إطلاق سوق الديون المتعثرة في المغرب: فرصة اقتصادية أم خطر اجتماعي؟
أطلق بنك المغرب مشروعًا لإحداث سوق ثانوية للديون المتعثرة، في خطوة تهدف إلى مواجهة التضخم الكبير في حجم هذه الديون، الذي تجاوز 98 مليار درهم.
ويأتي هذا المشروع في سياق سعي الأبناك المغربية إلى تقليل أعبائها المالية، مما يمكّنها من تحرير مواردها لتوجيهها نحو تمويل المشاريع الاقتصادية.
ومع ذلك، يثير هذا التحول مخاوف كبيرة بشأن التداعيات المحتملة على المدينين، خاصة مع إدراج بند جديد يسمح بنقل الديون إلى أطراف أخرى دون موافقة المدين.
وبينما يُنظر إلى هذه الخطوة على أنها وسيلة لتسريع العمليات البنكية وإعادة التوازن إلى ميزانيات الأبناك، فإنها تفتح المجال أمام ممارسات استثمارية قد تكون أكثر صرامة من تلك التي كانت تتبعها البنوك التقليدية.
وتبعًا لذلك، يُخشى أن يجد المدينون أنفسهم في مواجهة مباشرة مع جهات متخصصة في استرداد الديون، تعتمد أساليب حادة لتحقيق عوائد مالية سريعة.
ولأن هذه الجهات لن تكون ملزمة بأخذ الظروف الاجتماعية والاقتصادية للمدينين بعين الاعتبار، يُتوقع أن تواجه الأسر ذات الدخل المحدود والمقاولات الصغيرة تحديات أكبر، ما قد يضعها أمام ضغوط مالية متزايدة أو إجراءات قانونية صارمة.
ويبدو أن هذا التحول سيؤدي إلى تضييق الخيارات المتاحة أمام المدينين فيما يتعلق بإعادة جدولة ديونهم أو تعديل شروط السداد.
ولا يمكن تجاهل أن حجم الديون المتعثرة في المغرب قد تضاعف خلال العقد الأخير ليصل إلى أكثر من 98 مليار درهم، وهو ما يعادل 8.6% من إجمالي القروض البنكية ونحو 7% من الناتج الداخلي الإجمالي.
هذا الوضع لا يعكس فقط آثار الأزمات الاقتصادية المتتالية، بل يكشف أيضًا عن تحديات كبيرة في إدارة الديون، خاصة في ظل تعرض الأسر والمقاولات لصدمات اقتصادية متكررة أثرت على قدرتها على السداد.
ومع ذلك، ترى الأبناك أن المشروع يمثل فرصة للتخفيف من أعبائها المالية، مما يتيح لها التركيز على تمويل الاقتصاد ودعم النمو. وأشار بنك المغرب إلى أن احتياجات السيولة لدى الأبناك بلغت حوالي 120 مليار درهم، يتم تغطيتها حاليًا عبر تدخلات البنك المركزي، وهو ما يبرز أهمية إيجاد حلول مبتكرة لتحرير هذه السيولة.
ورغم أن هذا المشروع يحمل في طياته أبعادًا اقتصادية إيجابية، إلا أن آثاره الاجتماعية تثير الكثير من التساؤلات، حيث تتطلب حماية المدينين وضع آليات قانونية واضحة تنظم عمليات نقل الديون واستردادها.
وبينما يُنتظر أن يجذب المشروع مستثمرين محليين ودوليين، فإن التحدي الأكبر يكمن في ضمان تحقيق التوازن بين تخفيف أعباء الأبناك وحماية الفئات الهشة من استغلال محتمل.