باحثون مغاربة يفككون تداعيات تهريب الانفصالي غالي بتواطئ اسباني/ جزائري

وصل زعيم جبهة البوليساريو، إبراهيم غالي، إلى الجزائر فجر امس الأربعاء في حدود الساعة الثالثة صباحا بالتوقيت الجزائري، بعدما أثار سفره لتلقي العلاج في إسبانيا منذ أكثر من شهر خلافا دبلوماسيا بين إسبانيا والمغرب.

وأكد المتحدث باسم الجبهة في إسبانيا، جليل محمد، وصول غالي إلى الجزائر، بعد أن غادر إسبانيا بعد ساعات قليلة من مثوله عن بُعد أمام المحكمة العليا الإسبانية في قضية تتعلق بارتكاب جرائم حرب.ولم يفرض القضاة بعد الجلسة أي قيود على غالي وسمحوا له بمغادرة إسبانيا.

د.مصطفى طوسة : الدبلوماسية المغربية سجلت نقاطا سياسية ذات قيمة كبيرة

في هذا السياق قال الخبير السياسي مصطفى طوسة في تصريح لبلبريس:” أن الدبلوماسية المغربية سجلت نقاطا سياسية “ذات قيمة كبيرة” في قضية محمد بن بطوش المدعو إبراهيم غالي”.

وقال الخبير السياسي، في تحليله، أن عدم التحقيق المادي “للهدف الاستراتيجي” الذي عبئت من أجله الجهود الدبلوماسية المغربية، وهو رؤية إبراهيم غالي، زعيم قضية خاسرة وأيقونة أزمة مصطنعة، أداة الآلة الحربية الجزائرية ضد المغرب، وراء القضبان، “لا تعني بأي حال هزيمة مغربية في هذه المواجهة الدرامية التي شدت الانتباه وسخرت الطاقات لأيام طويلة”.

وأكد المتحدث نفسه، “على العكس من ذلك، فقد سجلت الدبلوماسية المغربية نقاطا سياسية ذات قيمة كبيرة” .

“هل يعني ذلك فشلا مغربيا، أو خيبة أمل وإحباط لرؤيته يفلت من قبضة العدالة الإسبانية ؟” يتساءل الخبير السياسي، معتبرا أن الأمر لا يتعلق بأي حال من الأحوال بفشل، خاصة وأن المكاسب السياسية للدبلوماسية المغربية “تتجاوز مجرد الشخص البسيط لمحمد بن بطوش المدعو إبراهيم غالي”.

ويرى طوسة أن فضيحة المواطن الجزائري بن بطوش الذي أعطى هويته لزعيم البوليساريو المدعو إبراهيم غالي للتسلل إلى المستشفيات الإسبانية تعد “ضربة قاسية” للمصالح الجزائرية و”إهانة” ودليلا على عدم احترافيتها.

وأضاف أن السمعة الدولية للسلطات الجزائرية، التي تتعرض لانتقادات لاذعة لتدبيرها السيء لشؤون البلاد كما يتضح ذلك من خلال الحراك، تلطخت أكثر بسبب هذا الفشل الذريع، ملاحظا أن بعض مكونات المجتمع الدولي من ضحايا الدعاية الجزائرية، ممن لا يزال لديهم شك حول تورط الدولة الجزائرية وأجهزتها الأمنية في استغلال “البوليساريو”، “لديهم اليوم دليل قاطع على أن هذه الحركة الانفصالية ليست، لا أقل ولا أكثر، من سلاح حرب جزائري ضد المغرب، وأن أي حل دائم وناجع يتعين أن يمر حتما من خلال مفاوضات مباشرة بين الرباط والجزائر تحت رعاية دولية”.

ولاحظ الخبير السياسي أن “المغرب في علاقته مع إسبانيا، سجل نقاطا، أيضا، لأنه بعيدا عن حقيقة أنه سلط الضوء على القوى الإسبانية المعادية لمصالح، والتي أصبحت الآن مكشوفة على جميع رادارات العلاقة الإسبانية المغربية، أثار إصراره على مواقف إسبانية تتوافق مع مصالحه، أزمة إسبانية داخلية، سنرى تداعياتها لاحقا على مستوى السياسة الداخلية”.

