كشف تقرير معهد رويترز للأخبار الرقمية لعام 2024 أن المغاربة يعانون من تأثيرات سلبية لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي بشكل مفرط، ما جعلهم عرضة للإشاعات والمعلومات المضللة بشكل متكرر.
وأفاد التقرير بأن مستوى الثقة في الأخبار لدى المغاربة يعتبر منخفضاً للغاية، حيث لم تتجاوز نسبة الثقة 31%، وهو ما جعل المغرب يحتل المرتبة 38 من أصل 47 دولة شملها الاستطلاع.
ورغم هذا التراجع، أشار التقرير إلى أن بعض المنابر الإعلامية مثل "Medi 1 TV" تتمتع بمستويات أعلى من الثقة مقارنة بالآخرين، ما يبرز وجود فجوة كبيرة بين مختلف وسائل الإعلام فيما يخص مصداقية المحتوى المقدم.
وفيما يتعلق بنموذج الاشتراك عبر الإنترنت، أكد التقرير أن هذا النموذج لا يزال ناشئًا في المغرب، إذ تظل الغالبية العظمى من المنشورات مجانية عند نقطة الوصول، ما يعني أن الاعتماد على الإيرادات الإعلانية عبر الإنترنت هو المصدر الرئيسي لأغلب الجرائد الإلكترونية الكبرى.
وقد أشار التقرير إلى أن قطاع الصحافة المغربي تعرض لضربة كبيرة خلال جائحة كوفيد-19، إذ أن مبيعات الصحف الورقية لا تتجاوز إجمالاً 25 ألف نسخة.
ويرى تقرير رويترز أن المشهد الإعلامي المغربي يظل هشاً في ظل الضغوط الكبيرة التي تتعرض لها وسائل الإعلام التقليدية، وقد دفع هذا الواقع العديد من المغاربة إلى التوجه نحو وسائل الإعلام "المستقلة" مثل قنوات اليوتيوب للصحفيين المستقلين، أو المحتوى الإعلامي الذي ينتجه المواطنون أنفسهم، كما يلجأ البعض إلى القنوات العربية التي غالباً ما تقدم تغطية انتقادية للأوضاع الداخلية في المغرب.
وعلى الرغم من هذه التحديات، تظل التلفزة والإذاعة في المغرب مصادر أساسية للأخبار بالنسبة لجزء كبير من المغاربة، فحسب التقرير، تتميز هذه الوسائل بكونها تتماشى في الغالب مع أولويات الحكومة، وتُعتبر مصدراً رسمياً للمعلومات، مما يجعلها تحافظ على مستوى من الثقة لدى الجمهور.
من جهة أخرى توقع تقرير هذا العام أن يشهد الإعلام تحولاً كبيرًا تحت تأثير الذكاء الاصطناعي، حيث يُنتظر أن يلعب دورًا محوريًا في إنتاج محتوى الإنترنت بحلول 2026.
مما جعل هذا التطور يطرح تحديات كبيرة أمام المؤسسات الإعلامية التي أصبحت مطالبة بإعادة تعريف أدوارها التقليدية وسط هذه التحولات الرقمية، وفي الوقت نفسه، سيوفر الذكاء الاصطناعي فرصًا جديدة من خلال ما يعرف بتجارب البحث التوليدي (SGE) وروبوتات الدردشة الذكية التي ستغير طريقة الوصول إلى المعلومات.
وفي هذا الاتجاه أعرب نحو 63٪ من المشاركين في الاستطلاع عن قلقهم تجاه الانخفاض الحاد في حركة الإحالة من منصات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وإكس (تويتر سابقًا)، مما يؤدي إلى تراجع وصول الجمهور إلى المواقع الإخبارية المحترفة.
وقد انخفضت حركة المرور من فيسبوك بنسبة 48٪، ومن إكس بنسبة 27٪ في عام 2023، واستجابة لهذه التحديات، يتوقع أن يركز الناشرون في 2024 بشكل أكبر على بناء قنوات مباشرة مع جمهورهم وتقليل اعتمادهم على المنصات الكبرى.
ومن أبرز الاستراتيجيات التي تسعى وسائل الإعلام إلى تبنيها لمواجهة هذه التحديات: زيادة الاعتماد على الصحافة التفسيرية التي توضح تعقيدات القصص الإخبارية، وتقديم محتوى ملهم يركز على الحلول، جنبًا إلى جنب مع تقديم تجارب رقمية متعددة تشمل الألعاب والبودكاست والمجلات الرقمية، وتأتي هذه الاستراتيجيات في سياق مواجهة تحديات مثل الإرهاق من الأخبار وتجنب الجمهور لبعض الأخبار الحساسة.