دخل قانون العقوبات البديلة رقم 43.22 حيّز التنفيذ مع صدور أول حكم تطبيقي عنه بالمحكمة الابتدائية بأكادير، في حدث فتح نقاشا واسعا حول أبعاد هذا التحول في السياسة الجنائية، خاصة ما يتعلق بحدود الحرية، العدالة الاجتماعية، وضمان حقوق الضحايا.
وفي تصريح خص به بلبريس، اعتبر المحامي يونس بن الطالب، عضو هيئة المحامين بمراكش، أن الحكم الصادر بأكادير يمثل قبل كل شيء تجسيدا مباشرا للفصول القانونية الجديدة، قائلا: “المشرع وضع الإطار، والقضاء يقوم بتنزيل هذه المقتضيات كما هي، بتحويل العقوبة الحبسية إلى بدائل مالية، وهو بذلك يطبق القانون لا أقل ولا أكثر.”
لكن بن الطالب أشار إلى أن القراءة الاجتماعية لهذا القانون تختلف من فئة إلى أخرى، موضحا: “هناك من يرى في العقوبات البديلة نوعا من الطبقية، باعتبار أن الاستفادة قد تظل حكرا على القادرين ماديا، في حين أن فئة أخرى تعتبر الأداء المالي عقوبة بحد ذاته، لأن المحكوم عليه يتحمل خسارة مالية تردعه عن العود.”
وشدد المتحدث على أن الاستفادة من العقوبات البديلة مشروطة بتنازل الضحية، الأمر الذي يضمن تعويضا ماديا أو معنويا يخفف من حدة الضرر: “بهذا الشكل لا تضيع حقوق المتضرر، إذ يظل التعويض شرطا أساسيا قبل تفعيل أي بديل عن الحبس.”
وفي مقارنته مع تجارب دولية، توقف المحامي عند بعض النماذج في السجون الأجنبية، حيث يُمنح السجين إمكانية تخفيض مدة العقوبة من خلال الانخراط في أعمال ذات منفعة عامة أو عبر المطالعة والأنشطة الثقافية داخل السجن، معتبرا أن مثل هذه التجارب تقدم مقاربة أكثر عدالة واندماجا، لأنها لا تجعل المال العامل الحاسم في الاستفادة من البدائل.
غير أن بن الطالب سجل ملاحظة وصفها بـ“النقطة السوداء” في المنظومة، إذ أكد أن الدولة، عندما تكون طرفا مدنيا، غالبا ما تغلق ملفاتها بسرعة، تاركة الضحايا في مواجهة مساطر تنفيذ طويلة ومرهقة، قد تدفعهم في النهاية إلى التخلي عن حقوقهم. وأضاف: “كل التعديلات التي طالت قانون المسطرة المدنية أو الجنائية لم تحل بعد هذا الإشكال البنيوي المرتبط بتنفيذ الأحكام.”
ويرى بن الطالب أن نجاح تجربة العقوبات البديلة سيظل رهينا بإيجاد حلول واقعية لمعضلة التنفيذ، وضمان ألا تتحول هذه المقتضيات إلى امتياز للفئات الميسورة، على حساب العدالة والإنصاف.