وأشار طوسة إلى “التدبير السيء لوضع غير مسبوق، وإدارة يومية متخبطة وغير دقيقة وتهديدات محمومة، اضطرت حكومة بيدرو سانشيز إلى استخدام سلاح التضامن الأوروبي للخروج من هذا المأزق”، مؤكدا أن الحكومة الاسبانية “ستدفع حتما للإسبان ثمن هذا الارتجال المعيب وهذا الاستخفاف الهاوي”.

وأضاف “تداعيات مباشرة لهذه الأزمة، وضع الشراكة الاستراتيجية بين إسبانيا والمغرب على المحك من قبل هذه المغامرة في ضوء الموقف الإسباني من الصحراء”.

وسجل “هذا يعني إلى أي مدى تسببت هذه الأزمة في فقدان البعض لمنطقة الأمان الرمادية التي كانوا يقتاتون فيها من تسهيلات ومنافع الخطاب المزدوج”.

واعتبر أن الدبلوماسية المغربية قد وظفت كل نطاقات هذه الأزمة السياسية والتواصلية لإعادة رسم خطوطها الحمراء حول قضية الصحراء، ومن خلال البوابة الإسبانية تم توجيه الرسالة إلى أوروبا بأسرها.

وأكد أنه “بوضوح وتصميم يرقى لما تمثله قضية الصحراء بالنسبة لجميع المغاربة، حددت الدبلوماسية المغربية، بقوة، الإطار العام الذي يتعين أن يتطور فيه هذا الصراع الإقليمي مع الجزائر.

د.عبد الفتاح الفاتيحي: المملكة المغربية باتت على حقيقة المواقف الاسبانية تجاه القضايا السيادية

اما عبد الفتاح الفاتيحي، باحث في قضايا الصحراء والشؤون المغاربية:”،ان الواقع اليوم يؤكد بأن المغرب قد اخد علما بالمواقف الحقيقية للحكومة الاسبانية والتي فيها استفزازات ومواقف عدائية من قضية الوحدة الترابية .

وافاد المتحدث ان المملكة المغربية باتت على حقيقة المواقف الاسبانية تجاه القضايا سيادية ،وعلى اسلوب مناورة التي تعتمده هذه الاخيرة التي الى حدود الساعة ترفض مناقشة القضايا الجوهرية و الخلافية مع المملكة المغربية ،وتحاول استغلال قضية مهاجرين، الامر الذي جعل جلالة الملك يتدخل من اجل حل المشكل الاطفال القاصرين .

وذكر عبد الفتاح الفاتحي، ان مغادرة زعيم جبهة البوليساريو ابراهيم غالي اسبانيا نحو الجزائر، تأكد على ان اسبانيا تحولت الى شريك غير موثوق فيه وكذلك خصم في استراتيجية المملكة المغربية ، بعقلية استعمارية تاريخية ،تحاول من خلالها ابقاء المغرب تحت هيمنتها .

واردف ذات المتحدث لبلبريس:” محلل ومتخصص في قضايا الصحراء ،ان المملكة المغربية اليوم مطلوب منها اعادة حسابتها ،مع تأكيده ان المغرب سيأخذ مواقف على ضوء ما خلص إليه من معطيات ، ولا يجب ان يقل عن الغايات او راهنات التي تهدف اليها اسبانيا في محاولتها دفاع عن قضايا استراتيجية للمملكة المغربية .

د.محمد بنطلحة الدكالي:  أكد  وأستاذ علوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش ،محمد بنطلحة الدكالي ،على ان اسبانيا مسؤولة تجاه نفسها باستقبالها زعيم جبهة بوليساريو ابراهيم غالي ،الشيء الذي ادى الى حالة ارتباك لدى دبلوماسية اسبانية ،وخلق ردود فعل لدى عديد من رجال السياسة الاسبان .

