رحلتي من 107 مقعدا إلى 125 ثم "الانهيار".. لماذا "تَقَوَّضَ" حزب العدالة والتنمية بعد ولايتين في "الصدارة" ؟

لا شك أن "الهزيمة" المدوية التي نالها حزب العدالة والتنمية، في الاستحقاقات الانتخابية الأخيرة، التي كانت قبل يوم أمس، بات لها  نصيب الأسد من الجدل السياسي الواقع في المغرب .

 

لم يكن يتوقع أشد "أعداء" حزب العدالة والتنمية، أن يحصل الأخير على 13 مقعدا في البرلمان، عاجزا عن تشكيل فريق برلماني، وذلك بعد حصوله على 107 مقعدا في استحقاقات 2011 ، و125 مقعدا في الانتخابات الماضية  (2016).

 

سقوط "البيجيدي" كان متوقعا

 

 

خالد البكاري، الفاعل الحقوقي والسياسي، يرى أن سقوط حزب العدالة والتنمية، من صدارة الانتخابات التشريعية، كان أمرا متوقعا، لكن ليس بإثني عشر مقعدا برلمانيا .

 

البكاري، اعتبر في تصريح لـ"بلبريس"، أن سقوط حزب العدالة والتنمية، بهذه الطريقة القاسية، يرجع بالأساس، لعوامل ذاتية، حيث أنه تحمل مسؤولية كل القرارات التي مست الشرائح المتوسطة، دون غيره من الأحزاب المشكلة للأغلبية الحكومية .

 

مساس بالطبقة المتوسطة

 

الناشط السياسي، يتابع أنه في عهد حزب العدالة والتنمية، تم إصلاح قانون التقاعد الذي تضرر منه، عدد كبير من المواطنين، لاسيما الفئة المتوسطة، بالإضافة كذلك لأساتذة التعاقد، وخريجو كلية الطب .

ومن الجانب الحقوقي، يرى أن حزب العدالة والتنمية، وقادة الأخير، دافعو عن القرارات التي مست حراك الريف، وجرادة وغيرها من المناطق، دون غيرهم من باقي الأحزاب السياسية، الذين يشاركون إلى جانب الحزب الإسلامي، في ائتلاف الأغلبية الحكومية .

 

استئناف العلاقات بين الرباط وتل أبيب

 

المتحدث، أشار إلى أن استئناف العلاقات بين الرباط وتل أبيب، كان لها دور كذلك في هذه الهزيمة، قائلا أن "توقيع اتفاقية التطبيع بين المغرب وإسرائيل والذي شارك فيها سعد الدين العثماني، كانت عاملا قويا في هذه الهزيمة" .

 

وأردف المتحدث أن "المشاركة في هذه الاتفاقية، أفقدت الحزب جزء ا كبيرا من الأصوات التي كانت تشكل قاعدة ناخبة قارة للعدالة والتنمية، والتي تضم عددا من المحافظين وأصوات لها خطابات قومية وبالتالي تم معاقبة الحزب من هؤلاء" .

 

هروب من "النقاش"

 

من جانبها، علقت البرلمانية، عن حزب العدالة والتنمية، سابقا، والقيادية البارزة في الحزب، أمينة ماء العينين، على هزيمة الحزب الإسلامي، "لقد ظللنا نهرب من النقاش الحقيقي، بل اخترنا الالتفاف على النقاش بإبداع آليات تنظيمية يسيرها مهندسو التنظيم وهم على فكرة جزء من الأزمةء بدل قرار الصراحة والوضوح والقدرة على التقاط الإشارات الشعبية قبل الرسمية التي تم اطلاقها منذ مدة".

 

ماء العينين تضيف "روجنا لوهم كبير مفاده أن كل شيء بخير وأن شعبيتنا لم تتأثر، وأن أزمتنا داخلية وأن المنتقدين يعيشون حالة نفسية تحتاج إلى علاج، في وقت كان فيه جزء من قيادتنا مصاب بمرض "إنكار الواقع"، وإلا فكيف نفسر ارتفاع أصوات عدد كبير من المنتقدين من أبناء الحزب لواقع الحزب ومساره بغيرة وحرقة استمرت لسنوات؟".

