، مما جعل هذه الاستحقاقات محطة أساسية لتكريس دورهن في صنع القرار المحلي، وفرصة لضخ دماء جديدة في دواليب العمل الجماعي ، وكذا تعزيز الثقة في قدرتهن على التجاوب أكثر مع تطلعات الساكنة.
فلاشك أن إنتخاب نساء على رأس مجالس المدن يمثل طفرة نوعية في تدبير الشأن المحلي بالمغرب ومكسبا ديمقراطيا حقيقيا سيسهم حتما في النهوض بالتمثيلية النسائية في المشهد السياسي الوطني، وهي التمثيلية الي ليست لتأثيث الفضاء والمشهد السياسي فقط، بل لكفاءتهن المعبر عنها ميدانيا وخير دليل على ذلك أسماء اغلالو

كما أن الإصلاحات التي باشرتها المملكة على مختلف المستويات، في سبيل تحقيق المناصفة بين الجنسين، ساعدت ، وستساهم على تعزيز حضور المرأة المغربية سواء في الحياة السياسية أو في مختلف جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والرياضية.


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.