دور المعارضة والمجتمع المدني في إرساء قواعد الديمقراطية التشاركية دور رئيسي ولا يمكن تجاوزه أو تهميشه، لأن كل القرارات التي تأتي خارج مشروعيته القانونية التي نص عليها الدستور والقانون التنظيمي للجماعات، قرارات فوقية لا غير ولا تلبي طموح الساكنة لأنها تخدم سياسة شريحة اجتماعية معينة واتجاه نفعي وانتفاعي معين داخل المجلس الجماعي أو في لوبيات الاستثمار والمقاولة، خصوصا إذا غابت إجراءات الرقابة القبلية والبعدية في تنفيذ وتتبع الصفقات العمومية المحلية والمشاريع الاستثمارية العمومية ، طبقا لقانون.2.451.17الذي منح لوزارة الداخلية الرقابة على مالية الجماعات.
هناك فصول ومواد كثيرة في قانون 113.14 المنظم للمجالس الجماعية تعرف قانونيا الأدوار الوظيفية للشركاء في تدبير العام المحلي، هذه الأخيرة تتيح فرصة تشاركية للهيئات المدنية والسياسية والساكنة وحتى سائر المواطنين في الإسهام في تدبير شؤون المجلس المحلي طبقا للمواد المنصوص عليها في القانون التنظيمي للمجلس. كي لا تكون القرارات المتخذة بشكل انفرادي قرارات ذات بعد واحد كونها قرارات صادرة عن رئاسة المجلس وطيفها الحزبي ومؤيدة من قبل الأغلبية ومحيطها السياسي. فالأكيد أن القرارات التي تتخذ خارج النقاش الجماعي والحوار المتبادل مع سائر الأطياف السياسية الأخرى والمعارضة داخل المجلس تكون قرارات انفرادية مغلقة ومغرضة، وبالتالي فهي قرارات فوقية غالبا ما تكون نتائجها سلبية، لا تخدم المصلحة العامة ولا ترضي الساكنة ؟ فمن المفروض وطبقا للقوانين المنظمة لسير المجالس الجماعية أن تتاح الفرصة للمعارضة والمواطنين ليسهموا قي برامج التنمية والاستثمار والخدمات التي تتعلق بمدينتهم وأن يسمح للمواطنين وفعاليات المجتمع المدني أن يدلوا
برأيهم في سائر القضايا التي تهمهم، فالمجلس الجماعي منتدى لتدبير الشأن العام بمساهمة مواطنيه وساكنته التي رشحته ليخدم مصالح الساكنة والبلد.
طبقا لأحكام الفصل 139 من الدستور الحالي، تنص المادة 119 من القانون التنظيمي للجماعات رقم 14.113 على أن المجلس الجماعي مدعو للاستجابة للمبادرة التشاركية للمواطنين والمواطنات وجمعيات المجتمع المدني ولمقترحات أطراف الشراكة وخصوصا المعارضة داخل المجلس التي تمثل الآلية التقويمية والتقييمية لعمل المجلس وأنه يتحتم إشراك سائر المواطنين في إعداد برامج العمل طبقا للكيفية المحددة للنظام الداخلي للجماعة غير ان ما يجري في مجلس جزولة يخالف العرف والقانون، فهناك تضييق على المعارضة المحدودة العدد في المجلس من قبل حاشية الرئيس في الجماعة وعزلهم. وفي هذا السياق لا يجب أن يغيب عن رئيس مجلس جزولة أنه رئيس للمعارضة والأغلبية معا، رئيس للمواطنين بجزولة كبيرهم وصغيرهم الذي يختلف معه والذي يتفق معه، الذي ينتقده بعنف والذي يطبطب على كتفه ويمدحه، رئيس منتخب ليلبي كل طلبات السكان في سائر الأحياء بالمدينة، وأن ممارسة الحيف أو التعالي أو الانتقام أو التهميش في حق مواطن واحد من الساكنة؛ يسقط عنه الصفة الأفقية للمسؤول الجماعي ويجعل منه مسؤولا فئويا، أي مسؤول الفئة الاجتماعية التي ناصرته سياسيا وانتخابيا وذلك هو الفهم السيء لمبدأ الرياسة والقيادة والتدبير والحكامة الجيدة .
وبناء على الحق الدستوري في الاختلاف، لا يحق للأغلبية ان تكون موضع مصداقية دائمة بالنسبة للرئيس، من حق المعارضة ان يتبنى الرئيس رأيها حين يخدم المصلحة العامة ويتوافق مع الشروط القبولية للرأي، فما بال الرئيس اذا طلبنا منه الاستماع لمقترحات الساكنة والأخذ بها بواسطة لجان سكانية يمنحها دستور 2011 هذا الحق، حق مساءلة الرئيس ومحاسبته وربما إقالته إذا توفر اجماع اللجنة الشعبية على إقالة الرئيس؟ هناك قوانين دستورية متاحة لا يمكن جهلها أو تجاهلها منها حكم اللجنة الشعبية وانه لمن السهولة بمكان تشكيل هذه اللجنة واصدار حكم يحظى بالقبول وتوصية بالتنفيذ، فما ينتظر الرئيس هو العزل المباشر من قبل وزير الداخلية ؟
نتمنى أن لا يكون التجاوب المنتظر من قبل رئيس المجلس للمكونات الشعبية والنخبة المثقفة والجمعيات والهيئات المدنية التي سوف تدخل معه على الخط قريبا لتفحص أوراق المجلس المنتخب اداريا وماليا؛ تعكسه علاقته بعناصر المعارضة الموجودة في المجلس. لذا فنحن من منطق الحياد ؛ نرى أن من واجب الرئيس الخضوع أولا وأخيرا للقانون التنظيمي للمجلس، حيث أن من حق المنتخبين الحصول على المعلومة طبقا للقانون والحصول على الوثائق ذات الصلة بالنقاط المدرجة في اجتماع الدورة ومن حقهم الطعن في أي خرق أو تجاوز يتضح لهم من خلال سير الجلسة. إن تخوف الرئيس من عدم تقديم المعلومة يعد سلوكا احترازيا ومتوجسا وهو تصرف غير مقبول. لذا تعتبر الدورة العادية للمجلس البلدي لمدينة سبت جزولة التي انعقدت يوم الثلاثاء 23 أكتوبر 2018،حدثا يستحق الوقوف عنده، لأنه خلق جدالا قانونيا وإجرائيا ،يمكن تصنيفه في خانة الجدال الذي يسائل الكفاءة والتدبير الجماعي والنزاهة والشفافية واحترام القوانين التنظيمية.؟ إن مناقشة المشاريع المدرجة في البرنامج واستراتيجية الرئيس والأهداف المرسومة وميزانية سنة 2019 ومسألة المنح الجمعوية تستوجب تقديم كل الوثائق ذات الصلة التي بواسطتها تناقش محتويات جدول الأعمال. ولعل اعتراض المعارضة داخل المجلس على
خرق القانون التنظيمي لم يجانب الصواب على الرغم من ان انسحابهم من الجلسة كانت فيه بعض المبالغة ولم يكن هناك من داع للانسحاب.