"شعبانة" طقوس مغربية أصيلة للاحتفال بقدوم شهر رمضان

يستقبل المغاربة اليوم شهر رمضان الفضيل، الذي يكتسي مكانة وخصوصية كبيرة، تجسدها منظومة متكاملة من العادات والتقاليد، التي تظهر مدى تقديس المغاربة لهذا الشهر، وتدفعهم لاستقباله بطقوس وعادات ذات طابع تعبدي وسلوكي واجتماعي واقتصادي أيضا، كما لا تخلو من ممارسات دخيلة تخفي بين طياتها تطور أفراد المجتمع المغربي واستغنائهم أحيانا على بعض العادات كانت تعتبر من المرتكزات.

ولا يمكن الحديث عن العادات والتقاليد في استقبال الشهر الكريم دون أن تأتي "شعبانة" على رأس القائمة، فهي مجموعة من الطقوس لدى المجتمع المغربي حيث تحمل بين طياتها فرحا وتضامنا وتآزرا بين الناس، وتختلف أشكال الاحتفال "بشعبانة" بمختلف المدن المغربية.

العاصمة الإدارية الرباط: بخور وطقوس لطرد الشياطين

لا يمكن الحديث عن طقوس "شعبانة" بالعاصمة الرباط دون أن نذكر روائح البخور المنبعثة من شرفات المنازل، حيث تعمد ربات البيوت إلى إشعال أنواع من البخور الخاصة بهذا اليوم، والتي تباع عند أغلب المتاجر المتخصصة، و تتكون من أنواع معينة ذات ألوان جذابة، تعطر بها النساء منازلهن اعتقادا منهن بقوتها في طرد الشياطين من المنزل، إضافة إلى ذلك تعد النسوة أطباقا خاصة للاحتفال بقدوم شهر رمضان واستدعاء الأقارب والجيران.

مراكش الحمراء: حفلات جذبة ومأكولات خاصة

"شعبانة" لدى المراكشيين احتفال خاص حيث  دأب عليه الحرفيون، فيتطوع أحدهم ويقترح المكان ويهيئ المأكولات، لينطلق أصحاب النشيد والأمداح النبوية، والدقة المراكشية طلية النهار لتنتهي بحفلات جذبة، وكان في السباق يتم الاحتفال بشعبانة، منذ بداية شهر شعبان إلى نهايته، بالحدائق و" العراصي" لكن مع مرور الزمن بدأت هذه العادات في التقلص.

وتحتفل النساء المراكشيات بطريقتهن داخل المنازل، فتتم دعوة النسوة بحضور "اللعابات"، للترويح عن النفس، بالرقص والغناء وهذا الترفيه يعتب إشباعا للجانب الغريزي للإنسان، على اعتبار أن شهر رمضان يلجم بعضا من هذه الممارسات الاجتماعية، وتقدم في هذا الحفل مجموعة من المأكولات والحلويات، فيما تقام طقوس النقش بالحناء .

العاصمة العلمية فاس: مفرقعات وزغاريد احتفالا برؤية الهلال

تنطلق استعدادات الأسر الفاسية لإحياء "شعبانة"،ابتداء من  منتصف شهر شعبان، و"شعبانة" لدى الفاسيين  عادة قديمة تنقسم إلى قسمين.
هناك شعبانة الأولى أو "الصغيرة" فتكون قبل رمضان بيومين أو أكثر، ويقوم من خلالها الآباء بشراء الألعاب للأطفال، وهي عبارة عن "حرقيات" و"مفرقعات"، ليستمر احتفال الأطفال وكذا الكبار بهذا اليوم عبر اشعال فتائل المفرقعات في سطوح المباني والشوارع وأزقة المدينة، وتقوم الأسر بالزيارات فيما بينها، وتصعد إلى الأسطح مجموعات لإشعال تلك المفرقعات تعبيرا عن فرحهم بمجيء هذا الشهر العظيم .
أما بالنسبة "لشعبانة" الكبرى، فتنطلق في اليوم الموالي لرمضان، حيث ترتدي النساء و البنات أنفس مالديهم من ملابس التقليدية، وتتجمع فوق السطوح لرؤية الهلال "الشهر"، وتنطلق الزغاريد والهتافات ترحيبا بهذا الشهر المبارك ،وتنطلق التهاني والدعاء بين المواطنين بمجرد رؤية الهلال من البرج الشمالي لفاس المدينة، وهو المكان الموجود في برج المرينين قرب متحف السلاح.

ورغم أن طقوس استقبال رمضان تكتسي حلة مظهرية متميزة تحاكي روحانياته، إلا أنه ظهرت على السطح تغيرات بالجملة في السلوك الإنفاقي، داخل المجتمع المغربي و الحالة المزاجية، العلاقات الاجتماعية، التي كانت في السابق من أسباب إنجاح مثل هذه المناسبات، وكذا  الجدول الزمني اليومي للصائمين وغيرها تطبع شهر رمضان في المغرب الذي يوفر عموما فرصة للوقوف على نموذج مجتمع  يجمع بين التمسك بالشعائر المقدسة، والانفتاح على الوقت الراهن بمختلف تطوراته.


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.