أعرب حزب التقدم والاشتراكية، عن قلقه إزاء انزلاق التعبيرات الاحتجاجية لـ”جيلZ”، محملا الحكومة مسؤولية الأوضاع الحالية نتيجة تجاهلها لمطالب الشباب وعدم التفاعل معها، داعيا الشباب المحتج إلى الحفاظ على سلمية الاحتجاجات.
وقال الحزب في بيان له وصل “بلبريس” نظير منه، إن “المكتبُ السياسي للحزب تداول في الاحتجاجات الشبابية وما تحمله من مطالب مشروعة، معتبرا أنَ “هذه الاحتجاجات الشبابية، التي شهدتها عددٌ من مُدُنِ بلادِنا، هَدفُها المطالبةُ بإصلاحٍ عميقٍ للتعليم والصحة، وتوفير فرص الشغل، ومحاربة الفساد”.
وشدد الحزب على أن “هذه المطالب المشروعة، التي تتطلبُ اتخاذَ ما يلزمُ من إجراءاتٍ قوية لمعالجتها، سبَق لحزب التقدم والاشتراكية، على غرار عدد من القوى والفعاليات المجتمعية، أن نَــــبَّهَ الحكومةَ إليها وإلى ما تُثيرهُ من أوضاع مقلقة”، مؤكداً، على مدى أربع سنوات، على أنَّ هناك اختلالاتٍ عميقةً على مستوياتٍ مختلفة، ولا سيما في الخدمات العمومية، وأساساً منها الصحة والتعليم والتشغيل”.
وتأسف رفاق بنعبد الله لكون “الحكومةَ، عوض تَجاوُبها مع هذه النداءات والتنبيهات، والسعي الفعلي نحو الاستجابة لانتظارات الشباب وتطلعات فئات واسعة من المغاربة، فإنها، بالمقابل، أَصَرَّت على إنكار وُجودِ فرقٍ شاسعٍ بين التزاماتها وبين فشلها المتعدد على أرض الواقع المعيشذ، كما أنها تعاملت، للأسف، باستخفافٍ وإنكارٍ وتَــــجاهُل، مع الأوضاع الصعبة والمقلقة، وبآذان صماء، وبِرِضىً مفرط عن الذات، وبتعالٍ مُستفِز للرأي العام، حيث ما فتئت تؤكد على أن “كل شيء على ما يرام وأن ما أنجزته غير مسبوق”.
واعتبر أن “ما عرفته بعضُ الـمُــدُن من تعبيراتٍ احتجاجية هو نتيجةٌ طبيعية ومنطقية لهذه الأوضاع”، معلنا “التضامن مع المطالب المشروعة التي عَـــبَّـــرَ عنها الشباب، وأنَّ أفضلَ أسلوبٍ للتعامل مع التعبيرات الاحتجاجية الشبابية السلمية هو الحوارُ والإنصاتُ والاحتضان، والتعامل بِـــتَفَهُّمٍ وإيجابية وأريحية”.
وشدد على “ضرورة تغيير السياسات العمومية في اتجاه الرُّقـــيِّ الفعلي بالأوضاع الاجتماعية والمعالجة الفِعلية للفوارق المجالية، وتَحَمُّل الحكومة لمسؤوليتها في معالجة الأسباب العميقة لأوضاعٍ مقلقة، سواء فيما يرتبط بانحرافات النظام الصحي، إذْ عوض الارتقاء بجودة خدمات المستشفى العمومي يُسجَّلُ تطوُّرٌ غير مسبوق للقطاع الصحي الخصوصي كما تدلُّ على ذلك النفقاتُ العمومية الصحية والوِجهَةُ التي تتخذها”.
وتابع أن “نفسُ الأمر يُطرحُ بالنسبة للتعليم، حيثُ يُسجَّل تدهور المدرسة العمومية في مقابل تطوُّر ملحوظ لمجموعة من مؤسسات التعليم الخصوصي. وإذا كان حزبُ التقدم والاشتراكية لا يرفض وُجودَ قطاعٍ خصوصي مسؤول ومُكَمِّل في التعليم وفي الصحة، إلاَّ أنه يؤكد على ضرورة أن يكون العمودُ الفقري في هذين المجاليْن الحيويين هو المستشفى العمومي والمدرسة العمومية والجامعة العمومية”. مؤكدا على “ضرورة اتخاذ إجراءاتٍ لمعالجة ما عبرت هذه الأوساطُ الشبابية عن رفضه من مظاهر فاسدة على مستوى الحكامة في تدبير الشأن العام”.
