العد العكسي للدخول السياسي: صراعات داخلية تهدد تماسك الأحزاب وتثير أسئلة حول المستقبل

مع بداية شهر أكتوبر الجاري، بدأت الساحة السياسية المغربية تشهد حراكًا متزايدًا مع اقتراب الدخول السياسي الجديد، في ظل تحديات اجتماعية واقتصادية ضاغطة تستدعي استجابة سريعة من الأحزاب السياسية، سواء في الأغلبية أو المعارضة. هذه التحديات تطرح تساؤلات كبيرة حول قدرة الفاعلين السياسيين على تلبية الانتظارات الشعبية، خاصة في ظل ما يوصف بـ"الأوضاع الداخلية المتوترة" التي تعيشها أغلب الأحزاب.

فالأحزاب السياسية في المغرب، سواء الحاكمة أو المعارضة، لا تبدو في أفضل حالاتها لمواجهة هذه التحديات، إذ أن الصراعات والخلافات الحادة بين مكونات العديد منها أصبحت بارزة أكثر من أي وقت مضى.

حزب الأصالة والمعاصرة، على سبيل المثال، يواجه أزمة داخلية كبيرة إثر تجميد عضوية صلاح الدين أبو الغالي، أحد الأسماء البارزة في الحزب، ما أثار ضجة كبرى داخل التنظيم والمشهد السياسي الوطني.

من جهته، لا يبدو حزب الاستقلال بعيدًا عن دائرة الخلافات، فبينما يواصل أمينه العام نزار بركة مساعيه للإعلان عن لائحة أعضاء اللجنة التنفيذية الجديدة التي ستقود الحزب معه في المرحلة المقبلة، تتصاعد التوقعات بظهور خلافات جديدة نتيجة إبعاد أسماء بارزة كانت تمتلك نفوذًا كبيرًا في المناطق المختلفة.

أما على مستوى المعارضة، يعيش حزب العدالة والتنمية، ذو المرجعية الإسلامية، أجواء مشحونة مع اقتراب انعقاد مؤتمر "غير عادي" السنة المقبلة. فالحزب يشهد صراعًا داخليًا بين تيار يطالب بالتغيير ويطمح إلى تجديد القيادة، وتيار آخر يتمسك بعبد الإله بنكيران على رأس الحزب، مما ينبئ بتوترات قد تؤثر على مستقبل الحزب.

وفي قراءته للمشهد السياسي المغربي الحالي، قال الباحث في العلوم السياسية حسن قديم، في تصريح خص به "بلبريس"، إن الأحزاب السياسية المغربية تعيش أوضاعا متضعضعة، لما تشهده من مشاكل تنظيمية على رأسهم حزب الاستقلال والأصالة والمعاصرة.

 

وأشار المتحدث نفسه إلى أن حزب الاستقلال مثلا لم يتمكن بعد من انتخاب لجنته التنفيذية منذ المؤتمر الحزبي الذي نظم أواخر أبريل المنصرم، والذي عرف إعادة انتخاب الأمين العام نزار بركة لولاية ثانية، قائلا: "هذا الارتباك في تحديد الأمين العام بركة، للائحة أسماء اللجنة التنفيذية، راجع إلى الحديث عن التعديل الحكومي المرتقب، وبالتالي فكل اسم يريد أن يجد لنفسه موطئ قدم في اللجنة التنفيذية، ومنه رفعه من أسهم استوزاره."

وقال الباحث في العلوم السياسية حسن قديم: "هذا مشكل، فاليوم هناك حزب في المشهد السياسي المغربي، يسير بدون لجنة تنفيذية، وربما هي سابقة في تاريخ المغرب، أن يقوم حزب بأطول دورة مجلس وطني، والتي بدأت في المؤتمر الأخير وما تزال مفتوحة إلى اليوم، وهذا بالطبع سينعكس سلبا حتى على الأداء وعلى الانسجام الحكوميين باعتبار أن حزب الاستقلال يدخل ضمن التشكيلة الحكومية."

وتابع المتحدث بالقول، "إن حزب الأصالة والمعاصرة هو الآخر بدوره يعرف تشجنجات داخلية بعد تجميد عضوية صلاح الدين أبو الغالي، وهو أحد أعضاء اللجنة القيادية للحزب، ولجوؤه للقضاء للطعن في هذا القرار، مما يوضح الصراع الداخلي القائم."

واختتم قديم حديثه بالإشارة إلى أن المعارضة اليوم، شبه غائبة عن المشهد السياسي، قائلا: "يفترض في المعارضة أن تكون قوية، بطرحها البدائل، فمثلا حزب العدالة والتنمية يعيش هو الآخر مشاكل تنظيمية خاصة بعد صدمة 2021، رغم عودة عبد الإله بنكيران، لقيادة الأمانة العامة إلا أنه لم يتمكن من تضميد جراحه."


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.