واضاف المحلل السياسي في تصريح لبلبريس،ان رئيس حزب شعبي اسباني كاسدو ،قد وصف دخول ابراهيم غالي الى الاراضي الاسبانية بتهور الكبير خلال استضافته ضيفا بوكالة اوروبا بريس حيث افاد ان ما يجب فعله في الوقت الحالي هو محاولة تكتيف علاقات ما بين المغرب و اسبانيا ،وحل هذه الازمة.

محددا انه يجب تعامل مع هذه القضايا بصرامة كبيرة ،كما اكد على ان الحكومة الاسبانية يجب فعل ما بوسعها ، لتجاوز هذا الوضع ،كما افاد كاسدو ان الحكومة الإسبانية بموقفها هذا ،تخاطر بسياسه الهجرة ،وتعاون لمكافحة ارهاب وتهريب المخدرات .

واوضح الأستاذ ان عشية مثول ابراهيم غالي امام القضاء الاسباني ،وضع المغرب نقاط على حروف بخصوص جدور الازمة ،ومستقبل علاقات بين الرباط و مدريد ،حيث سجلت وزارة الخارجية المغربية ان مثول هذا الاخير امام المحكمة يأكد ما قاله المغرب في بداية الازمة .

وأكد محمد بنطلحة على ان اسبانيا قد قامت فعلا بتهريب زعيم جبهة بوليساريو ،بطريقة غير شرعية من اجل حمايته من متابعة القضائية على جرائم ارتكبت جزئيا على اراضي اسبانية ،ودليل اضافي يظهر الوجه الحقيقي لبوليساريو المتمثل في شخص زعيم ذو سلوك دموي .

د .عتيق السعيد: اما عتيق السعيد الباحث الاكاديمي  بجامعة الحسن الثاني الدار البيضاء فقد قال أن توتر العلاقات مع إسبانيا تشكل في جوهرها أزمة ثقة واحترام متبادل تم الإخلال بهما من طرف الجارة الإسبانية كما يعبر عن نتاج تراكم الخطوات العدائية و الممنهجة سواء المعلنة أو الخفية والغامضة ضد مصالح المغرب، منذ أن أعلنت الولايات المتحدة الأميركية اعترافها بمغربية الصحراء، معززاً الاعلان بإصدار مرسوما رئاسيا، بما له من قوة قانونية وسياسية ثابتة، وبأثره الفوري، هذا التوجه و ما صاحبه من اعترافات دولية تجسدت على أرض الواقع باقتتاح مجموعة من القنصليات بالاقاليم الجنوبية للمملكة، و ما تعرفه من دينامية مستمرة للدعم الصريح، كلها أسباب و أخرى عديدة دفعت جوهر المشكل في مسألة ثقة تم تقويضها بين شريكين، و بالتالي جوهر الأزمة هو مسألة دوافع خفية لإسبانيا معادية لقضية الصحراء المغربية، القضية المقدسة لدى الشعب المغربي قاطبة”.

واردف المتحدث نفسه:”في واقع الأمر موافق الحكومة الإسبانية تشكل اختبار لموثوقية الشراكة بين المغرب وإسبانيا، حيث يبدو أن قرارات اسبانيا اصبحت تتناقض تماما مع قواعد و مبادئ الشراكة التي تجمع البلدين بل أكثر من ذلك تسيء بشكل جدي للتعاون الثنائي المغربي/الإسباني على عدة مستويات سياسيا، اقتصاديا، تجاريا، وأمنيا، وحيث أن المغرب كان دائما منفتحا خدوما لديمومة التعاون في جميع المجالات من المفروض أن ينال موقعا يمكنه من أن يكون شريكا يجسد لعلاقة تفاعلية مبنية على أسس الند للند ومبدأ رابح رابح و المعاملة بالمثل وقواعد الشرف المحفزة على الاستمرارية”.

