لندن: التئام ثقافات مختلفة شهر الصيام ضمن أجواء روحانية ملؤها التآزر

على غرار كافة العواصم الغربية، يقضي مسلمو لندن شهر رمضان المبارك ضمن أجواء روحانية تبدد ضباب المدينة، وتخفف من وقع الحنين الى الاقارب والوطن.

ويلتئم خلال الشهر الفضيل، بهذه المدينة التي يفوق عدد سكانها ثمانية ملايين نسمة، على الخصوص، آلاف المغاربة والسوريين، واللبنانيين والباكستانيين، والماليزيين، والإيريتيريين والعراقيين، من أجل أداء صلوات التراويح، وتقاسم وجبات الإفطار الجماعي في أجواء من الود والتآخي.

وبغض النظر عن رسالة الوحدة والتعايش، والتآزر ، التي يجسدها هؤلاء المؤمنين خلال تجمعهم بمسجد المنار بلندن، فان هذا المزيج الثقافي يعطي صورة مدهشة، تعكس انصهار مختلف الجاليات المسلمة عبر تبادل ثقافي وروابط انسانية بين أفرادها تجسد قيم هذا الشهر المبارك.

وتشكل هذه اللقاءات أيضا مناسبة لمعرفة التقاليد، والاطلاع على فنون الطهي في كل بلد.

ويجمع مركز المنار للتراث الإسلامي، الذي أنشىء في ماي 2001 بشمال كينسنغتون، غرب لندن، والذي يحتضن موائد الافطار الجماعية،كل سنة نحو الفي مسلم بعد صلاة العشاء.

وقد يصل هذا الرقم إلى ثلاثة آلاف شخص خلال العشر الاواخر من رمضان بحسب رئيس المركز عبد الرحمان السيد، الذي صرح لوكالة المغرب العربي للأنباء "هنا يلتقي الطبيب والسائق، والعاطل والطالب في نفس القاعة ويتقاسمون نفس الوجبة.انه شعور متين بالاخوة والوحدة الاسلامية".

وأضاف أن المركز يحتضن أيضا ندوات دينية، وجلسات للتوجيه الاجتماعي بعد صلاة العصر، مشيرا إلى أن المركز برهن عن ريادته في مجال التضامن، حيث تقدم العديد من المطاعم اللبنانية والباكستانية والماليزية وجبات مجانية أو بتخفيضات خاصة.

ومن تمظهرات روح التقاسم والتآزر خاصة لدى الشباب، تطوع العديد منهم، من أجل ضمان السير الجيد لهذه التجمعات، خاصة على الصعيد الأمني بعد الهجمات التي استهدفت مؤخرا نيوزيلاندا، وسريلانكا.

وقال ألتاموش خان، أحد المتطوعين الشباب (افغانستان) الذين يتولون السهر على أمن المسجد ،في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء إن الأجواء الرمضانية والإنسانية والثقافية في هذا المركز "غير مسبوقة".

من جهته أكد شابير وهو أربعيني من بنغلادش ،يشتغل في القطاع البنكي أنه يجد في هذه الافطارات الجماعية "فرصة للقاء الاقارب والابتعاد عن أجواء الضغط اليومي".

وقال "في لندن نعيش وتيرة جهنمية ونادرا ما يتوفر الوقت للالتقاء. نلتقي في هذا الفضاء، من أجل الصيام والصلاة وتقاسم وجبات الافطار، هذه هي روح رمضان".

اما نادية وهي مغربية تتحدر من مدينة العرائش، والتي تطوعت لتنظيم عملية الافطار الجماعي، فتعتبر ان هذه اللقاءات "تشكل فرصة للتعريف بالثقافة المغربية، والاطلاع اكثر على الثقافات الاخرى".

واضافت ان المغرب حاضر في هذا المزيج الثقافي من خلال بعثة الائمة والمرشدين الذين أوفدتهم وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية ومؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج.

وبحسب القنصل العام للمملكة المغربية ببريطانيا ،خالد المجددي، فانه تم ايفاد ثلاثة ائمة الى انجلترا منذ بداية رمضان، اثنان منهم في لندن والثالث في مدينة ليسيستر.

وضمن روح التقاسم التي تسود خلال شهر رمضان المبارك، احتضنت كاتيدرائية سان – بول بلندن خلال احد ايام الشهر الفضيل ، لاول مرة في تاريخها افطارا دعي اليه افراد من ديانات مختلفة بحضور عمدة لندن الذي اكد بالمناسبة ان مدينة لندن "تعمل ليس فقط على قبول الاختلاف بل ايضا احترامه . نعمل على بناء الجسور وليس الاسوار".

يشار الى ان الاسلام يعتبر الديانة الثانية في بريطانيا. وتضم لندن 12،4 في المائة من المسلمين وراء مانشيستر (15،8 في المائة) وبرمينغهام (21،8 في المائة) وبرادفور (24،7 في المائة).

وبحسب نتائج الاحصاء الوطني الذي انجز سنة 2016 ،يبلغ عدد المسلمين ببريطانيا العظمى ثلاثة ملايين و114 الف و992 شخص ضمنهم ثلاثة ملايين و46 الف و607 يعيشون في انجلترا او بلاد الغال، 50 في المائة منهم ازدادوا خارج المملكة المتحدة.

*نبيلة زورارة


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.