 

نهاية "الإسلامي السياسي"

 

القيادية بالحزب الإسلامي، تؤكد أن مرحلة انتهت من عمر حزب العدالة والتنمية، وعمر مشروع "الإسلام السياسي" ليس في المغرب فقط وإنما في المحيط الإقليمي والجهوي، و"أن حزب العدالة والتنمية في صيغته الحالية لا يمكنه أن يعود. نحتاج إلى وقت طويل للتهييء لولادة جديدة للحزب بعد مراجعات جذرية للمقولات الأساسية التي تأتث عليها فكريا وسياسيا، مراجعات لابد لها أن تتسم بالجرأة في قراءة التحولات الاجتماعية التي يعرفها المغرب وحاجيات الجيل الجديد المختلف عن جيل تأسيس الحركة الإسلامية في كل شيء، وإلا فسنختار تأبيد الإغتراب بالإصرار على العودة إلى الخلف بدل التقدم للأمام".

 

"غياب بنكيران"

 

وأمام كل هذا، اتجهت بعض الأصوات حتى من داخل حزب العدالة والتنمية، لرمي "الهزيمة" في شباك عبد الإله بنكيران الأمين العام للحزب الإسلامي، سابقا .

وترى هذه الأصوات أن غياب عبد الإله بنكيران، عن الحملة الانتخابية، بعد اعتذاره عن الترشح، ساهم في هذه الهزيمة، ولاسيما أنه لم يشارك في دعم الحزب في هذه الاستحقاقات، عكس سابقتها الذي استطاع نيل مقعد برلماني إلى جانب صديقه، جامع المعتصم بمدينة سلا، بالإضافة للمهرجانات الخطابية التي أقامها دعما لـ"البيجيدي" .

 

"بلبريس"، حاولت ربط الاتصال بعبد الإله بنكيران، للتعليق عن النتائج إلا أن هاتفه ظل يرن دون إجابة .

 

قيادات الحزب "الغائبة"

 

كما أن مصادر متطابقة، ترى أن الصراعات الداخلية أثرت بشكل كبير، حيث لم تساهم مجموعة من القيادات البارزة في الحزب، في الحملة الانتخابية، وهو الأمر الذي طرح أكثر من علامة استفهام، لعل أبرزهم مصطفى الرميد الرجل القوي داخل الحزب الإسلامي .

 

الرميد، لم يدخل حتى في الأزمة الواقعة اليوم داخل العدالة والتنمية، وهو الرجل القوي بالأخير، والتوازن والذي يعد رجل الظل داخل الحزب "المنهار" أخيرا .

 

من جانبها، اتجهت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، للحديث عن "حجم خروقات الاستحقاقات الانتخابية مست بجوهر الاختيار الديمقراطي".

 

خروقات الانتخابات

 

قيادة الحزب الإسلامي، عللت الخسارة بـ"حجم الخروقات التي عرفتها الاستحقاقات الانتخابية سواء في مرحلة الإعداد لها من خلال إدخال تعديلات في القوانين الانتخابية مست بجوهر الاختيار الديمقراطي إضافة إلى عمليات الترحال السياسي، أو ممارسة الضغط على مرشحي الحزب من قبل بعض رجال السلطة وبعض المنافسين وذلك من أجل ثنيهم عن الترشيح، وكذا من خلال الاستخدام المكثف للأموال".

 

الهيئة التقريرية للحزب، تضيف في بيان لها، أصدر عقب اجتماعها الاستثنائي المنعقد يوم أمس الخميس، بخصوص النتائج المعلن عنها فيما يتعلق بانتخابات 8 شتنبر، أن كل ما سبق ذكره توج "بالتعسف ضدا على القانون بالامتناع عن تسليم المحاضر لممثلي الحزب، في عدد كبير من مكاتب الاقتراع وطرد بعضهم الآخر، علما أن المحاضر تعد الوسيلة الوحيدة التي تعكس حقيقة النتائج المحصل عليها".

 

استقالة العثماني و"إخوانه"

 

وبعد الهزيمة المدوية التي مني بها الحزب الإسلامي، والقوة السياسية الأولى في البلاد في الانتخابات الماضية، أعلنت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، أنها تتحمل كامل المسؤولية السياسية عن تقديرها لهذه المرحلة، وأن أعضاءها، وفي مقدمتهم الأمين العام للحزب، الدكتور سعد الدين العثماني، قرروا تقديم استقالتهم من الأمانة العامة.

وأوضح بلاغ قيادة الحزب، أن "الأمانة العامة ستواصل تدبير شؤون الحزب طبقا لمقتضيات المادة أ0ء من النظام الداخلي للحزب".

 

كما قررت الأمانة العامة الدعوة لعقد دورة استثنائية للمجلس الوطني يوم السبت الثامن عشر من شتنبر ، من أجل تقييم شامل للاستحقاقات الانتخابية واتخاذ القرارات المناسبة.

 

 


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.