يستعد حزب الحركة الشعبية لعقد مؤتمره الوطني الثالث عشر في 28 و29 و30 من الشهر الحالي، على ايقاع انتظارات وخلافات واشاعات ومخاوف وتطلعات .ولاحظ الكل صمت القيادة الحركية وترك الاشاعات تفتك وتضلل، وكان يجب انتظار رئيس اللجنة التحضيرية السعيد امسكان لكي يخترق هذا الصمت ليدلي بأول تصريح مفصل عن المؤتمر وكل ما يتعلق به ، وعن المرشحين للأمانة العامة، وعن ترشح العنصر وحصاد ومبدع والفاضلي ، وعن تطلعات مناضلات ومناضلي الحركة ، وعن تحديات المستقبل بالنسبة لحزب الحركة الشعبية الذي عليه أن يغتنم فرصة انعقاد المؤتمر الوطني 13 لاعطاء انطلاقة مؤسساتية جديدة للحزب قبل مجيئ الطوفان اذا ما تم تدبير مؤتمر سنة 2018 بمنطق وعقلية ما قبل دستور 2011،ودون التقاط انتقادات الملكية الموجهة للأحزاب خصوصا في خطابات سنوات 2016 و2017 و2018.
في هذا الصدد، أجرى موقع "بلبريس" حوارا مع القيادي في حزب الحركة الشعبية والوزير السابق السعيد أمسكان رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني الثالث عشر للوقوف على أهم المستجدات التي يعرفها الحزب استعدادا للمؤتمر الوطني المقبل.
وهذا نص الحوار كاملا:
حزب الحركة الشعبية يستعدُ لعقد مؤتمره الوطني الثالث عشر، ما هي آخر الإستعدادات بصفتكم رئيسا اللجنة التحضيرية؟.
الاستعدادات للمؤتمر وصلت للأشواط النهائية بعد ستة أشهر من العمل في اللجنة التحضيرية أو اللجينات التابعة لها، بحيثُ اشتغلت لجنة القوانين التي قامت بعمل جذري في تعديلاتها للقانون الأساسي التي لم تكن في القانون السابق، لأنه تم المرور من أسلوب يُعين وتُشكل إلى عملية التصويت في جميع هياكل الحزب، بما فيها العضوية بالمكتب السياسي أما الأمين العام ينتخبه طبعا المؤتمر، أما الأقاليم هي من تُشكل المجلس الوطني، وأصبح كل شيء بالتصويت، وهذا إجراء ديمقراطي ممتاز لكنه يشكل خطورة نظرا لطبيعة تفكير وتعامل منخرطي الحزب، رغم ذلك سرنا في هذا الاتجاه، وسنرى في المستقبل ماذا سيقع، وطبعا المؤتمر له صلاحية تغيير كل ما نقدمه له.
واجتمعت لجنة الانتداب للمؤتمرين التي عقدت لما يفوق 14 إجتماعا رسميا، وخلص الأمر داخلها بوضع مقاييس تحدد الحصص المخصصة للأقاليم في المؤتمر عبر الإجراء الأولي بإستدعاء الأعضاء بالصفة المنصوص عليهم في القانون الأساسي مثل رئيس جماعة أو رئيس غُرفة أو عضو في المجلس الوطني الحالي، كما وزعنا خمسة مقاعد من المؤتمرين على قدم المساواة لجميع الأقاليم، ووضعنا مقياس بناء على نتائج الإنتخابات البرلمانية، مثلا المكان الذي يوجد فيه نائب برلماني نقدم لهم خمسة مقاعد إضافية.
ونأخذ بعين الاعتبار المنتخبين الجماعيين فبعدما نزيل مقاعد من لهم الصفة، نوزع الباقي على 3214 منتخب جماعي، و أن هذه الطريقة منصفة جدا بالنسبة للحصص التي قُدمت للأقاليم، ونترك 10 في المائة احتياطا لاستدراك ما يمكن استدراكه في حالة عدم التوازن أو السهو.
واشتغلت لجنة البرامج على المواضيع الرائجة منها البرنامج التنموي الجديد، وبخصوص لجنة اللوجستيك التي لازالت تشتغل لحد الساعة، وينتظرون منا أن نقدم لهم شعار المؤتمر لطبع المستلزمات، وسيتم فتح الأظرفة بالنسبة لمن سيتكلف بالتموين، ونصب المنصة والإضاءة، عبر صفقات مفتوحة نُشرت في الجرائد، وقررنا أن يتم فتحها أمام اللجنة في شفافية مُطلقة.
