يوميات أستاذ بدرجة ضابط..خطوات نحو المصير

...تعود كل عطلة نهاية أسبـوع أن يغادر أجواء مازغان بكل ما تحمله من عبق التاريخ وأريـج ثقافـة بلاد دكالة الممتدة الأطـراف .. من نسائم صباحية عليلــة تفـوح من سواحلها الفاتنـة التي ترسم على اليابسـة أجمل اللوحـات .. ويشد الرحال إلى مدينة "فضالة " .. أيقونة الزهـور الفيحاء والأشجار الباسقة والنخيل الشامـخ .. وبين كل رحلة قطار من وإلى مازاغــان .. تنتهي حكايـات وتبدأ أخرى .. قد تطول الحكايات وقــد تقصــر ..لكن الأكيد أن لكل لحظـة منعطفها الحاسم وحدثها البـارز.. و اللحظات جميعها تتأرجح بيـن العابرة عبـور سحاب أغسطــس .. واللحظات الراسخة المؤثرة التي تغيـر الإيقاعات وتقلب كل التوقعات كالعواصف الغاضبـة رأسـا على عقــب ..

لحظة الضابط "سليم" الراسخــة تبلورت معالمها الأولى غضون سنة 2013 .. خطـا الخطوة الأولــى نحو مصير لم يكـن وقتها يعــــرف تفاصيله ولا حيثياتـه.. اجتـاز مبــاراة الولوج إلى "المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين"... بعد ليلــة مارطونيـة قضاهــا على رأس الديمومـة لم يغمـض له وقتـها جفــن طوال لـيل المرسى القــارس .. غادر مقر الديمومة صباحا قبل أن تدق ساعة نهايتها (08و30د).. وهو يخــرج عبر البــاب رقم 3 متأبطا محفظتــه الســوداء .. كان هاجســه الوحيـد ألا يتم الإتصــال به من طــرف غرفـة العمليــات وإشعــاره بقضيـة مستجدة تستدعي حضــوره المستعجل للمصلحـة من أجل مبــاشرة الإجراءات المسطريـة الأوليـة .. مر كما تعود على ذلك عبر خطوط السكة الحديدية المفضيـة إلى محطة البيضاء المينــاء القريبــة على بعد خطوات .. كان المكان باردا خاليا إلا من بعض المياومين وبعض الكلاب المتسكعة التي قادها قدرها لتتعايش وسط صخب الشاحنات والمقطورات والحاويات .. اتجه نحو مدارة الزلاقــة على مقربة من مقر شركـة "كومناف" ومنها قطــع شارع باستـور وتوقف لحظات بمحطة الحافلات بمحاداة محكمة الإستئناف ..

وبعد انتظار قصير،استقـل الحافلـة رقم 900 في إتجاه مدينـة فضالـة عبر الطريق الساحلي .. في حــدود الساعة السابعة والربــع وصلت الحافلة إلىى خط النهايــة على مستوى شـارع المقاومـة .. نزل و ترجل مسافة على الأقــدام إلى أن وصل إلى مقهـى رياض سوس على مستوى شارع الريــاض .. حيث تناول وجبــة الفطـور في انتظار اقتراب الساعة الثامنة موعد الإمتحـــان .. وهو يقبـل فنجان القهـوة من حيــن لآخر .. كان شغله الشاغل هو هاتفـه الخلــوي .. مرة مرة كان ينتبــه إليه وكأنه متيــم بـه .. هاجسه الوحيد والأوحـد ألا يتم الإتصال بــه من طرف غرفة العمليات قبل الساعة الثامنة والنصف موعد انتهاء نوبــة عملـه .. موازاة مع ذلك كان بين الفينة والأخرى يلقي آخر النظرات على ما يتحوز به من وثائق ودروس قبل الولوج إلى قاعة الامتحان .. وكأنه فارس متيم يلقي آخر النظرات على معشوقته قبل الرحيل في اتجاه ساحة الوغـى ...