وأبرز أن “هذه التعبيرات الشبابية لا يمكن أن تصل إلى مبتغاها وتحقيق مطالبها المشروعة، وأن يكون لها الصدى المطلوب، سوى بِحِفاظِها على طابعها السلمي والحضاري والمسؤول، والابتعاد عن أيِّ انزلاقٍ نحو أساليب العنف إزاء القوى الأمنية أو التخريب إزاء الممتلكات العامة والخاصة، مؤكدا أن “هذا الأسلوب المنفلِت مرفوضٌ تماماً ولا يمكننا، في حزب التقدم والاشتراكية، أن يقبَلوه تحت أيِّ مبرر كان، كما لا نَــــقبل استعمالَ أيِّ أسلوبٍ يقوم على التعامل العنيف أو الحاطّ من كرامة المحتجِّين والمتظاهرين”.
ووجه الحزب “نداءً حارًّا إلى الشباب من أجل الالتزام بالطابع السلمي والمسؤول للاحتجاج وعدم السقوط في أيِّ استفزاز، والابتعاد تماماً عن سُلوكِ العنف والتخريب، لأنه مُضِرٌّ بعُمقِ المطالب المشروعة المعبَّر عنها، ولأنه يُحَرِّفُ المسار العام للتعبيرات الاحتجاجية نحو اتجاهاتٍ غير محسوبة ولا محمودة العواقب”.
وناشد حزب التقدم والاشتراكية “الفئات الشابة المتظاهِرَة من أجل اعتبار أنَّ رسالتها وصلت، وأن درجة مساندة مطالبها واسعة وعميقة، وأن المصلحة العامة، في ظل هذه الظروف، تقتضي تفادي مواصلة الاحتجاج بأشكاله العنيفة، حتى تبقى الحركةُ الاحتجاجية السلمية الأولى مصدر دعمٍ لكل مناصري تغيير المسار وقوةً دافعة وضاغطة من أجل إجراء إصلاحاتٍ عميقة”.
وحذر من كون هذه “الممارسات العنيفة والمرفوضة المستعملة من قِـــبَل بعض المتظاهرين في بعض المدن، واحتمال انتشار هذه الممارسات وتفاقمها، يُضِـــــرُّ بشكلٍ عميق بسلمية الاحتجاج ومشروعية المطالب ويُحَرِّفُ مقاصدها في اتجاهٍ لن يكون لا في مصلحة البلاد، ولا في مصلحة المواطنين، ولا في مصلحة الحياة المؤسساتية الديمقراطية السليمة”.
وخلص إلى ضرورةُ أن “تَــــــعِــــــيَ كافةُ الفعاليات والقوى والوسائط المجتمعية، والأوساطُ المسؤولة عن تدبير الشأن العام، بوُجُوبِ الرُّقْـــيِّ بالممارسة الديمقراطية وتقوية آليات التأطير والوساطة المجتمعية، من أحزابٍ ونقاباتٍ وجمعيات ومؤسسات وتنظيمات مختلفة، في إطار السعي الحثيث نحو إعادة الاعتبار للعمل السياسي النبيل، ونحو مصالحة المواطنات والمواطنين، وخاصة الشباب، مع الفضاء السياسي والمؤسساتي”.
وأضاف أن هذه “مهمةٌ تكتسي، اليوم، طابع الإلحاح والاستعجال، مما يستلزم التوفير العاجل لفضاءاتٍ تحتضن نقاشًا عموميا واسعًا ومفتوحا مع الشباب”. متشبثا بـ”ضرورة اجتهاد كل هذه الفضاءات في تعميق التحليل، من أجل فهمٍ أعمق للتحولات التي يعرفها المجتمع المغربي وما يحمله شبابُ اليوم من تطلعات وانتظارات”.