انضمت المملكة المتحدة إلى 27 دولة أخرى في إدانة إسرائيل لحرمانها الفلسطينيين من “الكرامة الإنسانية”، حيث أصدر وزير خارجيتها دعوة إلى وقف فوري للحرب في غزة.
وأدان وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، الهجوم الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، مؤكدا أن “الوضع لم يعد يحتمل”، ومطالبا بوقف فوري لإطلاق النار، وبتحرك دولي عاجل لإنهاء المأساة الإنسانية غير المسبوقة في القطاع المحاصر.
وقال لامي، خلال جلسة في مجلس العموم البريطاني، إن حكومته “ستدرس اتخاذ إجراءات أخرى مع شركائها إذا لم تتوقف الحرب”، مشددا على أن “استخدام الغذاء كسلاح في غزة أمر مرفوض تماما”، في إشارة إلى الحصار والتجويع المتعمد للسكان.
وانتقد لامي خطة نقل 600 ألف فلسطيني إلى ما تسمى بـ “المدينة الإنسانية” في رفح، واصفا إياها بـ”غير المقبولة إطلاقا”.
وجاءت هذه التصريحات في أعقاب انضمام بريطانيا إلى 27 دولة– من بينها بريطانيا وفرنسا وكندا واليابان ونيوزيلندا – في بيان مشترك يدين سياسات إسرائيل تجاه المدنيين في غزة، لا سيما ما يتعلق بمنع دخول المساعدات واستخدام الغذاء كسلاح حرب، ويطالبها برفع القيود عن دخول المساعدات الإنسانية فورا.
وشدد الوزراء على أن “معاناة المدنيين في غزة بلغت أعماقا جديدة”، مستنكرين قتل المئات ممن كانوا يحاولون الحصول على مساعدات غذائية. كما اتهموا إسرائيل بحرمان الفلسطينيين من “الكرامة الإنسانية”، واستخدام “نموذج إيصال مساعدات خطير” يغذّي الفوضى، ويفتقر إلى الحد الأدنى من الإنسانية.
وقال لامي إن الغارات الإسرائيلية الأخيرة، التي استهدفت المدنيين في دير البلح، “غير مبررة عسكريا”، متسائلا: “ما هو المبرر العسكري الممكن لغارات تقتل أطفالا جائعين؟”.
وكان الجيش الإسرائيلي قد وسّع هجومه يوم الاثنين ليشمل دير البلح، حيث تتركز الجهود الإنسانية، في الوقت الذي شهد فيه يوم الأحد مذبحة مروّعة استشهد فيها 85 فلسطينيا كانوا يصطفون للحصول على دقيق من قافلة مساعدات أممية، بحسب برنامج الأغذية العالمي.
إعلان
كما انتقد لامي تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، حول خطة التهجير إلى رفح، معتبرا أنها “رؤية قاسية لا يجب أن تتحقق”، وتشكل انتهاكا صارخا للقانون الإنساني الدولي.
وفي ظل هذا التجاهل الإسرائيلي، أكد لامي أن بلاده لا تستبعد اتخاذ خطوات إضافية، قائلا: “نواصل النظر فيما قد نحتاج إلى القيام به أكثر من ذلك”.
فرنسا تدين الانتهاكات الإسرائيلية
كذلك، دان وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، الهجمة البرية الإسرائيلية الجديدة على قطاع غزة، واصفا إياها بـ”الفضيحة” التي لا يوجد لها أي مبرر، مطالبا بوقف فوري لإطلاق النار، والسماح للصحافة الأجنبية بالدخول إلى القطاع لكشف حقيقة ما يجري على الأرض.
وفي تصريحات عاجلة أدلى بها يومي الإثنين والثلاثاء، قال بارو إن “الوضع الإنساني في غزة غير مقبول”، مؤكدا أن “ما يحدث هناك فضيحة ويجب أن يتوقف فورا”.
وأضاف: “لم يعد هناك أي مبرر للعمليات العسكرية للجيش الإسرائيلي في غزة”، معتبرا أن توسيع العمليات نحو مدينة دير البلح سيؤدي إلى “مزيد من الكوارث وعمليات التهجير القسري”، بحسب تعبيره.
وفي مقابلة مع إذاعة فرانس إنتر من شرق أوكرانيا، دعا بارو إلى تمكين الصحافة الحرة والمستقلة من الدخول إلى قطاع غزة لتوثيق ما يحدث.
وقال: “أطلب السماح للصحافة بالوصول إلى غزة لتكون شاهدة على ما يحدث هناك”، في إشارة إلى الحظر الإسرائيلي المستمر منذ 7 أكتوبر على دخول الصحفيين الدوليين إلى القطاع.
وجاءت تصريحات الوزير الفرنسي بعد أن دقّت نقابة الصحفيين في وكالة الأنباء الفرنسية ناقوس الخطر بشأن سلامة مراسليها الفلسطينيين في غزة، مطالبة بتدخل فوري لإجلائهم مع عائلاتهم.
وذكرت الوكالة أن أحد مراسليها أبلغ بأن شقيقه الأكبر توفي بسبب الجوع، في ظل الكارثة الإنسانية المتفاقمة في القطاع.
وأكد بارو أن بلاده “تعالج هذه المسألة”، معربا عن أمله في “إجلاء بعض الصحفيين المتعاونين مع وكالات الأنباء في الأسابيع المقبلة”، في ظل تفاقم المخاطر الأمنية والإنسانية التي تهدد حياة الصحفيين في غزة.
“لا يمكن تبرير قتل آلاف المدنيين”
من جهته، أكد وزير الداخلية الأسترالي توني بورك أن الغارات الإسرائيلية التي أودت بحياة آلاف المدنيين في قطاع غزة “لا يمكن تبريرها”، مشيرا إلى أن الصور الواردة من القطاع “واضحة للغاية” وتعكس “مذابح مروّعة”.
وأكد بورك في تصريحات لصحيفة الغارديان أن أستراليا “ترغب في رؤية نهاية فورية للحرب”، وأضاف: “لقد رأينا صورا مروعة للأطفال الذين يُقتلون، والكنائس التي تُقصف، ولا يمكن تبرير هذه الأعمال بأي حال”.
ورغم الإدانة الدولية، دافعت إسرائيل عن عملياتها، ورفضت البيان المشترك، إذ اعتبرته وزارة الخارجية الإسرائيلية “منفصلا عن الواقع” ويبعث برسائل خاطئة لحركة حماس.
وقال السفير الإسرائيلي في أستراليا أمير ميمون إن البيان “يتجاهل مسؤولية حماس عن الحرب والمعاناة”، وإنه “غير مفيد” في وقت تجري فيه مفاوضات بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى.
ومن المقرر أن يشهد البرلمان الفيدرالي الثلاثاء تظاهرات وفعاليات تنظمها منظمات إغاثية، منها منظمة العفو الدولية وأطباء بلا حدود، تطالب بموقف أكثر حزما تجاه الأزمة الإنسانية في غزة.وستُقام وقفة احتجاجية لمدة 24 ساعة يتم خلالها قراءة أسماء أكثر من 17 ألف طفل فلسطيني قُتلوا في الهجمات الإسرائيلية.
كما يعتزم حزب الخضر تسليم رسالة مفتوحة إلى رئيس الوزراء أنتوني ألبانيز موقعة من أكثر من 2,500 عامل في مجال الرعاية الصحية، يطالبون فيها بتحرك فوري لوقف ما وصفوه بـ”الكارثة الإنسانية المستمرة” في غزة.
بدوره، قال السيناتور المستقل ديفيد بوكوك إن البيان المشترك “خطوة مرحب بها لكنها غير كافية”، مضيفا: “نحتاج إلى أكثر من الكلمات لوقف قتل المدنيين، وخاصة أولئك الذين يبحثون عن الغذاء والماء للبقاء على قيد الحياة”.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل حرب إبادة جماعية على قطاع غزة – بدعم أميركي – ما أسفر عن استشهاد وإصابة أكثر من 200 ألف فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى 11 ألف مفقود.
ويعاني القطاع الآن من مجاعة كارثية إثر سياسية التوجيع الإسرائيلية الممنهجة على أهالي القطاع.
وكالات