في حدود الساعة السابعة وخمسين دقيقة .. غادر المقهى وترجل بخطوات متثاقلة في اتجــاه مركز الإمتحان المتواجد بنفس الشارع "ثانوية العاليا".. وهو يقـــف أمام الثانوية إلى جانب مجموعة من المترشحيــن .. كان يــراوده شعــور غريب يتقاطــع فيه الممكــن باللاممكــن .. الحقيقــة بالسراب ..كانت آثار العياء والإرهــاق بادية على محيـاه جراء ليالي الديمومة المتناثرة كأوراق الخريـــف... ومـع ذلك فقـد كان مؤمنـا بإمكانيـة تحقيــق الحلـم المرابط في قلعة أفكـاره منـذ سنــوات .. في تمام الساعــة الثامنة صباحا ولج إلى المؤسســة رفقة المترشحين .. كانوا أعــــدادا هائلـة .. كل واحد أتــى ليدافـع عن أمل يبدو كسراب في صحراء قاحلة .. عرج أول الأمر على سبورة وضعت عند مدخل الثانوية، سجل رقمه ورقم القاعة وغادر .. تساءل وقتها وهو يلج إلى قاعة اإلمتحان بخطوات متثاقلة : كيف له أن يجتاز مباراة بعد ليلة بيضاء لم يغمض له فيها جفن ؟ وأي أمل سيكون له في مباراة تقدم إليها عشرات الآلاف من المترشحين من كل صوب وإتجاه ؟ وإلى أي حد لا زال يحتفظ بإمكانياته وقدراته المعرفية بعد أكثر من عقـد من الزمن في صفوف الشرطة ؟ كانت الأسئلة تتساقط عليه تباعا كما تتساقط زخــات المطر على الأراضي العطشى .. أسئلة و أخرى كانت تبدو كالسنابل العطشى تنحني تواضعا أمام قوة مشتعلة ورغبة جامحـة تغديها آمال عريضـة في كسر شوكة الآهات وكبح جماح الضجر وفك القيود والأغـــلال ...
إجتاز المباراة صباح مساء .. من سخرية القــدر أن موعـدها تزامـن مع فتــرة راحتـه لكونه قضى الليلــة السابقــة في الديمومـة ..المباراة مــرت في ظــروف عاديــة وقد حرص كل الحــرص أن يكون دقيقـا ومركزا في إجاباته خصوصا تلك التي ترتبط بعلوم التربية .. كانت بالنسبة إليه لحظة مفصليــة ، ولم يكن حينهــا يـدرك .. أنه يخطــو الخطوة الأولـى التي ستغيــر المسار رأسا على عقــب ...

بعد عبــور سحابة المبــاراة عاد الضابط "سليم" إلى إيقاعات العمل بكل ما تحمله من رتابـــة وآهــات.. كان كل يوم وكل ليلة بل وكل لحظة .. يبحث في شبكة الأنترنيت مترقبا نتائج المباراة الكتابية بين كل لحظة وحين .. كانت صفحة المراكز الجهوية ملاذه الآمن .. كا يتردد عليها مناصفة بينها وبين البوابة الرسمية للمباراة بما في ذلك موقع الوزارة الوصية .. كان لا يبارح الشبكة بحثا عن خبر أو مستجد أو معلومة حول تاريخ إعلان النتائج .. وفي إحدى الأمسيات وهو ينقب في الشبكة .. أمكن له الولوج بشكل فجائي إلى البوابة الإلكترونية بعد أن أدخل البيانات الخاصة بــه .. فوجئ برسالة تشير إلى نجاحه في الكتابي وتدعوه إلى استكمال وإيداع ملف الترشيح بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بمدينة طنجة .. لم يصدق وقتها حقيقة ما لاحظ .. ظن منذ الوهلة الأولى أن الأمر ربما يكون خطأ ما أو أن البوابــة في طور التجريب .. حتى يتأكد من الوضع ، فقد خرج من البوابة وحاول الولوج إليها مجـددا .. لكنه لم يفلح في اقتحامها بسبب الضغط المفرط عليها من طرف آلاف المرشحين الذين كانوا يترقبون أن يتوصلوا بخبر سـار .. لكنه لم يستسلم ولم يزده بطء الحاسوب إلا إصرارا وعنادا في الوصول إلى الخبر اليقيــن ..

