يباشر قضاة المجلس الأعلى للحسابات تحقيقات في ملفات تمويلات “انطلاقة”، التي ساهمت فيها الدولة بما لا يقل عن 3 ملايير درهم لدعم تشغيل الشباب والباحثين عن العمل.
وأوضحت مصادر “الصباح” أنه تم إطلاق قروض “انطلاقة”، من أجل تمكين الشباب من إطلاق مشاريع التشغيل الذاتي، وتم تحديد الغلاف المالي لهذا البرنامج في 8 ملايير درهم (800 مليار)، ساهمت الدولة فيه بثلاثة ملايير درهم والبنوك بالمبلغ ذاته، وصندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية بملياري درهم.
وأفادت مصادر “الصباح” أن هذه التمويلات لا تمنح مباشرة إلى طالبيها، بل تحول مباشرة إلى مقدمي الخدمات ومموني طالبي القروض، وتظل هذه المقتنيات مرهونة للبنك لا يمكن التصرف فيها، باعتبارها ضمانة للمؤسسة المقترضة لاسترجاع مستحقاتها.
ويأتي تحرك المجلس الأعلى للحسابات بعد انتشار أخبار بوجود تلاعبات في منح القروض ودراسة الملفات والتأشير عليها، علما أن أزيد من نصف الغلاف المالي (5 ملايير درهم)، عبارة عن أموال عمومية متأتية من ميزانية الدولة وصندوق الحسن الثاني. وعقد قضاة المجلس لقاءات مع جمعيات مهنية وبنوك ومشرفين على البرنامج.
وأفادت المصادر ذاتها أن التحريات حول وثائق القروض الممنوحة، أبانت عن وجود فواتير تعود لشركات معروفة في السوق بإصدار فواتير مزورة، مقابل تحصيل عمولات عليها، ما يرجح فرضية أن المقاولات التي استفادت من التمويلات، استعانت بها للحصول على فواتير، التي على أساسها يتم الحصول على التمويل البنكي. وتبين أن بعض الشركات التي توقفت عن أداء الأقساط الشهرية لإرجاع القروض التي استفادت منها، كانت مجرد قوقعات فارغة، تم إنشاؤها للحصول على التمويلات.
وأكدت المصادر ذاتها أن المراقبين اكتشفوا أنه لم تتم دراسة المشاريع المقدمة قصد التمويل بالشكل المطلوب، كما لم يتم التحقق من صحة الوثائق المقدمة، خاصة في ما يتعلق ببعض الفواتير المقدمة في الملفات، الصادرة عن شركات تحوم حولها شبهات بإصدار فواتير مزورة، علما أن بعض المجموعات البنكية تتوفر على لائحة سوداء بأسماء بعضها.
وأظهرت التحريات الأولية أن شبابا احتالوا على المؤسسات البنكية بتقديم فواتير مزورة لاقتناء تجهيزات وأداء خدمات ممونين، واستفادوا من مبالغ مالية، بعدما أدت البنوك قيمة الفواتير لمصدريها، إذ تتم الاستعانة بمكاتب متخصصة، تتكفل بإعداد ملفات طلب القروض وإيجاد شركات “خاصة” تقدم الفواتير المطلوبة لتبرير النفقات، التي ستمول بالقرض المطلوب، وتواكب الراغبين في الاستفادة من قروض “انطلاقة”، طيلة مراحل تقديم الطلب وتوفير كل الوثائق إلى حين تحصيل مبالغ الفواتير، ليتم بعد ذلك اقتطاع عمولة الشركات المصدرة والمكاتب المواكبة، ويمنح المستفيد المبلغ المتبقي.
وتقرر تعليق البرنامج إلى حين الانتهاء من التحقيقات وتحديد مواطن الخلل والجزاءات، التي سيتم اتخاذها في حق المتورطين في التلاعبات.