ولجنة التواصل أعدت موقعا إلكترونيا خاصا، اللجان أتمت أشغالها واجتمعت اللجنة التحضيرية يوم 4 غشت عرض فيها كل مسؤول عن أي لجنة تقريرا مفصلا، وتمت المصادقة عليها، إلا في بعض القضايا تم تكليف بها لجنة التتبع التي فيها رئيس اللجنة التحضيرية ورئسي فريقا مجلس النواب والمستشارين لتعديل ما طلبه الإخوان وتم ذلك.
(مقاطعا) ما هي رسالة الحزب نحو التوجه إلى اعتماد أسلوب فتح الأظرفة؟
ليست فيها رسالة سياسية، ولكن نبحثُ عن أقل تكلفة ممكنة، نظرا للإمكانيات والتمويلات، واتجهنا نحو فتح الأظرفة بشكل علني لكي تكون الشفافية ممكنة، ولعدم فتح المجال أن يتم التلاعب فيها.
ماهي التكلفة المالية للمؤتمر؟
لا يمكنني أن أتكهن بالتكلفة المالية للمؤتمر لأننا لا نعرف بعدُ ما تضمه الصفقات من مبالغ مالية، واللجنة وضعت تصورا أوليا، لأنهم كانو ينظرون بعيدا، بدون النظر في أبعاد المصاريف التي وضعوها وخلفياتها، وفكرت في جميع الأمور الخاصة بالنقل والإيواء والأكل، وصل فيها المبلغ 7 ونصف مليون درهم، ومستحيل على الحزب أن يوفر هذا المبلغ، لأن إمكانياتنا جد ضئيلة بسبب أن الدعم الذي نتلقاه من الدولة لا يكفي لأن العدد الذي نتوفر عليه في مجلس النواب والمستشارين يظل قليلا.
ثم إن مناضلينا لا يشاركون نهائيا، بحيث أنه اشترطنا في القانون أن يكون العضو الذي سيأتي للمؤتمر يحمل معه بطاقة تؤكد أنه أدى حوالي 200 درهم، ولكن لا أعرف هل سنصل لهذا الأمر أم لا، صحيح أن إمكانياتنا محدودة لكن المؤتمر سوف ينعقد في ظروف جيدة لا يمكن أن أتكلم على رقم معين ولكن يتجه نحو أربعة ملايين درهم.
هل الحركة الشعبية ستوجه الدعوة لحضور بعض أشغال المؤتمر لجميع الأحزاب المغربية؟
سوف نستدعي الحكومة بجميع أعضائها، والأحزاب المغربية كاملة، طبعا هناك من سيعتذر أو لن يحضر، وسندعو النقابات، والمؤسسات الدستورية، وسنوجه الدعوة إلى بعض رجال الأعمال، وأيضا السفراء العرب والأوربيين من تجمعنا علاقة معهم ، ويوجد أناس أجانب منهم أحزاب من الأممية الليبرالية، ربما لهم لقاء في المغرب متزامن مع المؤتمر يمكن أن يحضر عدد مهم منهم ، ووجهنا الدعوة أيضا للدول الصديقة والمجاورة والتي لنا معها علاقات.
ذكرت قبل قليل، بعض معالم مشروع القانون الأساسي لحزب الحركة الشعبية، ما هي أهم التعديلات الواردة في المشروع الحالي؟، وكيف تردون على الإتهامات القائلة بأن القانون الأساسي أُعد ترضية "للخواطر"، أو لفتح الباب أمام بعض الشخصيات لتتولى الأمانة العامة أو المكتب السياسي؟.
هذا خطأ، لأننا نشتغل من أجل المؤسسة وليس من أجل الأشخاص، ومن التغيرات الهامة التي فيه قمنا بها لدمج عدد من الفصول لكي يزول الغموض نهائيا في القانون، بحيث مررنا من أكثر من 80 فصلا إلى 27 فصل فقط، الأمر الثاني الذي يميز التعديلات الواردة في القانون الأساسي، العلمية الديمقراطية عبر الإنتخاب والتصويت، بالنسبة للأمين العام يُنتخب من طرف المؤتمر بالتصويت السري، ونفتح الباب لجميع أعضاء المجلس الوطني الحالي الذي يبلغ عددهم 600 شخص لمن يود الترشح للأمانة العامة، ونتقبل ترشيحاتهم إلى ليلة المؤتمر.
