تحليل: “قبلة ماكرون” تُزعج تبون.. وتعزز عزلة نظام العسكر في أوروبا

يبدو أن التحركات الدبلوماسية الأخيرة بين فرنسا وإيطاليا تعكس تحولاً استراتيجياً في المشهد الأوروبي، حيث يظهر التقارب بين باريس وروما كضربة للاستراتيجية الجزائرية التي سعت لاستغلال الخلافات الأوروبية لصالحها.

فبعد أشهر من محاولات الجزائر تعزيز شراكتها مع إيطاليا كبديل عن فرنسا، يأتي اللقاء بين ماكرون وميلوني ليعيد ترتيب الأوراق ويؤكد هيمنة المحور الفرنسي الإيطالي، مما يضع النظام الجزائري في موقف دفاعي.

تحليل ديناميكيات هذا اللقاء يكشف أن الجزائر تخطأت في تقديرها للمشهد السياسي الأوروبي، فإيطاليا، رغم بعض الخلافات السطحية مع فرنسا، تبقى جزءاً من النسيج الأوروبي الموحد، ولا يمكن أن تتحول إلى حليف منفصل للجزائر على حساب التضامن الأوروبي.

 

 

والبيان المشترك الذي أكد على “التوافق القوي” بين البلدين في قضايا السيادة والاقتصاد يقطع الطريق أمام أي محاولات جزائرية لاستقطاب روما، خاصة في ظل الدعم الجزائري المعلن للبوليساريو، وهو ما ترفضه الدبلوماسية الأوروبية بشكل شبه إجماعي.

السياق الأوسع لهذه التطورات يشير إلى أن العزلة الدولية للجزائر ليست مجرد ادعاء، بل واقعاً تُثبته التحالفات الجديدة التي تتشكل بعيداً عنها.

فبينما تعزز فرنسا وإيطاليا شراكتهما، تظل الجزائر حبيسة سياستها الداعمة للانفصاليين، مما يحد من قدرتها على بناء تحالفات قوية، فحتى المحاولات الإعلامية الجزائرية لتقليل أهمية اللقاء الفرنسي الإيطالي تبدو غير مقنعة في مواجهة الحقائق الدبلوماسية، خاصة مع الإعلان عن قمة ثنائية رسمية عام 2026، وهو ما يؤشر على أن هذا التقارب ليس تكتيكياً بل استراتيجياً.

في النهاية، يبدو أن النظام الجزائري يواجه معضلة حقيقية، فإما أن يعيد تقييم سياسته الخارجية، خاصة فيما يتعلق بدعم البوليساريو، وإما أن يستمر في مساره الحالي، الذي لا يزيده إلا بعداً عن الساحة الدولية.

ويرى مراقبون أن المؤشرات الحالية تُظهر أن الخيار الثاني هو السائد، مما يعني أن العزلة ستكون السمة الأبرز للدبلوماسية الجزائرية في الفترة القادمة، في وقت تزداد فيه أواصر التعاون بين الدول الأوروبية على أسس تخدم مصالحها بعيداً عن الأجندات المثيرة للانقسام.

 

هذا وتعرضت الجزائر قبل يومين لضربة دبلوماسية جديدة مع إعلان بريطانيا، العضو الدائم في مجلس الأمن، دعمها الكامل لمبادرة الحكم الذاتي المغربية كحل وحيد للنزاع المفتعل حول الصحراء.

 

إذ أن هذا الموقف البريطاني ليس سوى حلقة أخرى في سلسلة الانتكاسات التي تواجهها الدبلوماسية الجزائرية، التي باتت عاجزة عن مواكبة التحولات الدولية المتسارعة لصالح المغرب، فبينما تترسخ مكانة المملكة كشريك استراتيجي للدول الكبرى، تزداد عزلة الجزائر، التي ما زالت تتشبث بخطاب متحجر يعتمد على دعم جماعات انفصالية لم تعد تجد سوى القليل من الآذان المصغية على الساحة الدولية.

