تاج محل "معبد الحب".. فخر أمة بأكملها

 على طول 233 كلم من الطريق السريع الرابط بين نيودلهي وأغرة في ولاية أوتار براديش، تضفي المناظر الطبيعية والأراضي الزراعية الخضراء المذهلة، جوا من الهدوء التام يبدو أنه لا يتأثر بضوضاء السيارات.

وعلى مقربة من مدينة أغرة التي تحتضن الصرح المعماري الهندي الضخم "تاج محل"، يقل الهدوء شيئا فشيئا حيث يعج المكان بآلاف الزوار الأجانب والمحليين الذين يستعدون للتوجه لزيارة هذه المعلمة التاريخية العريقة التي تعني الشيء الكثير بالنسبة لجميع الهنود. فبملابس ذات ألوان براقة تعكس فرح العيش وتنوع هند عريقة، يحث نساء ورجال من مختلف الأعمار، فرادى وجماعات، مرفوقين في أغلب الأحيان بأطفالهم، الخطى عبر الممر المؤدي إلى أحد عجائب الدنيا السبع، والشوق يغمرهم للتأمل في الجمال الأخاد لهذا الصرح المغولي الإسلامي، حيث يستعين بعض الزوار بخدمات أصحاب عربات صغيرة تقلهم، وهي تنساب بين الراجلين، لإيصالهم لوجهتهم. وخلال الدقائق القليلة التي تفصلهم عن بوابة هذه التحفة المعمارية، يستمتع الزوار بمشاهدة مجسمات مصغرة لتاج محل معروضة في البزارات والمحلات التجارية المرابطة على جنبات الطريق.

ويشكل تاج محل الذي شيد بالرخام الأبيض ما بين سنتي 1631- 1648 بأمر من الإمبراطور المغولي شاه جاهان، تكريما لذكرى زوجته المفضلة، أرجومند بانو البيغوم، التي اشتهرت بلقب "ممتاز محل"، تجسيدا لجمال الهندسة المعمارية الإسلامية في هذا البلد الواقع جنوب آسيا. وقد تمت تعبئة 20 ألف رجل على مدى 22 سنة من أجل تشييد هذا الضريح المصنف ثراثا عالميا.

وعند الاقتراب من مدخل المعبد، يحدو الزائر مزيد من الحماس برؤية صف طويل من الأشخاص ينتظرون دورهم للحصول على تذكرة الدخول وبدء المغامرة واكتشاف صرح يكرس سمو الحب الأبدي لإمبراطور أراد تخليد ذكرى ملكته المفضلة بأي ثمن.

وعلى الرغم من هذا الجمع الغفير من الناس، تبدو الشابة الهندية، أنجو، مصرة على زيارة ما تعتبره مفخرة وطنية بل وعالمية. فبلغة إنجليزية ذات لكنة هندية محضة تقول في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء "تاج محل تراث عالمي نفتخر به كوننا هنودا".

وتضيف أنجو "اعتدنا هنا في أغرة على هذا العدد الكبير من الأشخاص الذين يأتون لزيارة تاج محل" والاحتفاء بإمبراطور كان وفيا لذكرى زوجته التي توفيت لحظة إنجابها لابنهما الـ 14. وبمجرد حصولهم على التذكرة، يجد الزوار أنفسهم أمام حاجز آخر يتمثل في الخضوع لمراقبة أمنية عند مدخل هذه المعلمة. وبابتسامة توحي بكثير من الهدوء، يقول الشاب امريتش "صحيح أن الانتظار طويل، ولكن يمكن تحمل كل شيء عندما يتعلق الأمر بزيارة تاج محل".

ويبلغ عدد زوار تاج محل يوميا، في المتوسط، ما بين 10 آلاف و15 ألف زائر، وهو الرقم الذي يمكن أن يصل إلى 70 ألف زائر عند نهاية الأسبوع. وكانت السلطات الهندية قد قررت سنة 2018 الترخيص لـ 40 ألف زائر كحد أقصى يوميا.

وبعد اجتياز المراقبة الأمنية بنجاح، يبدو الطريق سالكا بالنسبة لأنجو وأمريتش، حيث يلجان "تاج محل" الذي يترسم أمامهما بفخامة في الأفق ببياضه البراق، فيما تنضاف حدائقه الواسعة وأشجاره الضخمة ونافوراته المتعددة إلى اللوحة لتوفر للزائرين لحظة تأمل أمام صرح يفرض الاحترام والإعجاب.


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.