وهذا لا يعني أنه لن يكون توافق من أجل عدم تشتيت الأصوات وتمييع العملية ككل، وإذا لم نستطع سندع الأمر للعملية الديمقراطية، وبالنسبة للمكتب السياسي كانت عندنا لائحة مغلقة وإذا حصلت على 51 في المائة من الأصوات تشكل المكتب السياسي، الذي يتكون من 30 فردا، أما اليوم سنعتمد على اللوائح النسبية يعني أي شخص استطاع جمع ثلاثين شخصا بشرط أن لايكون أعضائها من عمالة وإقليم واحد، ولابد له من التعامل من أقاليم أخرى لتشكيل اللائحة.
ووضعنا عتبة، أن أي لائحة إذا لم تحصل على 15 في المائة من الأصوات لن تمر، التي تشكل حوالي 67 عضو من المجلس الوطني لتصبح لائحة ضمن المتنافسين، وأتوقع أن تكون ثلاث وأربع لوائح وليس لنا أي مُركب أن يكون عندنا تيارات مُختلفة داخل المكتب السياسي، لأن هذه هي الديمقراطية، يجب القبول بجميع الأفكار، ولما لا يكون إحتكاك في المكتب السياسي، من له رأي صحيح سيتم التصويت عليه في آخر المطاف.
الجديد حول رئيس المجلس الوطني أنه يتم انتخابه بالتصويت السري لأنه في السابق كان يتم تعيينه، ونظرا لاختصاصاته المهمة التي قُدمت له في القانون الأساسي، ودوره في الممارسة الشأن الحزبي سيرغب أعضاء الحزب أن يترأسوا المجلس الوطني، وطبعا ستكون منافسة وصراع في إطار الديمقراطية، وأنه كنا نناقش داخل المجلس الوطني بعدد كبير يصل إلى 600 شخص بحيث في تلك الوضعية لا يمكن اتخاذ أي قرار يمكن اعتباره صائبا ومهما في آخر المطاف، ومن قبل كان يفوض الأمر إلى الأمين العام لاتخاذ القرار، والآن أزيلت هذه النُقطة فالمجلس الوطني سيتخذ القرار سواء بالتصويت أو عبر التوافق.
المهم أننا نؤسس للمرحلة الجديدة التي دخل فيها المغرب، لأننا في عهد المنظور الجديد والديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات، والجيل الذي تكلف بالتحرير انتهت مهمته بعد إنشاء المؤسسات يجب أن نمر لمرحلة الديمقراطية الحديثة في إطار دولة المؤسسات.
مع اقتراب المؤتمر الوطني الثالث عشر، طفت على السطح بعض النقاشات داخل حزب الحركة الشعبية، منها انتقاد محمد أزين زمليه في الحزب سعيد أمزازي الذي يشغل منصب وزير التربية الوطنية، وتدخل الأمين العام لحزب الحركة الشعبية امحند العنصر؟ كيف ترون هذه النقاشات؟
أعتقد أن تصريح محمد أوزين لا علاقة له بالمؤتمر، ولسنا في حاجة لنوع من هذا التصرف في هذا الوقت، كيفما كان الحال هو نائب برلماني ووزير سابق له كامل الصلاحية والحق بأن يتحدث، مع أنه في الحزب نتمنى أن يتم تفادي مثل هذا النوع من المشاكل ونحن مقبلون على المؤتمر، والأمين العام للحزب قام بتصحيح ليؤكد أن كلام أوزين يهم صاحبه فقط، ولا يهم الحزب أو هياكله.
عدد من المواقع الإلكترونية تتحدثُ عن الحركة التصحيحية، فإني أظل يوميا في المقر المركزي، ومن يعرفُ أحدا من الحركة التصحيحية فليوصله لي لكي أتناقش معه وأعرف ما يريد، لا نعرف من هذه الحركة التصحيحية ومايتم تداوله يتم عن طريق إسم مجهول، ونحن مستمرون في عملنا، وطريقنا لإنجاح مؤتمر الحركة الشعبية، والأمور تسير بشكل طبيعي وعادي، ولا أعتقد أن ما يقال أو يشاع أو يُكتب سيؤثر على المؤتمر.
