تقرير: بعد اعتراف واشنطن بمغربية الصحراء.. ما مصير النزاع في ظل المتغيرات الدولية؟
يشهد نزاع الصحراء المغربية تحولات متسارعة في ظل التغيرات السياسية الدولية، خاصة مع احتمال عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
وأكد تقرير جديد لمركز برشلونة للشؤون الدولية (سيدوب) أن النزاع دخل مرحلة تصعيد منذ انهيار اتفاق وقف إطلاق النار عام 2020، لكنه شدد على إمكانية التوصل إلى حل واقعي، شريطة وجود ضغوط أمريكية وأوروبية لدفع الأطراف نحو تسوية مقبولة.
وواصل المغرب ترسيخ سيادته على أقاليمه الجنوبية من خلال الدبلوماسية الفعالة والمشاريع التنموية الكبرى. وتمكن من حشد دعم دولي متزايد منذ اعتراف الولايات المتحدة بمغربية الصحراء، حيث افتتحت عدة دول قنصليات بالعيون والداخلة، كما عزز مواقفه عبر تأييد أوروبي واضح من دول كإسبانيا وألمانيا، اللتين اعتبرتا الحكم الذاتي الذي يقترحه المغرب الحل الأكثر جدية وواقعية للنزاع.
كما عزز المغرب استثماراته الاقتصادية في الصحراء، رغم محاولات خصومه عرقلة شراكاته التجارية مع الاتحاد الأوروبي. واستمر في تنفيذ مشاريع ضخمة تشمل البنية التحتية والطاقة المتجددة، في إطار استراتيجية تهدف إلى دمج الأقاليم الجنوبية بشكل كامل في الاقتصاد الوطني، وتحويلها إلى مركز تنموي إقليمي يربط المغرب بإفريقيا جنوب الصحراء.
في المقابل واجهت جبهة البوليساريو عزلة متزايدة في الساحة الدولية، مع تراجع التأييد لمطلبها بإجراء استفتاء تقرير المصير. ووجدت الجزائر، الداعم الرئيسي لها، نفسها في موقف صعب نتيجة التحديات الداخلية والتوترات الدبلوماسية المتصاعدة.
وأشار التقرير إلى أن الجزائر قد تضطر إلى مراجعة موقفها من النزاع، خاصة في ظل أزماتها الاقتصادية وتراجع عائدات النفط والغاز، ما يجعلها أمام ضرورة إعادة ترتيب أولوياتها الخارجية.
واستمرت المواجهات العسكرية المتقطعة بين القوات المغربية وعناصر البوليساريو في المنطقة العازلة، دون أن تؤدي إلى أي تغيير ميداني يذكر. وأكد التقرير أن القوات المسلحة الملكية حافظت على سيطرتها الكاملة، معززة قدراتها الدفاعية لضمان استقرار المنطقة. وأوضح أن استعادة وقف إطلاق النار تظل رهينة بوجود وساطة دولية فعالة تجبر البوليساريو على العودة إلى طاولة المفاوضات وفق المرجعيات التي حددها مجلس الأمن.
ويستعد المغرب لعقد مؤتمر دولي في الإمارات العربية المتحدة خلال أبريل المقبل، بهدف تعزيز قاعدة الدعم الدولي لمبادرته للحكم الذاتي. وتندرج هذه الخطوة ضمن استراتيجية دبلوماسية تستثمر المكاسب التي تحققت خلال السنوات الأخيرة، خاصة مع توسع التحالفات المغربية مع قوى كبرى مثل الولايات المتحدة وإسرائيل، في سياق التغيرات الجيوسياسية العالمية.
وقد تعيد عودة ترامب المحتملة إلى السلطة إحياء دور واشنطن في الملف، لكن ذلك سيعتمد على مدى استعداد الإدارة الأمريكية لممارسة ضغوط على مختلف الأطراف.
وأشار تقرير "سيدوب" إلى أن أحد السيناريوهات الممكنة يتمثل في سعي واشنطن إلى فرض حل وسط يضمن حقوق الصحراويين ضمن إطار الحكم الذاتي المغربي، مع تقديم حوافز اقتصادية وسياسية للجزائر لإقناعها بتخفيف موقفها المتشدد. لكن التقرير استبعد إمكانية تقديم المغرب لأي تنازلات جديدة، في ظل موقفه الراسخ وإجماع مجلس الأمن على ضرورة حل سياسي وواقعي للنزاع.
ويواصل المغرب تعزيز مكانته في الساحة الدولية كقوة إقليمية موثوقة، بينما تجد البوليساريو نفسها أمام تحديات غير مسبوقة. وتؤكد المعطيات الميدانية أن ميزان القوى يميل بشكل واضح لصالح المملكة، في وقت تزداد فيه عزلة خصومها دبلوماسيًا وسياسيًا، ما يجعل مسار الحكم الذاتي الحل الأكثر قابلية للتطبيق في الأفق المنظور.