رد الفعل الجزائري الهستيري على الموقف البريطاني كشف مرة أخرى عن عجز النظام عن تقديم بديل واقعي، مكتفياً بإطلاق تصريحات غاضبة وبيانات مكرورة تفتقر إلى أي رؤية استراتيجية. فبينما يبني المغرب تحالفاته على أسس متينة من المصالح المشتركة والرؤية السياسية الواضحة، تلجأ الجزائر إلى سياسة الرفض المطلق والمواقف المتصلبة التي لم تعد تجد صدى حتى لدى حلفائها التقليديين. لقد تحولت الدبلوماسية الجزائرية إلى أداة للعزلة الذاتية، بينما يستفيد المغرب من تحولات المشهد الجيوسياسي لتعزيز مكانته كقطب إقليمي لا يمكن تجاهله.

الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية البريطاني إلى الرباط، والتي تم خلالها الإشادة بالنهج الواقعي للمغرب، لم تكن سوى تأكيداً على أن العالم لم يعد يشتري السردية الجزائرية البالية. فبينما يقدم المغرب حلولاً عملية قابلة للتطبيق، تظل الجزائر رهينة خطابها الأيديولوجي الذي عفا عليه الزمن. حتى المحاولات اليائسة للنظام الجزائري لتقويض الجهود المغربية عبر دعم جماعات مسلحة وتأجيج النزاعات تبوء بالفشل تلو الفشل، في وقت تزداد فيه القناعة الدولية بأن المستقبل هو للتعاون والاستقرار، وليس للصراعات المفتعلة.

المغرب، من جانبه، يواصل تعزيز مكاسبه الدبلوماسية بخطى ثابتة، مدعوماً بشراكات اقتصادية وعسكرية متينة مع القوى الكبرى. في المقابل، تدفع الجزائر ثمناً باهظاً لسياساتها العدائية، ليس فقط في شكل عزلة دولية متزايدة، بل أيضاً في تراجع نفوذها الإقليمي. فبينما تفتح الدول أبوابها للمغرب كشريك موثوق، تتحول الجزائر إلى دولة منبوذة، عاجزة عن تقديم أي رؤية إيجابية للمنطقة.

السؤال الذي يفرض نفسه الآن هو: إلى متى ستستمر الجزائر في هروبها إلى الأمام؟ فالعالم يتغير، والمغرب يخطو بثبات نحو المستقبل، بينما تظل الجزائر غارقة في وحل سياساتها الفاشلة. إنها معادلة واضحة: كلما زاد تمسك النظام الجزائري بدعم الانفصاليين، زادت هشاشة موقفه الدولي. أما المغرب، فسيواصل تصدر المشهد، لأنه ببساطة يعرف كيف يبني تحالفاته على أسس من المصالح المشتركة والرؤية الاستراتيجية، وليس على الأوهام الأيديولوجية.

 

فبعد أشهر من محاولات الجزائر تعزيز شراكتها مع إيطاليا كبديل عن فرنسا، يأتي اللقاء بين ماكرون وميلوني ليعيد ترتيب الأوراق ويؤكد هيمنة المحور الفرنسي الإيطالي، مما يضع النظام الجزائري في موقف دفاعي.فبعد أشهر من محاولات الجزائر تعزيز شراكتها مع إيطاليا كبديل عن فرنسا، يأتي اللقاء بين ماكرون وميلوني ليعيد ترتيب الأوراق ويؤكد هيمنة المحور الفرنسي الإيطالي، مما يضع النظام الجزائري في موقف دفاعي.فبعد أشهر من محاولات الجزائر تعزيز شراكتها مع إيطاليا كبديل عن فرنسا، يأتي اللقاء بين ماكرون وميلوني ليعيد ترتيب الأوراق ويؤكد هيمنة المحور الفرنسي الإيطالي، مما يضع النظام الجزائري في موقف دفاعي.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *