في قراءة ثقافية عميقة للمشهد المغربي، خصّت صحيفة “لاراثون” الإسبانية المملكة بمقال وصفت فيه المغرب بـ”مرآة الجنوب”، مؤكدة أنه أصبح اليوم ملتقى حيوياً للحضارات وجسراً ثقافياً نابضاً يصل بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط، عبر روابط ضاربة في عمق التاريخ مع شبه الجزيرة الإيبيرية.
مضيق جبل طارق.. بوابة الذكريات المشتركة
تحت عنوان: “المغرب مرآة الجنوب: الرحلة التي تجمع الماضي بالحاضر”، استعرضت الصحيفة مكانة المغرب كحلقة وصل حضارية، مشيرة إلى أن مضيق جبل طارق ليس مجرد ممر جغرافي، بل رمز لوحدة ذاكرة الأندلس، مستحضرة كلمات الكاتب الإسباني الراحل خوان غويتيسولو، الذي قال إن: “المغرب وإسبانيا يقابلان بعضهما البعض كما لو كانا وجهين لمرآة واحدة”.
من الرباط إلى مراكش.. بانوراما ثقافية نابضة
في جولة عبر مدن المغرب، رسمت “لاراثون” صورة بانورامية لغنى الذاكرة المغربية. ففي الرباط، توقفت الصحيفة عند صومعة حسان وقصبة الأوداية، باعتبارهما شاهدين على عمق الإرث الموحدي والمرابطي، منوهة بقدرة العاصمة على التوفيق بين الحداثة والحفاظ على الطابع المعماري الأصيل.
أما في مراكش، التي وصفتها بـ”قلب المغرب النابض”، فقد ركز المقال على المدينة العتيقة المصنفة تراثاً إنسانياً من طرف اليونسكو، وعلى ساحة جامع الفنا التي تشكل مسرحاً مفتوحاً لفنون الحكي والموسيقى والتعبير الشعبي، مما يجعلها رمزاً حياً للذاكرة الثقافية المغربية.
سياحة تجمع بين الأصالة والراحة
أشادت الصحيفة كذلك بـالنهضة السياحية التي يعرفها المغرب، مشيرة إلى أن العرض السياحي المغربي لا يقتصر على المعالم، بل يقدم تجارب فريدة تمزج بين التقاليد والراحة العصرية، كما هو الحال في صحراء أكفاي، حيث يعيش الزائر تجربة بدوية راقية تتناغم فيها الضيافة المغربية مع سحر الطبيعة.
المغرب.. فاعل ثقافي من أجل السلم
وفي ختام مقالها، أكدت “لاراثون” أن المغرب يؤدي اليوم دوراً محورياً في تعزيز الحوار بين الثقافات والحضارات، مشيرة إلى أن العالم في حاجة إلى جسور من هذا النوع لمواجهة التحديات المشتركة وتعزيز قيم التفاهم والسلم.
بهذا الخطاب المتزن، ترسم الصحافة الإسبانية صورة المغرب كأكثر من بلد؛ كحاضنة لذاكرة المتوسط وفاعل حضاري منفتح على العالم، قادر على تحويل تراثه الغني إلى قوة ناعمة في زمن يبحث فيه الجميع عن قواسم ثقافية مشتركة.