حول التدبير الجديد للميزانية العامة

مقال رأي: خاليد صالح

 

إذا كان المغرب قد عزز انفتاح تدبيره للميزانية العامة من خلال الاعتماد في فترة من الفترات على ميزانية الوسائل خاصة مع القوانين التنظيمية للمالية وصولا لسنة 1998 وسنة 2000. وما لحقها من إعتماد تدريجي لأليات جديدة في تدبير الميزانية من قبيل التدبير المندمج للنفقات وشمولية الاعتمادات إلى جانب إمكانية تحويل الاعتمادات داخل نفس الفصل...، فإنه قد عزز ذلك بترجمة تدبير جديد للميزانية قائم على النتائج كإطار عام عام للتدبير العمومي المبني على النتائج، ذلك ان القانون التنظيمي للمالية رقم 130.13 لسنة 2015، قد رسم معالم هذا التحول الجوهري من خلال المؤشرات التالية :
-تبني برمجة جديدة للميزانية قوامها البرامج والمخططات المالية المتعددة السنوات، حيث أصبح من اللازم على كل قطاع حكومي إعداد برمجة لميزانية القطاع لثلاث سنوات تقدم برفقة مشروع ميزانية القطاع باللجنة المعنية أثناء مناقشة مشروع قانون المالية؛
- تبويب جديد للميزانية يقوم على النتائج بدل الوسائل، إذا أصبح تبويب الميزانية يقوم على توزيع نفقاتها في أبواب في فصول منقسمة إلى برامج وجهوات ومشاريع أو عمليات، كما تقدم نفقات الوكالات ذات التدبير المستقل في فصول منقسمة إلى برامج وجهات ومشاريع أو عمليات، إلى جانب نفقات الحسابات الخصوصية التي تقدم في برامج منقسمة إن اقتضى الحال إلى جهات ومشاريع أو عمليات، وهو ما يسمح بتوسبع هامش تدبير الأمر بالصرف للاعتمادات المفتوحة داخل البرامج والجهات والمشاريع أو العمليات، مما يتيح قياس نتائجها في أخر السنة، خاصة وأنها تقدم وفقا لبرنامج نجاعة الأداء كإطار لتحديد النتائج المراد بلوغها إلى جانب تقييم نتائجها وفقا لمؤشرات محددة ومرقمة؛
-تبني أسلوب للتدبير بحسب الأهداف كإطار للتخطيط الاستراتيجي للموارد والنفقات العمومية، بما يتيح إمكانية تجويدها وقياس مدى نجاعتها واقتصادها وفعاليته؛
-لاتمركز الاعتمادات المفتوحة بالميزانية العامة من منظور جهوي يخول لمدراء المصالح اللاممركزة الجهوية التحكم والتخطيط لمجموع النفقات المخولة لهم، تماشيا مع حجم الاختصاصات التي سيتم نقلها لهم من الإدارات المركزية وفقا للتصور المشار إليه على مستوى ميثاق اللاتمركز الإداري الصادر سنة 2018، والذي سينقل العديد من الاختصاصات للمصالح الجهوية المعنية في أجل 3 سنوات الموالية لتنفيذه.
إنه تحول جديد قيوامه التخطيط للنتائج والحرية في التدبير المعقلن للنفقات العمومية، بما يسمح بتبني اسلوب جديد للتدبير العمومي المرتكز على النتائج، حيث النتيجة أولى من الوسيلة، والنجاعة والفعالية في الأداء لا يحجب المشروعية في التصرف، بل تكامل بين الجانبين معا بما يخدم عقلنة الموارد والنجاعة والفعالية في تنفيذ البرامج والمشاريع التنموية.

 

 

(*) دكتور في القانون العام


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.