لم يسبق أن كانت القفة اليومية مثار جدل ونقاش ذاخل الأسر المغربية كما هو عليه الحال اليوم، بل خلقت نقاشات عمومية وسياسية كبرى، نظرا لمكانتها ورمزيتها في المتخيل المجتمعي و باعتبارها أداة قياس نبض الأسرة ووضعها المادي والطبقي.
معظم الأسر المغربية إن لم تكن كلها كان من أبسط همومها اقتناء حصتها اليومية أو لأسبوعين من الخضر التي تعودنا على ثمنها الزهيد عبر السنين، حيث كانت في متناول الغني كما الفقير على حد سواء.
ففي غالبية المدن المغربية ثمن مختلف أصناف الخضروات لم يكن ليتعدى 5 دراهم للكيلو الواحد على مر السنين.
اليوم أصبح الحال مختلف رغم تطور ووفرة الإنتاج وتضاعف كميات التصدير مما يعتبر تناقضات صارخا ومعادلة استعصى على المغاربة فك الغازها وحل شفرتها.
- المغرب الأول عالميا في إنتاج وتصدير الفوسفاط.
- المغرب ضمن ل10 الاواءل عالميا في صيد الأسماك والسردين.
- المغرب أهم وأقوى مصدر ومزود للسوق الأوربية والإفريقية بالخضروات والفواكه.
كل هذا لم يشفع للمواطن المغربي الذي أصبح يجد حرجا في التزود بالكمية الكافية من الخضر والفواكه والأسماك دون الحديث عن اللحوم الحمراء في ظل الزيادات الصاروخية و المضاعفة وغير المبررة نهائيا. الأزمة أكيد أنها محلية وليست مستوردة إذ لا علاقة لها بحرب أوكرانيا أو الأوضاع العالمية الراهنة. الدليل على ذلك أن هذه المواد كانت متوفرة وبكثرة وبثمن بخس في عز أزمة وباء كورونا العالمية.
الحكومة المغربية مطالبة اليوم وليس غدا بمراجعة أوراقها وإعادة النظر في سياساتها العامة حيث أبانت بشكل واضح عن عجزها في كبح جماح المضاربين والوسطاء و(الشناقة) الذين سيطروا على الأسواق وارهقوا جيوب المواطنات والمواطنين المغاربة باختلاف انتمائهم المجتمعي.
عجز الحكومة تجلى في عدم قدرتها على الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين والذي هو من صلب اختصاصاتها.
الوضع يتطلب العمل بحزم وصرامة للتصدي لكل من يعكر صفو الحياة الكريمة و العادية للمغاربة جميعا.
للحد من تداعيات الازمة، الحكومة مدعوة بإلحاح لاتخاد إجراءات عاجلة تتلخص فيما يلي:
- إعادة النظر في السياسة الفلاحية للمغرب و العمل على تقوية ودعم الإكتفاء الداتي من المنتجات الفلاحية الأساسية.
- إعادة هيكلة أسواق الجملة ومراجعة القوانين المنظمة لها.
- توفير خط تسويق مباشر بين الفلاح والتاجر ثم المستهلك.
- التركيز على تزويد السوق الداخلي بمختلف المواد الفلاحية أولا قبل عملية التصدير.
- إخراج منظومة مستدامة للمراقبة والزجر والتتبع لرصد الإختلالات في المنشأ ومعالجتها.
في انتظار غد أفضل الحالة تستدعي تعديل حكومي موسع لرأب الصدع ومعالجة الأزمة قبل تفاقمها.