دراسة حديثة تكشف أسرار تنفس النبات

توصل باحثون من معهد الأغذية المستدامة التابع لجامعة شفيلد بالمملكة المتحدة إلى اكتشاف السر الذي يمكّن النباتات من إمداد خلاياها بتدفق ثابت من الهواء عبر شبكات من القنوات الهوائية داخل أوراقها فيما يشبه عمل الرئة، وذلك بالتحكم في عدد المسامات على سطح الأوراق النباتية.

كما أظهرت الدراسة الجديدة التي نشرت يوم 27 يونيو الماضي في دورية "نيتشر كوميونيكيشنز"، أن النشاط الزراعي الذي يقوم به البشر منذ زمن طويل أثر في تطور "نظام التنفس" لدى النباتات المزروعة مثل القمح. وتمهد هذه النتائج الطريق لتطوير المزيد من المحاصيل المقاومة للجفاف.

وأوضح الباحثون أن التدفق الثابث من الهواء داخل خلايا النباتات يتم عبر شبكات من القنوات الهوائية داخل أوراقها فيما يشبه عمل الرئة، وذلك بالتحكم في عدد المسامات على سطح الأوراق النباتية.

وبيّن علماء النبات منذ القرن التاسع عشر أن أوراق النبات تملك مسامات تحتوي على شبكة داخلية معقدة من القنوات الهوائية، غير أن كيفية تشكل تلك القنوات في الأماكن الصحيحة من أجل توفير تدفق مستمر من ثاني أكسيد الكربون إلى كل خلية، ظل غير مفهوم.

واستخدم باحثو جامعة شفيلد بالتعاون مع نظراء لهم من جامعتي نوتنغهام ولانكستر للتعرف على الأمر، تقنيات معالجة وراثية تكشف عن علاقة عدد المسامات على أسطح الأوراق مع مساحة شبكة القنوات الهوائية داخلها التي تعمل مثل القصبات الهوائية الرئوية لدى البشر والحيوانات.

قالت الباحثة مارغوري لوندغرينا من جامعة لانكستر "كان للعلماء شكوك منذ فترة طويلة حول وجود رابط بين زيادة عدد المسامات وتطور المساحات الهوائية داخل ورقة ما، لذلك كان الأمر في البداية شبيها بأحجية "ما الذي جاء أولا: الدجاجة أم البيضة؟".

وطور الفريق تقنية جديدة لتصوير البنية الخلوية لأوراق نباتية بتقنية ثلاثية الأبعاد مكنت من القيام بمجموعة من التجارب تتضمن تحاليل صور الأشعة السينية المقطعية على أنواع مختلفة من أوراق النباتات، مما سمح للباحثين برؤية كيفية تحكم الشبكة المعقدة من المساحات الهوائية داخل الورقة في سلوكها، قبل أن يحسم الباحثون الإجابة بالتأكيد أن حركة غاز ثاني أكسيد الكربون عبر المسامات هي التي تحدد شكل وحجم شبكة قنوات الهواء.

ويقول الباحثون إن هذا الاكتشاف مثل خطوة كبيرة نحو الأمام في فهم البنية الداخلية للأوراق، وكيف يمكن أن تؤثر وظيفة الأنسجة على كيفية تطور النباتات، وأنه سيكون له تداعيات تتجاوز مجال بيولوجيا النبات إلى مجالات أخرى مثل البيولوجيا التطورية.

اكتشفت الدراسة أن زراعة البشر لنباتات القمح على مدى آلاف السنين أدت إلى تقلص عدد المسامات وقنوات الهواء في أوراقها، وهو ما جعل هذه الأوراق أكثر كثافة وقدرة على النمو دون الحاجة إلى كميات كبيرة من المياه.

ويقول البروفيسور أندرو فليمنغ من جامعة شفيلد إن "البشر أثروا بالفعل عن غير قصد في الطريقة التي تتنفس بها النباتات من خلال زراعة القمح الذي يستخدم كميات أقل من المياه، وهو ما يشير إلى أننا يمكن أن نستهدف شبكات القنوات الهوائية هذه لتطوير محاصيل يمكنها البقاء على قيد الحياة في فترات الجفاف الحاد التي نتوقع أن نراها في ظل التغيرات المناخية".


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.