احتجاجات جيل z وبطء التواصل الحكومي.. أين الخلل ؟

كلما دخل المغرب ظرفية صعبة، برزت هشاشة التواصل السياسي لدى الحكومة وأغلبيتها.
الاحتجاجات الأخيرة التي قادها الشباب’’جيل زد’’ كشفت مرة أخرى أن العطب لم يعد ثانويا، بل صار أزمة بنيوية تمس قدرة الفاعل السياسي على مخاطبة المواطنين.
القناة الثانية خصصت حلقة خاصة للموضوع، لكن بعد أيام من اندلاع الأزمة، أي بعد أن فقد النقاش حرارته الأولى.
هذا التأخر عكس غياب أي استراتيجية قائمة على التقاط اللحظة وفق منطق “ترتيب الأجندة” حيث كان من الممكن أن تسهم في تأطير الرأي العام بشكل سريع.
لكن الأخطر أن ستة وزراء، أغلبهم من التجمع الوطني للأحرار، رفضوا الحضور، ليظهر فراغ حكومي في قلب العاصفة.
في المقابل، استغل حزب الاستقلال هذه الفرصة، إذ حضر عبد الجبار الراشدي في البرنامج الخاص بدوزيم مع  الزميلة سناء رحيمي، ثم تلاه حضور الأمين العام نزار بركة في برتامج “نكونو واضحين” مع الزميل جامع كولحسن ، إضافة لنجوى كوكوس عن البام وقد عبرا أنهما حضرا بصفتهما الحزبية.
بهذا السلوك، سجل الحزب نقطتين متتاليتين في ظرف حساس. في لغة التواصل السياسي، هذا يسمى تحويل الفرصة إلى رأسمال رمزي، أي الاستثمار في غياب الآخر لإظهار الجاهزية والمسؤولية، وبناء رصيد ثقة يمكن توظيفه سياسيا أو انتخابيا لاحقا.
لكن الصورة الأشمل تتجاوز حضور أو غياب ضيوف عن بلاتو تلفزيوني. إنها أزمة تواصلية متكررة خلال 4 سنوات وهذه بعض الأمثلة:
إغلاق الحدود في زمن “أوميكرون” دون خطة تواصل مع العالقين،
ارتفاع الأسعار وفوضى العيد في 2024
“ترند البنزين” صيف 2022 الذي اضطر رئيس الحكومة إلى  إحداث تغيير في فريق التواصل،
احتجاجات طلبة الطب التي طالت بسبب غياب لغة مقنعة.
زلزال الحوز حيث سبق التضامن المدني الخطاب الرسمي.
وصولاً إلى احتجاجات جيل زد التي تركت للحراك الرقمي صياغة الأجندة في غياب أي مبادرة حكومية وازنة.
المفارقة أن كل وزارة من الوزارات تتوفر على جيش من المكلفين بالتواصل، لكنها عند لحظة الامتحان تكتفي ببلاغات تقنية طويلة، وصور بروتوكولية لا تملأ فراغ الثقة ولا تواكب نبض الشارع.
هكذا تتسع الفجوة بين الدولة والمجتمع، ويتحول المواطن من فاعل سياسي واجتماعي إلى مجرد متلقٍ غاضب يرى نفسه يُعامل كزبون في سوق تجارية مفتوحة.
التواصل السياسي ليس ترفا ولا زينة إعلامية، بل هو أداة استراتيجية لاحتواء الأزمات وبناء الثقة.
وحين تفشل الحكومة في ذلك، فإنها لا تخسر معركة آنية فقط، بل تُهدر رأسمالها الرمزي لصالح من ينجح في ملء الفراغ.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *