بينما اختار عدد من وزراء حكومة عزيز أخنوش قضاء عطلتهم السنوية خارج أرض الوطن بعد سنة سياسية واقتصادية مثقلة بالملفات، فضّل عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية، عدم الاستفادة من عطلة الصيف، في موقف يعكس حجم المسؤولية التي يتحملها الرجل في ظل تحديات داخلية متسارعة، واستحقاقات سياسية على الأبواب.
فقد علمت مصادر مطلعة أن لفتيت لم يكن وحده في هذا القرار، بل شاركه “الحرمان الطوعي” من العطلة عدد من كبار المسؤولين في وزارة الداخلية، من بينهم ولاة وعمال بالإدارة المركزية، أبرزهم مولاي إدريس الجوهري، وحسن أغماري، وجلول صمصم، إلى جانب العاملين مصطفى الهبطي وحسن فاتح، وآخرين ممن اختاروا البقاء في مكاتبهم عوض الشواطئ أو وجهات الاصطياف.
الانكباب على ورشَيْن ملكيّين
ويأتي هذا القرار في سياق استثنائي، بعد الخطاب الملكي الأخير بمناسبة عيد العرش، الذي رسم ملامح مرحلة جديدة من العمل التنموي والمؤسساتي. ووفقًا للمصادر نفسها، فإن المسؤولين الذين اختاروا البقاء يركزون على ورشين استراتيجيين ورد ذكرهما في الخطاب الملكي، أولهما إعداد نموذج جديد للتنمية المجالية، وثانيهما التحضير المبكر للاستحقاقات التشريعية لسنة 2026.
ويُعد ورش التنمية المجالية من بين الأوراش الكبرى التي تتطلب تعبئة وطنية ومقاربة ترابية جديدة تأخذ بعين الاعتبار التفاوتات الجهوية والاجتماعية. وفي المقابل، فإن التحضير للانتخابات المقبلة لا يقل أهمية، حيث يشمل إعادة النظر في المنظومة القانونية المؤطرة للعملية الانتخابية، وتنسيق الجهود مع باقي المتدخلين لضمان انطلاقة سلسة ومهيكلة لهذا الاستحقاق الديمقراطي.
تعبئة داخلية واستماتة مؤسساتية
مصادر من وزارة الداخلية أكدت أن الوزير لفتيت طلب من مصالح وزارته التحلي بأقصى درجات اليقظة والانضباط في هذه المرحلة المفصلية، مشدداً على أن العطلة يمكن تعويضها، لكن الزمن السياسي والمؤسساتي لا يرحم التأجيل، خاصة مع تطلع المغاربة إلى تغييرات ملموسة في التسيير والتنمية.
ويؤشر هذا السلوك المؤسساتي على عودة منسوب الجدية والانضباط إلى العمل الإداري في ظل الأجندات الوطنية الكبرى، وعلى رأسها تنفيذ التوجيهات الملكية بدقة، وترسيخ مبادئ الحكامة والتخطيط الترابي الاستراتيجي.