وأنتم مقبلون على المؤتمر الثالث عشر لحزب الحركة الشعبية هل يُمكن أن نرى المرأة الحركية تقود الحزب؟
نحن نؤمن إيمانا راسخا بضرورة السير نحو المناصفة، وتعرفون أننا بدو بمفهومه النبيل للبداوة، ولا بأس أن أذكر بأبيات شعرية للمجاهد عبد القادر الجزائري لما عيره فرنسي بالبداوة بقوله:
ما للبداوة من عيب يذم به *** إلا المروءة والإحسان بالبدري
ما في البداوة من عيـب تـذم بـه *** إلا المـروءة والإحسـان بالـبـدر
لا تذممـن بيوتـا خـف محملـهـا *** وتمدحـن بيـوت الطيـن والحجـر
الحسن يظهـر فـي بيتيـن رونقـه *** بيت من الشعر أو بيت مـن الشعـر
نحن بدو بمفهومها النبيل، وأن المؤتمر المقبل للحزب سيؤكد أنه مع المناصفة في وثائقه، ومع تقليص الفوارق الموجودة في البلاد سواء بين الجهات والأقاليم أو المجالية والعائلية، وأننا نحترم الدستور الذي صوت عليه الشعب المغربي بأكمله ومنها الديباجة، وأتحدثُ تحت مراقبة صديقي، وأن الدستور يتحدث عن تكافؤ الفرص والمساواة، فنحن نسعى لإحترام الدستور الذي هو الجسر لكي نمر لدولة الحق والقانون، أن نحترم الدستور والمبادئ الإنسانية والإخلاقية في بلادنا.
عُرفت الحركة الشعبية بدفاعها عن الأمازيغية، هل لها حضور في المؤتمر المقبل؟
أردنا أم لم نرد، فإن الحركة الشعبية وليدة الأطلس، المنطقة التي تتحدثُ الأمازيغية، ولا يمكن إزالة هذه الصفة. دافعنا على الأمازيغية في الوقت كانت فيه محظورة، ولا يستطيع أي أحد الحديث عنها، وقدمنا مقترح قانون حتى جاء خطاب أجدير، وتطورت إلى الوقت الحالي التي أصبحت فيها لغة وهوية رسمية بالمشهد الوطني المغربي، الحركة الشعبية لا تزال متشبتة بموقفها وتدافع في إطار القانون لكي تتبوأ مكانتها.
هل حدد مشروع القانون الأساسي الذي سيعرض في المؤتمر عدد الولايات بالنسبة للأمين العام؟
القانون الأساسي السابق كانت عدد الولايات مُحددة، والآن أزلناها نظرا للإكراهات، حاليا العنصر أمضى 32 سنة على رأس الحركة الشعبية ليس بشكل إرادي منه، بل بعض الأحيان يُفرض عليه ولاية لكي لا نتشتت، الإخوان حين يرون شخص يُحترم ورجل دولة ويعرفونه، ولم يرو فيه عيبا يحاولون التشبت به، وإذا لم يكن هو يأتي خمسة أو ستة يترشحون ويشتتون الأصوات حنها نُميع العملية، حينها يتم فرض عليه الإستمرار، نحن نفتح الباب إذا كان هناك بديل أو خلف ليس لدينا مُشكل، وإذا لم يكن نضطر للاستمرار في ولاية أخرى.
هل يمكن أن نراك مرشحا لتولي قيادة الحركة الشعبية؟
قلت منذ مدة، أنه كان يُقترح عليّ أن أترشح في المؤتمرات السابقة، لكنني شخصيا لم أطمع يوما أن أكون رئيس حزب، وأقولها بكل صراحة، أنا إنسان متواضع لست للجدالات العقيمة والخصام تبادل الرسائل عبر الفايس بوك.
وأصلا أنا إنسان متجاوز، سني بلغ 75 سنة، وسيكون من العبث أن أصبح رئيس حزب، ففي الوقت الذي أكد في الخطاب الملكي على دور الشباب آتي أنا اليوم وأترشح لقيادة الحركة الشعبية، بكل صدق وإخلاص لست مرشح لا للإمانة العامة أو في هياكلها...ولكنني أبقى مناضلا إلى الموت في الحركة الشعبية منذ أن التحقت بها سنة 1974، أي أربعين سنة كاملة، هذه قناعتي وتصوري، ولم أطمع يوما أن أغير الحزب، لأنه ما يؤدي للطمع والانتهازية ليس في طبيعتي أو تربيتي وأخلاقي.