معالي الوزير

شكرا يا رئيس الوزراء.. يا رئيس حكومة الظل والنبلاء.. يا من جادت به قريحة العظماء.. شكرا لاستيعابك لرسائل الفقراء.. على استجابتك لنداء آخر مستضعف في البلاد.. شكرا لتفهمك على أن التواضع هو الإنسان.. شكرا لمن أوفى بعهوده بدون استثناء.. وأسعد الشعب حتى أصبح الجهل والفقر في خبر كان.. شكرا على حرصك الشديد ألا ينام أحد جوعا.. أو يسجن ظلما.. أو يموت غدرا.. تحت أو فوق القناطر ليلا.. شكرا لأنك رفضت التمييز بين المصالح العليا والدنيا.. وأعلنت حربا ضروسا على اللصوص.. أعلنت حالة تأهب قصوى في البلاد.. للبحث عن شيء اسمه الفساد.. شكرا لأنك سهرت الليالي من أجلنا كي ننام.. رغم انتهاء صلاحياتك يا رئيس الوزراء.. شكرا لأنك استطعت بنباهتك الفصل بين مصالح الشعب والنظام.. وهل تستوي المصالح والسلط يا همام ؟.. شكرا لأنك استطعت أن تخترق الحدود.. وتزعزع الثقة.. هذا ما لم يستطع الاستعمار نفسه التطاول عليه.. زعزعة توازن الهرم، أصبح من أهم هواياتك يا أخي..

شكرا على رفضك مس مصالح الأغنياء.. كيف ذلك فهم بجانبك حماة الفساد.. عفوا حماة البلاد.. شكرا يا هبة من السماء.. شكرا لأنك رفضت إستحمار الأرامل والضعفاء.. شكرا على المدارس والمستشفيات التي شيدتها في الجبال..على إصلاح الإدارة التي عمر العفاريت بها طويلا.. على تواصلك الدائم  وفك العزلة عنا.. على فرص التعليم الراقي الذي وفرته لأبنائنا.. على المناصب السامية التي حرصت حكومتك الموقرة ألا تكون إلا من نصيب أبنائها البررة.. شكرا على اتخاذك لخيارات إستراتيجية مفادها كرامتنا.. شكرا على تواضعك الملفت.. حتى أصبحت الشمس تشرق من "حي الليمون" ليلا.. شكرا على ازدهار البلاد وتوزيع الثروات.. حتى أصبح توازننا يحير العلماء.. أنت من جعلت وزان تسرق الأنظار.. وبولمان مدينة الأنوار.. و وجدة بفضلك تصافح وهران.. وسجون القنيطرة تغلق الأبواب.. يا من جعلت الأسعار كالصواريخ تصعد.. وجعلت الناس رغم ذلك تصمد.. وجعلت الاحتجاجات بكلمة واحدة تخمد.. نحمد الله على عظمة خلقه فيك.. وهل من عظيم شهده التاريخ مثلك؟.. بسببك اعتزلتني كل الأحزان.. بسببك اعتزلت كل الأحزاب.. بسببك كفرت بي كل الأديان.. بسببك سأكف عن كتابة الشعر وسأحلق شعري.. وأكتفي باللباس الأسود الطويل.. سأصلي بدلا عن خمس، سبع صلوات في اليوم.. ما أسعدنا بك رئيسا لا يكل ولا يمل.. وما أسعدك بنا شعب على الرصيف ينام.. ما يزيدنا فخرا ويزيدك شموخا يا معالي الوزير، هو رفضك لسيارات مصفحة تميزك، لحراس لن يحرسونك.. وكيف ذلك وأنت تعلم مثلي أن فعل الخير.. وحب الناس.. وقول الحق هو الحافظ من كل داء.. بذكائك جعلت كل الصفات تليق بك.. وكل الصفقات تمت بمصادقتك.. كل حكومات الدنيا تغار من انجازاتك.. ها هي ذي طوكيو ومدريد.. برلين وباريس.. مهووسة بنموذجك.. وها هي ذي الجارة تضع اعترافها.. فداك يا أعظم رئيس حكومة عرفته المملكة.. هنيئا لنا بك.. فاسعد، رضي الله عنك..