واختتم:” مواقف الجارة الإسبانية يعد إهمالا تاما وانتهاكا صريحا للقانون الدولي الإنساني والاتفاقيات والمعاهدات الدولية في مجال مكافحة الإرهاب، وغيرها من ضروب المعاملة القاسية أو غير الإنسانية للبشر التي تفرض على اسبانيا واجب الوضوح و الحسم في المواقف، إنصافا للحق و تفعيلا للشراكات الثنائية بين البلدين”..

د. كريم عايش :العلاقات الاسبانية المغربية تلقت طعنة غادرة من يد اسبانيا

وقال كريم عايش عضو المركز المتوسطي للدراسات والأبحاث الدولية والتشاركية،أن هروب غالي من الجزائر كان امرا توقعته الخارجية المغربية منذ البداية بسبب الطريقة الملتوية والغير مألوفة التي نهجتها اسبانيا لمعالجة هذا الملف. لان سلوك الجزائر واساليبها معروفة لدى المغاربة وليست بوليدة اليوم، لدى تفاجأ المغرب بهذا المعطى الجديد الذي يخرق كل القواعد المعروفة سواء الدبلوماسية او الحقوقية وحتى الادبية منها في اشارة الى اخلاق الحكومة الاسبانية وعدم معاملتها للمغرب وفق معاملته لها.
وأَضاف المتحدث نفسه في تصريح لبلبريس:”قد عمل المغرب على كشف كل الاعيب الحكومة الاسبانية وتحول عقيدتها الدبلوماسية الى الهجوم على مكتسبات المغرب وانخراطها الى جانب الجزائر في معاكسة وحدته الترابية عبر دعوة الولايات المتحدة الامريكية للعودة عن قرار اعترافها بالسيادة المغربية، وصولا الى استقبال زعيم جماعة البوليساريو المسلحة بهوية مزيفة.

وزاد عايش:”الامر الذي يبرز تحول دولة اسبانيا من دولة تسعى لرعاية حقوق الانسان على المستوى العالمي عبر قانون محاكمة المجرمين الدوليين والذي اصدر قبل اعتقال بينوشي وكانت محاكم اسبانيا طالبت باعتقاله اولا وقدمت طلبات رسمية لمحاكمته، وهو ما خلق تناقضا كبيرا بين هذه الرغبة وتدبيرها لملف مجرم متابع من طرف ضحايا ذو جنسية اسبانيا، ليتحول الملف الى ما يشبه في شقه اللوجيستيكي الى ارهاب دولة بعملها على قبول مجرمين بهويات مزورة والعمل على ايوائهم وتهريبهم بعد ذلك، وهي بذلك تلتحق بالجزائر بخرق القانون الدولي ورعايتها لنشاط اجرامي عابر للحدود يصنف ضمن قائمة الجريمة المنظمة والارهاب، بسبب منح وثائق رسمية قصد تغيير وقائع تابثة وهويات وتغطية الافعال الاجرامية تحت رداء شخص اخر. وهي اساليب تستعملها دول مثل ايران وتركيا في تغذيتها للحروب بالوكالة وبناء عمليات استخباراتية بالخارج لزعزعة الاستقرار واطالة امد الحروب.”
مضيفا:”وهذه العناصر تحيلنا الى ان العلاقات الاسبانية المغربية تلقت طعنة غادرة من يد اسبانيا بالرغم من كل الاتفاقيات واللجان والاحترام الكبير الذي قدمه المغرب لوحدة اسبانيا الترابية.
ربما الان وجب التفكير في التخفيض الكبير للعلاقات وتجميد مختلف الانشطة واللجان وتوقيف كافة اشكال التعاون طالما لم يعد الشريك الاسباني موثوقا بما فيه الكفاية، وكون الحكومة الاسبانية صارت تشتغل بمنطق العصابات والمؤامرات مما يوحي بوجود نية مبيتة وربما نقاش داخلي افرز عن خطط سرية تضرب مصالح المغرب.”

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *