صورة “مي جميلة” بفيضانات آسفي.. حينما يعوض السور المسؤول

“عتقوني ..عتقوني”(..) بهذه العبارات المليئة بالاستنجاد والاستعطاف، ظلت مي جميلة بائعة الفخار بآسفي تناشد بصوت خافت يعكس صورة الإنسان الذي انقطعت به السبل، ولم يعد له لا حول له ولا قوة إلا ما قد يرمى له من يد العون لإخراجه من الموت إلى الحياة.

عاشت مي جميلة، ليلة الاحد الإثنين 14 دجنبر الجاري، ليلة ليست كباقي الليالي، حيث لم تكن تعرف أن ليلتها التي كان يفترض أن تكون ضمن سلسلة لياليها الرتيبة ستتحول في تلك اللحظات إلى ساعة في الجحيم، حينما حاصرتها السيول الجارفة بباب الشعبة وتقاذفتها بين أسوار المدينة العتيقة وأزقة بائعي الفخار.

لم تجد “مي جميلة” سوى سور من المدينة القديمة لتتكئ عليه وتتشبث به كطوق نجاة، في وقت غابت فيه الفرق المختصة لإنقاذها في الحين، قبل أن تتدخل أيادي الجيران والأهالي وتنتشلها من موت محقق.

صورة “مي جميلة” بائعة الفخار وهي تناشد الأهل والجيران، لم تكن تعلم أنها ستتحول إلى مادة إعلامية تتصدر كبريات الجرائد والقنوات الدولية التي تناقلت قصتها الإنسانية وما رافقها من مظاهر الحزن العميق، بينما تناولتها منابر أخرى، منها المغربيةّ،  بأخذ العبر والاتعاظ مما قد يترتب عن الكوارث الطبيعية في المستقبل.

هذه الصورة التي قد تبدو عابرة كأي صورة ضمن كوارث طبيعية، قلبت مواجع كثيرة يعيشها المواطن البسيط الذي لا يجد في كثير من الأحيان، سند مسؤولين يتكئ عليه، ما يجعله يسلم نفسه للأقدار وللأياد المواطنة التي قد تعينه وتنقذه، بل وتنتشله من غياهب التهميش وقدر الموت، إلى أمل الحياة والعيش الكريم.

المشهد الذي صورته واقعة مي نعيمة تحولت إلى أيقونة فيضانات آسفي، حملت في طياتها الكثير من الرسائل التي تختزن في طياتها تساؤلات عريضة، من قبيل إن كان المسؤولون سيتعظون ويجتهدون لكي لا تتكرر فواجع مماثلة مثلما حد بآسفي والتي رحا ضحيتها 37 قتيلا قضوا نحبهم، وعشرات الجرحى منهم من ينتظر، وسبل ربط المسؤولية التقصيرية لكن من ثبت تورطه في مسببات خسائر بشرية ومادية كان ممكن تفاديها بقرار استباقي حكيم.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *