في إطار اشتغال لجان التفتيش بوزارة الداخلية، حول سوء التدبير والتلاعب في الصفقات العمومية، بالعديد من المجالس الترابية، شكلت لجنة للتدقيق في ملفات جهة الداخلة وادي الذهب؛ مكونة من
مفتش من المالية وآخر من وزارة الداخلية، للتدقيق في جميع العمليات المالية والمحاسبتية منذ تولي المجلس فترة انتدابه، في الانتخابات الجهوية لسنة 2015.
وكشفت اللجنة عدة اختلالات تضمنها “تقرير أولي”، أُرسل لرئيس الجهة، الخطاط ينجا، (حزب الاستقلال)، ليبرر تلك العمليات المالية، وجاء حسب الوثائق، أن “92 بالمائة من تبريرات الجهة غير مقنعة ومخالفة لمقتضيات القانون المسير للجهات”.
صفقة خط جوي مشبوهة
ومن ضمن الصفقات المفتحصة، صفقة تمت في نهاية العام 2016، حيث وقعت الجهة اتفاقية مع الخطوط الجوية الملكية، “لارام”، صفقة بقيمة 470 مليون سنتيم، ما يعادل 4,7 مليون من الدرهم لدعم خط الداخلة-لاس بالماس.
وقامت “لارام”، بعد مرور عدة أشهر، بعدما أخذت نصيبها، بالانسحاب من الاتفاقية، بحجة أن هذا الخط الجوي، قد “تسبب لها في الخسارة”، ليقوم بعد ذلك رئيس الجهة، بتوقيع اتفاقية أخرى مع وكالة أسفار تسمى “ريو دي أورو”، (وكالة بالداخلة)، بقيمة 470 مليون أخرى بحجة دعم وتطوير هذا الخط، وتم ذلك في غياب تام لأي طلبات عروض (Appel D'offre)، ودون نشر أي إعلان للمنافسة على الصفقة، وما يعني أنه في مدة سنة “صرف من ميزانية الجهة 940 مليون سنتيم”.
وجاء في رد الجهة، بأن لهذا الخط “قيمة سياسية واستراتيجية”، وهي محاولة واهية و لقلب الموضوع “سياسيا وسياحيا”، وربطه بقضية الصحراء، مع العلم أن غالبة السياح يأتون للمدينة في خط (الداخلة الدار البيضاء)، وليس خط (الداخلة-لاس بالماس).
وكان رد اللجنة المدققة هو أن جواب الجهة “غير مقنع وبعيد كل البعد عن صلب الموضوع”، ما يعني أن الصفقة غير قانونية.
مساعدات إجتماعية لـ“العائدين” غير قانونية
من بين الأمور التي أثارت الاستغراب، والتي تضمنها التقرير الأولي للجنة التدقيق، والذي تحصلت “بلبريس”، على نسخة منه، هي إقدام رئيس جهة الداخلة، على إعطاء مساعدات؛ لفئة “العائدين”، (المواطنون الذي عادوا من مخيمات تندوف)؛ عبر عقدها صفقة مع شركة لمدهم شهريا بالمؤن الغذائية.
وواجهت لجنة التدقيق، مجلس الجهة قانونيا، بأنه “لا يحق للجهة أن تخصص منح للعائدين كجزء من ميزانيتها لأنه ليس من تخصصها نهائيا”، بحكم أن الدولة هي المكلف الوحيد بهم، مع الإشارة إلى غياب “وثائق جرد عدد المستفيدين من هذه المنح المالية، وكذلك عدم توفر أي ضمانات على تسلمهم هذه المبالغ”.
ووقع مجلس الجهة هذه الصفقة حسب ذات الوثيقة، مع شركة تسمى“Maatallah Baba Daih”، لكي تتكلف بإعطاء “العائدين” تلك المؤونة الغذائية، التي يتراوح مقدار تكلفتها بين “ألف و ألفين درهم شهريا”، من ميزانية الجهة، وقد تمت هذه الصفقة في الظلام بلا طلبات عروض أيضا.
وتفاجأ المفتشان من غياب “سجلات بأسماء المستفدين”، كما هو الحال في المنح المالية، وكذلك “عدم حصر هذه الكمية الممنوحة”، أو حتى ”توفر إشهاد من المستفيدين باستفادتهم”.
وردت الجهة على ذلك، بأل وجود لأي “قانون يمنع مجلسها من إعطاء مساعادات إجتماعية”، وأن المستفيدين يقومون “بالبصم على وصل استلام”.
وجاء رد المفتشين، متضمنا “أنه بالبصم على وصل الاستيلام يستحيل التعرف على هوية المستفيد وتتبعه”، ناهيك أن هذا “غير قانوني”، وليس من “اختصاصات المجلس”، ويفتد “لعقد رسمي مع الدولة”، يتضمن “المراسيم والفصول القانونية المخصصة في هكذا إجراءات”.
و جدير بالذكر، أن المفتشية العامة لوزارة الداخلية، أعدت في السنة الماضية، 1305 ملفا بعد عمليات الافتحاص، التي خضعت لها مختلف المجالس الترابية، والتي همّت 671 ملفا، تتضمن ملاحظات حول “سوء التسيير الإداري”، و184 ملفا حول “سوء التدبير في مجال التعمير”، و215 ملفا تخص “المنازعات القضائية”.