وبعد عدة محاولات، رضخت له البوابة وفتحت له أحضانها .. لتزف له "رسالة نجاح" تطلب منه استكمال الملف وإيداعه بمركز طنجة الذي سيكون في ذات الآن مركزا للإمتحان الشفوي .. حينها أحس بإحساس لا يوازيه إحســاس وشعور لا يقو عليه وصف ولا تقدير .. أيقن حينها بما لايدع مجالا للشك أن الفرصة المتاحة تبقى من ذهب وربما لن تجود بها الحيــاة مرة أخرى .. أدرك وقتها أن حلم التغيير الراقد في متحف ذاته منذ سنوات، أضحى أقرب إلى التحقيق على أرضية الواقـع بعد سنوات الضجر.. حينها وحتى يتمكن من إيداع ملف الترشيح وإجتياز المباراة، كان عليه أن يعد العدة للإمتحان الشفوي بعيدا عن آهات ورتابة العمل، وقد أمكن له المغادرة إلى طنجة ذات صباح وأودع هناك ملف الترشيح المطلوب .. وعقبها كان عليه أن يضع مخطط عمل يتناسب مع قصر المدة .. حيث ركز الإهتمام على برنامج التاريخ والجغرافيا بالسلك الثانوي التأهيلي والبحث عبر الشبكة العنكبوتية عن بعض المواضيــع ذات الصلة بعلوم التربيــة ..

ظل الأمر كذلك إلى أن حل موعد الإمتحان الشفوي، حيث غادر إلى عروس الشمال ذات صباح (29/11/2013) في أول قطار قادم من مراكش عبر المحمدية .. على طول الرحلة كان بين الفينة والأخرى يقرأ الوثائق التي يتحوز بها من أجل تثبيت المعلومات إلى أن وصل محطة القطار طنجة المدينة في حدود الساعة العاشرة والنصف صباحا، وهناك أخذ سيارة طاكسي من الحجم الصغير قادته إلى المركز الجهوي، وبما أن الموعد المخصص له كان على الساعة الثالثة بعد الزوال، فقد إنزوى بإحدى المقاهي المجاورة من أجل تناول وجبة الفطور .. أخذ كأس شاي منعنع من الحجم الكبيــر و"كيكة" إقتناها من "كلاي" مجــاور .. وتناول وجبة فطوره .. كانت وقتها أجواء الخريف في طنجة "عروس الشمال" جد قارسة تتخللها ريــاح ساكنة تارة ومتمردة تارة أخــرى ..في حدود الساعة 13و50د غادر المقهى بخطوات متثاقلة، كانت نفسيته وقتها مضطربة وكأنه مغن يتأهب من أجل الصعود إلى الخشبة لإحياء حفل أمام جمهور عريض.. أو شاب يافع يجري أول مباراة توظيف مصيرية في حياته .. حتى أنه أجل وجبة الغداء إلى ما بعد إجتياز الإمتحان الشفوي.. وما أن وصل إلى باب المركز حتى إستفسر الحارس وأرشده إلى مكان الإمتحان ..

ترجل خطوات إلى أن توقف عند سبورة علقت عليها لوائح المرشحين .. بعد أن تبين له أنه سيجتاز الإمتحان لدى اللجنة الأولى على مستوى المطبخ رقم 1، غادر متجها إلى المكان بدلالة وإرشاد من أحد الأعــوان .. وهناك انتظر أقل من ساعة من الزمن، إلى أن خرج المرشح الأول من قاعة الإمتحان، حينها لم يجد بدا من التخلص من حالة التوتر التي كانت تتسكع في زقاقات نفسه بكل طلاقة وأريحية .. وولج إلى القاعة لمقابلة اللجنة الثلاثية .. كان يعي كل الوعي أن الهندام له حيز ضمن شبكة التنقيط ، لذلك كان أشد حرصا في أن يكون في مظهر لائــق .. ألقى التحية على اللجنة بلباقة وثقة في النفس، وتسلم ورقة عليها أسئلة خاصة بالجغرافيا وثلاتة نصوص خاصة بالتاريخ يدور موضوعها حول الحماية والمقاومة، وطلب منه أن يجلس بمكتب عند مدخل القاعة من أجل التفكير وتهيئة الأجوبة المناسبة .. كان يدرك وقتها أن اللحظة مصيرية وتاريخية وربما لن تجود بها الحياة إلى الأبد، لذلك كان لا بد من أن يتحلى بالثقة وضبط النفس حتى يقطع مطبة الشفوي في ظروف آمنـة ..

