الحجر الصحي والرياضيين والإحباط

مع إصابة الرياضة العالمية بشلل تام ،جراء الجمود الذي فرضه تفشي فيروس كورونا "كوفيد-19"، في أنحاء المعمور، بات القلق ينتاب العديد من الرياضيين المحترفين وهم يكابدون للتكيف مع الوضع الجديد، خاصة مع الإعلان عن تأجيل أكبر تظاهرة كونية، دورة الألعاب الأولمبية طوكيو 2020.

ووجد آلاف الرياضيين، الذين كانوا يأملون في التنافس في الأولمبياد الياباني، أنفسهم يواجهون حالة من الشك وعدم اليقين مع تأجيل أو إلغاء العديد من المسابقات المؤهلة حول العالم أيضا، وفرض العديد من البلدان الحجر الصحي الإلزامي ونظام التباعد الاجتماعي في محاولة لمنع تفشي الوباء، ما منع الرياضيين من مواصلة برامج تداريبهم المعدة من قبل بالطريقة الأمثل.

ويعتبر الخوف من الفشل في الحفاظ على كامل لياقتهم البدنية بعد انتهاء هذه الأزمة الصحية، من أكثر الأسباب التي تجعل العديد من الرياضيين يشعرون بالقلق والتوتر وبالتالي ظهور الأفكار السلبية التي تسيطر عليهم.

ويشكل القلق في المجال الرياضي سلاحا ذا حدين، إذ قد يلعب دورا محفزا فيجعل الرياضي يتعرف على مصدر القلق ويهيئ نفسه بدنيا ونفسيا للتغلب عليه، وفي حالة أخرى قد يكون القلق مثبطا للعزيمة وذا تأثير سلبي على نفسية الرياضي.

وللحد من هذه الظاهرة النفسية الطبيعية في مثل هذه الحالات، بادرت العديد من الهيئات الرياضية عبر العالم إلى اعتماد إجراءات خاصة للحفاظ على الصحة العقلية والنفسية للرياضيين من خلال التواصل معهم لتبديد مخاوفهم، في ظل انعدام أي خطط في الأفق القريب لمواصلة المنافسات الرياضية، حيث مازال الفيروس يتفشى بوتيرة متسارعة في عدد من البلدان وخاصة منها الأوربية.

ومن بين الخيارات التي باتت ملحة في هذه الظرفية الصعبة، الاعتماد على المرافقة الذهنية لتوفير الدعم النفسي للرياضيين ومواكبتهم طوال فترة الحجر الصحي، حيث يجرون تداريبهم الاعتيادية بمنازلهم كل حسب الطريقة التي يفرضها تخصصه الرياضي.

وفي هذا الصدد، قال الدكتور زكرياء بنعمر فارس ،رئيس الأكاديمية المغربية للمرافقة الذهنية والرياضية، إن دورة الألعاب الأولمبية حدث عالمي يحلم جميع الأبطال من المستوى العالي بالمشاركة فيه، لكن جائحة فيروس كورونا الذي يشكل خطرا حقيقيا على صحة الرياضيين أيضا، دفع باللجنة الأولمبية الدولية إلى اتخاذ قرار حاسم تمثل في تأجيلها.

وأشار، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إلى أن الأزمة الصحية التي يمر منها العالم حاليا، لم تحدث فقط اضطرابا في استعدادات وطموحات وأهداف العديد من الرياضيين، بل أثرت على معنوياتهم ونفسياتهم أيضا، باعتبار أن الهم الوحيد لهؤلاء كان هو الإعداد الجيد بدنيا وتكتيكيا مع جعل الحفاظ على التوازن النفسي أولوية.

ولهذه الغاية ،يضيف بنعمر، تدرب الكثير منهم بلا كلل، متجاوزين الذات بغية تحسين أوقاتهم وأدائهم، وكسب المزيد من النزالات والمباريات خلال الإقصائيات لتحقيق التأهل للأولمبياد الياباني، أملا في الدفاع عن ألوان بلدانهم وكفرصة مثالية لشق الطريق نحو التميز.

وأوضح، أنه في مواجهة هذا الوضع غير المتوقع، يصبح تدخل المرافقة الذهنية للرياضي أمرا ملحا، لتحويل خيبة الأمل إلى فرصة لتحقيق النجاح المنشود، باعتباره مجالا يسمح لأي رياضي بتدبير مشاعره والسيطرة عليها وإعادة تحفيز نفسه، لمراجعة أهدافه وفقا للمواعيد الرياضية القادمة.

وبحسب رئيس الأكاديمية، فإن استخدام القدرات الذهنية أمر أساسي في الحياة بشكل عام وبالنسبة للرياضيين بشكل خاص، إذ يستخدمها الرياضيون من أجل التركيز والاسترخاء وتحسين الأداء من خلال التحرر من الإجهاد السيء والأفكار السلبية وغيرها.

ويمكن بناء القوة الذهنية لدى الرياضيين انطلاقا من السيطرة على المشاعر والتصميم وتعزيز ثقة الرياضي في النفس.

واعتبر ،من جهة أخرى، أن "حضور المرافقة الذهنية يبقى ضئيلا على الساحة الرياضية الوطنية، اللهم بعض التجارب التي خاضتها بعض الجامعات ومنها كرة القدم وأعطت نتائج جيدة، وكذا مجموعة من الأندية الوطنية، دون إغفال رياضات أخرى كالغولف وكرة المضرب".

وقال إن الأكاديمية المغربية للمرافقة الذهنية والرياضية، التي أحدثت في ماي من سنة 2019، عملت على توسيع قاعدة المستفيدين من المرافقة الذهنية والرياضية وطنيا من خلال توقيع عدة اتفاقيات شراكة خاصة مع الودادية الوطنية للمدربين المغاربة ونادي الراسينغ البيضاوي لكرة القدم، ونادي الاتحاد الرياضي المغربي لكرة المضرب.

وخلص إلى أن خلق أكاديمية وطنية متخصصة في هذا المجال كان الهدف منه تجاوز الأخطاء التي يمكن أن تقع فيها الأندية والمنتخبات الوطنية بسبب ضعف أو غياب المرافقة الذهنية للاعبين والمدربين على حد سواء.

وتسبب فيروس كورونا بشلل شبه تام في الأحداث الرياضية حول العالم لاسيما كرة القدم، ودفع الى إرجاء مواعيد كبيرة كانت مقررة في صيف العام الحالي، لاسيما كأس أوروبا وبطولة كوبا أميركا الأمريكية الجنوبية. كما أعلنت اللجنة الأولمبية الدولية عن تأجيل أولمبياد طوكيو 2020.


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.