مرحلة القلق والغموض

يواجه  المهتم بالشأن المغربي العام  أسئلة  متعددة ومحرقة  حول الوضعية العامة للبلاد . فعلا هناك أمن، هناك  استقرار ،هناك مؤسسة ملكية تشتغل وفق أجندة استراتيجية  متعدد الابعاد  للمحافظة على التوازنات، هناك أوراش مؤسساتية  واصلاحية كبرى مفتوحة  ، هناك مشاريع  ضخمة  في طريق الانجاز  هناك وهناك ……..لكن الى جانب هاته القضايا الايجابية هناك قلق وغموض عام  بالمغرب حول وضعية السلط ، حول نمط السياسات العمومية، حول دور النخب  والاعلام  والاحزاب ,حول نمط النموذج التنموي  الجهوي والوطني الذي يطمح اليه المغرب، حول الفساد الاداري والقضائي ، حول  انتشار كل أشكال العنف والتهميش والفقر، اتساع دائرة الريع بكل أشكاله ، حول كارثية مجالات الصحة والتعليم والتشغيل الخ.

بالنسبة للسلط هناك ثلاث سلط  القاسم المشترك بينها هو الموقف السلبي للمواطن منها وتراجع أدائها رغم ما منحها دستور 2011  من  صلاحيات موسعة .

بالنسبة للسلطة التنفيذية أي الحكومة  فهي تعاني من عدة أزمات :

1 أزمة تواصل مؤسساتي ومهني مع الرأي العام حول القضايا التي تهم  قضايا الوطن.

2  عدم الانسجام الواضح  بين  مكوناتها .

3  ضعف حكامتها الجيدة .

4  عجز الفريق الحكومي الالتزام بالبرنامج الحكومي / التعاقدي مع الشعب  والذي  على أساسه تم تنصيبها برلمانيا بعد تعينها من طرف صاحب الجلالة.

5  عدم تفاعلها المسؤول مع كل أشكال الاحتجاجات التي تعرفها البلاد.

6  عدم تفعيل ميثاق شرف الاغلبية  الحكومية للحد من الصراعات المجانية بين مكوناتها.

7  ضعف سياساتها العمومية  وتدبيرها للشان العام.

8 عجزها التحكم  في القدرة الشراعئية للمواطن .

9 فشلها في مواجهة اللوبيات وكل أشكال الريع والفساد والاحتكار.

10  نهج الانتظارية القاتلة .

11 العيش على تدبير أزماتها وتصدعاتها الداخلية الخ

بصفة عامة  يمكن القول انه رغم جهود الحكومة فان وضعيتها اصبحت تقلق الرأي العام  وتطرح اكثر من سؤال حول بقائها الى نهاية ولايتها أي سنة 2021، بل هناك من يصفها بانها مجرد حكومة تصريف اعمال.

بالنسبة للسلطة التشريعة أي البرلمان بمجلسيه: حال السلطة التشريعية اي البرلمان بمجلسيه  ليس بأحسن حال من الحكومة ان لم نقل انها الاسوأ  في تاريخ الحياة البرلمانية بالمغرب حيث لاحظ الكل تراجع المؤسسة التشريعية :

1 تشريعا  ضعف كبير في نوعية مقترحات القوانين  ورداءة انتاجها شكلا ومضمونا كما وكيفا.

2  معاناة خطاب النخب البرلمانية من شعبوية  خطيرة  ومن ضعف وركاكة في التركيب ومن فراغ سياسي مهول.

3 سلوك  البرلمانيين داخل البرلمان وخارجه وصل الى درجة الشفقة.

4 الاستمرار في ترسيخ ظاهرة الغياب  والاستهتار بمنصب النائب البرلماني

5 ضعف وردائة الاسئلة بالجلسات العمومية حيث ان  بعض السادة البرلمانين   لا يميزون بين دور البرلماني ودور المستشار الجماعي.

6  ضعف الاداء الدبلوماسي للبرلمان.

7  الاستمرار في تقوية ثقافة الزبونية والريع والتدخلات وتوزيع المناصب ليس على حساب الكفاءة بل على حساب القرابة.

8  الاستمرار في تشويه صورة البرلمان كمؤسسة دستورية.

9 ضعف التنسيق المؤسساتي بين مجلس النواب ومجلس المستشارين .

10 تراجع توفر البرلمان على نخب ذات الاشعاع الجهوي والوطني والدولي  مقابل هيمنة اصحاب المال والاعيان.

11 ضعف أداء نواب اللائحة الوطنية ومعنى تواجدهم الشكلي بالبرلمان  رغم كونها ريعا سياسيا.

12 عدم الالتزام السياسي  للنخب البرلمانية لا بالنسبة  لتوجهات احزابهم او بالنسبة  لمواقف فرقهم البرلمانية.

قد يطول الحديث عن » امراض  » البرلمان المغربي بمجلسيه ، لكن  بصفة عامة نقول  رغم تنظيم  الانتخابات التشريعية ل 7 اكتوبر 2016  في نطاق دستور 2011  فانها شكلت ردة سياسية  أفرزت نخبا برلمانية « غير مؤهلة  ضعيفة ومتخلفة ثقافيا سياسيا وقانونيا ودستوريا »  وانتجت برلمانا  مكلف ماليا مقابل ضعف في المردودية  امام دستور متقدم وملكية  دينامية .

بالنسبة للاحزاب السياسية : أمر محير عند الحديث عن الاحزاب السياسية المغربية  :

1 سمو  دستور ي مقابل انحطاط  حزبي. دستور  2011 سما بها  ومنحها صلاحيات مهمة  لكن  أدائها كوسائط اجتماعية تراجع بشكل رهيب، وأصبحت الاحزاب لا تتقن الا ثقافة الانبطاح  وانتظار الاوامر والتعليمات لتتحرك ،انها طامة كبرى .

2 عدم التزامها بمضامين الديمقراطية التشاركية التي نص عليها الدستور.

3  تدبير قادتها لاحزابهم وفق عقلية دستور 1996 وليس وفق عقلية دستور2011 .4 تراجع أداءها التأطيري والتمثيلي.

5  الاستمرار في ترسيخ  ثقافة التقديس للزعيم وليس  تقديس لمؤسسة.

6 تراجع  نسبة المنخرطين بشكل مخيف لدى الاحزاب.

7 الاستمرار في ترسيخ ثقافة التدبير الفردي بدل التدبير المؤسساتي.

8 غيابها  في الاحتجاجات الشعبية  ورفض مكونات المجتمع المدني مشاركة الاحزاب  فيها.

9  هيمنة أصحاب المال والاعيان  على حساب النخب في الهياكل الحزبية .

10  الاكتفاء بتدبير أزماتها وتصدعاتها الداخلية  على حساب الاهتمام بأمور المواطن.

11 استمرار قادة الاحزاب امام صمت الدولة  في خرق  قوانين وأنظمة الاحزاب.

12 أحزاب  فاقدة لمرجعيات فكرية واضحة  وملتزمة بها مما أفقدها  مبدأ الجاذبية.

13 أحزاب أفقدت للسياسة قيم النبل والمصداقية.

بصفة عامة  يمكن وصف واقع الاحزاب المغربية  بالبئيس وبالموت الكلينيكي للفاعل السياسي، فالمشهد الحزبي يمر اليوم بأحلك فتراته خطابا وممارسة مما جعله يفقد  ثقة المواطن في الاحزاب وفي كل المؤسسات التي تنتجها الانتخابات وهذا ما اكدته نسب المشاركة في الانتخابات الجزئية الاخيرة التي عرفتها البلاد.

في نهاية  هذا المقال نقول،  قد تختلف المقاربات وآليات التقييم  لكن هناك شبه اجماع  حول غموض وقلق المرحلة الحالية على اكثر من مستوى ، وبالمناسبة نشير اننا لا نهدف بهذا المقال جلد المؤسسات الدستورية  :

أي الحكومة والبرلمان والاحزاب السياسية  لانها ضرورة  لاي انتقال ديمقراطي بل نجلد آليات اشتغالها ومنهجية عملها، وننقد عقليات النخب التي تسيرها  لكونها  لم تستوعب  بعد التغيرات التي يعرفها المغرب والعالم ، لأن تحديات المغرب الوطنية والجهوية والاقليمية والدولية في كل المجالات  بحاجة لحكومة وبرلمان واحزاب قوية  تجعل المغرب يتقدم بوتيرة واحدة وليس بوتيرتين:  وتيرة سريعة  ودينامية للمؤسسة الملكية مقابل  وتيرة  بطيئة وروتينية للحكومة وللبرلمان وللاحزاب في ظل  سياق عام وطني واقليمي ودولي  مضطرب  لا مستقبل فيه لدول او لمؤسسات ضعيفة لا تتقن الا انتاج الرداءة.


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.