حوالي خمسة دقائق تمت المناداة عليه من طرف اللجنة وما أن جلس أمامها حتى طلب منه أن يقدم نفسه .. وبعدها طلب منه الإجابة على أسئلة الجغرافيا .. والتي تبابنت بين "الكويسطا"و"البراكين'' و''دوارن الكرة الأرضية"، بعد إجابته ، طلب منه قراءة نصوص التاريخ المسلمة إليه .. كان يدرك أن اللجنة تهدف من وراء ذلك إلى إختبار قدراته الصوتية ومدى سلامة قراءته .. لذلك حرص أن يقرأ النصوص بصوت مرتفع وبنطـق سليم، بعد أن أنهى القراءة طلب منه مناقشة مضمون الوثائـق، وبين الفينة والأخرى كانت توجه إليه أسئلة توجيهية حول المقاومة وأبطالها وأمكنتها .. لكن السؤال الذي أربك بعض حساباته جاء من أستاذ يجلس من جهة اليسار يبدو بشعره الكثيف الذي اكتسحه الشيب ك "بيتهوفن" أو"بيكاسو" .. قال له بكل أريحية : ما دمت تدرس القانون ما هو الظهير ؟ وما هو السند القانوني لعقد الحماية ؟ طبعا لم يجد الضابط "سليم" صعوبة في وضع تعريف للظهير، لكن الجواب عن السؤال الثاني ، تطلب منه بذل بعض المجهود، ليس لأن السؤال صعب، ولكن لأنه غير متوقع ، وكذا لأن دارسي التاريخ عادة لا ينتبهون إلى عمق وأبعاد القانون في الظاهرة التاريخية، وهي أمور لا يمكن أن يعي بها إلا دارسي القانون ، لذلك فإفصاحه للجنة من كونه طالب بشعبة القانون، جلب إليه هذا السؤال الإستثنائي والمشروع في نفس الآن، ومــع ذلك فقد أشار إلى "مؤتمر الجزيرة الخضراء" وهو ما أكده الأستاذ صاحب السؤال وقدم شروحات مقتضبة حول الموضوع ، ومع ذلك لم يقو " سليم " على مجادلة الأستاذ واكتفى بالاستماع إيمانا منه أنه يفتقد وقتها إلى التفاصيل والجزئيات بعد سنوات من القطيعة، وبعيدا عن الظهير والقانون، وجه إليه سؤال عن نشاطه المهني وحياته الشخصية .. واكتفى بالإشارة إلى أنه يشتغل كمسؤول في الأمـن بإحدى الشركات الخاصة، إستفسر عن راتبه ونوعية وطبيعة عمله .. لم يقو حينها على الإفصاح عن المهنة ، تفاديا لأية ردات أفعال من اللجنة من شأنها التأثير السلبي على وضعيته وحظوظه .. عقب ذلك تم الإنتقال به إلى علوم التربية ووجهت إليه أسئلة مختلفة حول مهامه كمدرس، قبل أن يتم الختم معه بإختبار بعض قدراته في اللغة الفرنسية.. لتطلب منه اللجنة المغادرة بعد أن تمنت له التوفيق ..

غادرالضابط "سليم" للتو قاعة الإمتحان بعد أن شكر أعضاء اللجنة الذين تحلوا بجانب كبير من الجدية والمسؤولية واللباقة والمهنية، واستقل سيارة أجرة صغيرة أخذته إلى محطة القطار من أجل العودة .. كان يحس وقتها وهو في الطريق إلى المحطة أنه تخلص من جبل من الضغط والتوتر .. واكتسحه انطباع ايجابي جدا من أن النتيجة ستكون موفقة بإذن الله بعد أن مر الامتحان الشفوي بشكل جيد ...كان يحس أنه على وشك أن يطلق السلاح الناري والأصفاد والمحاضر طلاقا لارجعة فيه ...وبعد أيام قليلة سرعـان ما تم الإعلان عن النتائج النهائية عبر البوابة .. كانت النتيجة سارة للغاية .. وكانت تلك إيذانــا بنهاية مسار وبداية مســار آخر..