شكرا لأنك جعلتني أعود لنقطة الصفر.. فالرجوع إلى الصفر أصل.. جعلتني أكفر بكل النصوص والمواثيق.. فشكرا لتشييدك لآلاف المساجد.. تذكرنا مآذنها بأنك عظيم وبأن الله موجود.. وأننا خير أمة أخرجت للناس.. أمة وجدت لتطيع وتركع.. ما أعظمك خليفته في الأرض.. وما أعظمنا شعب يليق بك.. لن نقبل أبدا برئيس سواك.. أمة مسالمة فوضت أمرها لله ولك.. شكرا لأنك غيرت مصير أمة بأكملها.. كانت على وشك الإقلاع.. لولا لطف الله وحكمتك يا رئيس الوزراء..

شكرا وألف شكر لك.. حينما حولتني من مشروع امرأة حالمة رقيقة.. إلى امرأة حزينة تشبه شهرزاد.. من امرأة حيرها السؤال.. إلى امرأة معتكفة فضلت التسبيح وقراءة القرآن.. من امرأة متعددة الروافد والمواهب.. إلى امرأة يسكنها الحنين لغابر الأزمان.. تتماهى بالمتسلط وتعشق العطر الثمين.. أخرجتني من مملكة بلقيس التي حيرت التاريخ.. إلى عالم امرأة مطيعة أصبح عقلها عقيم.. من امرأة يسكنها الإصرار والمثابرة، إلى امرأة تكتفي بالتربص وانتظارك ليلا.. من امرأة اختارت السيف والقلم إلى امرأة عانقت الأقدار.. من امرأة استهواها فردريك نيتشه وألبير كامو.. من امرأة تاهت بين صفحات "أخلاق السادة وأخلاق العبيد".. بين "المسافر وظله" و"الغريب".. استدرجتها روائع بيتهوفن وموزارت الشهير.. من امرأة كانت تهوى الحياة والنغم.. إلى امرأة أصبح همها الوحيد هو عذاب القبر.. تحرس خصلات شعرها كي لا تحرقها نور الشمس أو تطير.. شكرا لخوفك علي من شرارة نار الجحيم.. وشكرا لأنك تذكرني دائما بقصة وأد البنات.. حتى أكثر من الصلوات.. وشكرا لأنك غيرت مجرى تاريخ امة بتسعين ألف درهم.. جعلتنا شعبا وديعا.. كاد الحمل بالغبن يغير.. يا رجلا استطاع بذكائه جعل العقل يطير.. عن النقل لن نستقيل.. يا من حولني من امرأة عاشقة لذاتك.. إلى جارية تقبل بتقسيمك على أربعة نساء.. شكرا على عدم السماح لي بتحقيق أحلامي.. فالأحلام تموت حينما يحققها أمثالي.. شكرا جعلتني أتنازل عن طموحي.. فما الإبداع إلا رجس من عمل الشيطان.. (يتبع).


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

2 تعليقات
  1. نبيل العزوزي يقول

    قال يسار بن نمير: سألني عمر بن الخطاب كم أنفقنا في حجتنا هذه؟ قلت: خمسة عشر دينارًا – أو سبعة عشر دينارًا – فقال: قد أسرفنا في هذا المال.
    هكذا يحاسب عمر – وهو الخليفة – نفسه على الإنفاق من بيت المال، وبهذا صار قدوة حسنة لرعيته، فكان إذا حاسبهم على شيء من المال لم تضق نفوسهم بالمحاسبة لما يعلمون من صدقه وورعه.
    هذه نماذج من المثل الأعلى الذي يحتذى به من طرف الأجيال، الجري وراء المادة، والاغتناء السريع وعدم التشبع بالقناعة هذا مايعيشه مجتمعنا ، أزمة روحية وأزمة قيم (يقولون مالا يفعلون…

  2. العلام يقول

    المغاربة عاشوا تجارب حكومات عدة ووزراء فيهم من لازالوا يتذكرونهم بالخير وفيهم من نسوهم وسامحوهم هذا ماجعلهم يردخون للوزراء المتواضعين المتقين الذين يصلون معهم في الجوامع ملتزمين بالأخلاق منزهين عن الشبهات يحمدون ربهم على لطف الله على وعسى على يدهم يأتي الفرج …
    الوضعية خطيرة ، فقدان الثقة، الإحباط ، علامات الساعة
    الفقيه اللي كانتسناو براكتو ادخل لجامع ببلغتو