بالرغم من عودة العلاقات مع الجزائر.. سانشيز يحتفظ بأصدقاء المغرب "الأقوياء"
في خطوة تهدف إلى تعزيز العلاقات الدبلوماسية بين إسبانيا والمغرب، قرر بيدرو سانشيز، رئيس الحكومة الإسبانية المعيَّن حديثًا لولاية ثانية، الاحتفاظ بوزراء الداخلية والخارجية في حكومته. يعتبر فرناندو غراندي مارلاسكا وخوسيه مانويل ألباريس، اللذين يحملان رمزية كبيرة، أساسيين في استئناف العلاقات الدبلوماسية بين المغرب وإسبانيا.
ووفقًا لمصادر إعلامية محلية، فإن استمرار مارغريتا روبليس في وزارة الدفاع يعزز الاستقرار في الحكومة، بينما يحتفظ لويس بلاناس بمنصب وزير الفلاحة والصيد البحري والغذاء. تأتي هذه التعيينات في سياق يُعتبر إيجابيًا للمغرب، حيث يتوقع أن يستمر الدفء والانسجام في العلاقات الثنائية.
ومع ذلك، تظل هناك مناطق "عدم اليقين" تتطلب اهتمامًا دقيقًا، حيث لا تزال القضايا مثل فتح الجمارك التجارية مع المناطق المحتلة وإدارة المجال الجوي للصحراء وتوسيع المجال البحري وإقامة إدارة هجرة مشتركة تمثل تحديات تحتاج إلى حلا فوريًا. على الرغم من الأمور الإيجابية، يظل الحل لهذه القضايا مفتاحًا لضمان استمرار تحسين العلاقات بين البلدين.
وكان وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، قد أجرى أجرى مباحثات مع نظيره الإسباني، فيرناندو غراندي مارلاسكا غوميث.
ورافق أنذاك غراندي مارلاسكا غوميث رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز الذي حل أمس الأربعاء بمطار الرباط سلا على رأس وفد هام حيث سيترأس إلى جانب نظيره المغربي عزيز أخنوش أشغال الاجتماع الـ 12 رفيع المستوى المغرب-إسبانيا.
ويأتي الاجتماع رفيع المستوى بين المغرب وإسبانيا، بعد ثمان سنوات على عقد آخر دورة لهذه الآلية المؤسساتية، ليكرس الشراكة الاستراتيجية والدينامية التي انخرط فيها البلدان عقب الزيارة التي قام بها سانشيز للمغرب، في أبريل الماضي، بدعوة من الملك محمد السادس.
والتقى عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية، بنظيره الإسباني فرناندو غراندي مارلاسكا، قبل ذلك، لتدارس الملفات المشتركة في مجال الداخلية، خاصة محاربة الإرهاب والهجرة غير الشرعية وتهريب المخدرات.
وحسب ما أعلنت عنه الحكومة الإسبانية، فقد انطلق الاجتماع بتقييم العلاقات الثنائية بين إسبانيا والمغرب في مجال الداخلية، وسلط الوزير الإسباني الضوء على “العمل المشترك اليومي بين القوات الأمنية”، قائلا إنه “تعاون ينعكس في مجالات مثل محاربة المافيات التي تتاجر في الأشخاص، وعمليات مكافحة الاتجار بالمخدرات والإرهاب”.
فيما يتعلق بإدارة تدفقات الهجرة، نوه مارلاسكا بـ”العمل الممتاز الذي تم القيام به بشكل مشترك بين قوات الأمن المغربية والإسبانية”، وصرح بأن “تبادل المعلومات العملياتية هو مفتاح لمكافحة الهجرة غير النظامية وتفكيك المنظمات الإجرامية المخصصة لتهريب المهاجرين”.
كما تطرق الوزيران إلى عملية تطبيع العبور على الحدود البرية بين البلدين، التي بدأت في 17 ماي بإعادة فتح معبر بني إنصار في مليلية ومعبر تراخال في سبتة؛ إذ أوضح الوزير الإسباني أن “هذه العملية هي نتيجة العمل الثنائي الذي تم تنفيذه بين السلطات الإسبانية والمغربية في إطار خارطة الطريق المتفق عليها بعد الاجتماع الذي عقده الملك محمد السادس ورئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز”.
وتناول الاجتماع أيضا عملية “مرحبا” التي بدأت نسختها الثالثة والثلاثون اليوم، والتي يشارك فيها قرابة 16 ألف عنصر من قوات وأجهزة الأمن من الجانب الإسباني.
وتدور الإجراءات التي تم تبنيها بين إسبانيا والمغرب فيما يرتبط بعملية “مرحبا” حول عوامل عديدة؛ منها مرونة وسلامة العبور، ومساعدة المسافرين، ووقاية وحماية الصحة العامة. وجرى الاتفاق أيضا على تقاسم خطط الأسطول التي سيتم تنفيذها لضمان الإمداد الكافي للحركة اليومية للركاب والمركبات. كما تمت مناقشة تعزيزات الموظفين الذين سيتم حشدهم في الموانئ لضمان العبور من أوروبا إلى إفريقيا والعكس.
من جانبه أكد خوسيه مانويل ألباريس، وزير الشؤون الخارجية في حكومة تصريف الأعمال الإسبانية، في اخر تصريح له، أن المغرب شريك استراتيجي بالنسبة لإسبانيا، مشددا على أن جميع القرارات التي ستتخذ بشأن تحديد الحدود البحرية مع المغرب ستقوم على أسس الصداقة.
وفي تعليقه على الجدل الذي أثير بخصوص مشروع تنقيب المغرب عن الغاز في الأطلسي، أبرز رئيس الدبلوماسية الإسبانية، في تصريحات نقلتها عنه وكالة “أوروبا بريس”، أن “جميع القرارات المتخذة في سبيل تحديد الحدود البحرية على مستوى المحيط الأطلسي ستكون على أساس الصداقة وضمان مصالح إسبانيا وجزر الكناري بالطبع”.
ولفتت الوكالة، إلى التخوف الذي أبداه تحالف كناريا القومي جاء عقب خطاب جلالة الملك محمد السادس بشأن التنقيب عن الموارد الطبيعية قبالة سواحله في المحيط الأطلسي؛ حيث تعالت أصوات تطالب وزير الخارجية الإسباني بإجابات تلتزم أقصى درجات الشفافية في الموضوع.
وكانت النائبة الإسبانية عن تحالف الكناري القومي، كريستينا فاليدو، استفسرت ألباريس عن مشروع المغرب للتنقيب عن النفط في الاطلسي، منتقدة ما وصفته بـ”صمت” حكومة مدريد حيال قضية تتعلق مباشرة بمستقبل جزر الكاناري وتمس بحاضرها.