مباشرة بعد ذلك،بادر الضابط "سليم" للتو إلى وضع طلب إستقالة من مهامه .. خبر الإستقالة نزل على زملائه بردا وسلامـا .. إلى حد أن البعض أحـس بالصدمة .. وكان السؤال العريض الذي يطارده كالطيف هو كيف ؟ ولماذ؟ كان يجيب بنــوع من الإقتضاب والديبلوماسية دون أن يقدم التفاصيـل .. حينها إنتهى بالنسبة إليه العمـل بسلك الشرطــة وكان وجوده بهذا السلك يبدو كوقت بدل الضائع في مباراة صعبة استنفذت وقتها القانوني، .. كان رهانه الأول أن يوقع الطلب من طرف رئيس المنطقــة ويحال على مقر الولاية الأمنية من أجل التأشير عليه في انتظار إحالته على الإدارة المركزية لتنظر فيــه .. كان الطلب وكلما وصل إلى رئيــس تتم المناداة عليـه .. كان يحرك الإستدعاء الرغبة في معرفة أسباب وبواعث الإستقالة .. من بين ما سجلته ذاكرة "سليم" خلال تلك اللحظات العابرة، هو لقاؤه بمسؤول عن المصلحة الإدارية الولائيــة، فاجأ "سليم" بموقفه بعد أن علم أنه حصل على مهنة جديدة في قطاع التعليم ، قال له : "على سلامتك الله يسر ليك .. المهنة ليست هي المهنة وظروف العمل ليست هي ظروف العمل" ، لكن هذا الإنطبــاع الإيجابي للغاية سرعان مازال عشية نفس اليــوم ، بعدما إلتقى الضابط "سليم" بالمسؤول الثاني...، وبعد أن حملق هذا الأخير في طلب الإستقالة، وبدل أن يستفسر "سليم" عن حيثيات وبواعث الطلب، خاطبه بكلمات متقاطعة تحمل بين طياتها أكثر من دلالة : "فكرتي فهاد الشي " قاطعه "سليم" بسرعة فائقة : "فكرت جيدا " قبل أن يقاطع كلماته قائلا: "دابا تنــدم " ، قال له "سليم" بكل ثقة :"لن أنــدم أبدا " ، قبل أن يغادر المكتب بعد أن تمتم ذات المسؤول بكلمات مفادها أنه سوف يعمل على توقيع الطلب ..

تأســف "سليم" وقتها لأنه لم يسلـــم من هكذا عراقيل ومطبات ، حتى وهو في لحظة المغادرة النهائية للصفـــوف، ومع ذلك، فقد تحمل هـذه المطبات العابرة .. إلى أن إطمئن أن الطلب قد تمت إحالته على المديرية العامة لتنظر فيه .. كانت تحدوه وقتها ، رغبة وحيدة في أن يتم النظر في الطلب في أقصر مدة ممكنة .. حتى يلتحق بالتكوين بدون أدنى مشاكل وكذا حتى تكون الإستقالة سابقة لتاريخ توقيع محضر الإلتحاق بالتكوين .. تعقب الطلب في المديرية العامة ذات خميس، وربط الإتصال بمكتب الضبط المركزي، وتأكد له فعلا خبر وصول الطلب في إنتظار إحالته على المصلحة المعنية ... خلال اليوم الموالي وقد كان يوم جمعة، وبينما كان الضابط "سليم" بصدد التفكير في وضع رخصة مرضية أخرى أمام المصلحة لتدبير هذه الظرفية وحتى يتسنى له تتبع مجريات الطلب بالمديرية العامة، تلقى اتصــــالا هاتفيا من العمل، أشعر بخبر وصول برقية استقالتـه من العمل كما أشعر بضــرورة الإتيان بمختلف اللوازم صبيحة الإثنين القادم، هـذا الخبـر المفاجئ نزل على الضابط "سليم" كقطعة ثلج بــاردة .. إلى درجة أنه لم يصـدق السرعة القياسية التي تمت خلالها الإستجابة والموافقة على طلب إستقالته .. شكر الله عزوجل بعدما تيسرت له الأمور ونال ما أراد .. كانت تلك اللحظة إيذانا بنهاية الضابط سليم وبدايــة سليم الأستـــاذ ... تتمة


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.