تتجه أنظار متتبعي الساحة السياسية في المغرب، صوب الحدث السياسي الأبرز خلال الشهر المقبل، والذي سيشهد انعقاد المؤتمر الوطني الخامس لحزب الأصالة والمعاصرة،وانتخاب امانة عامة وهياكل جديدة جديدة في ظل مجموعة من التحديات يعاني منها الحزب.
فالحزب يعرف انتكاسة سياسة بالموازات مع الترتيبات التي تسبق المؤتمر الوطني، لكنه رغم ذلك ، تشبث قادة الحزب بعقد المؤتمر في تاريخه المحدد لاثبات الذات وارسال عدة رسائل الى من يهمه الامر بان حزب الجرار اقوي من الضربات التي يتلقاها ، واكبر من الهزات السياسية التي اصابته،
صحيح أن حزب الجرار أشعل فتيل نقاش عمومي واسع النطاق في المغرب، وسلط الضوء على “أخطبوط الفساد والسياسة”؛ واعاد للواجهة سؤال “واقع النخبة السياسية”، وقضية “تخليق الحياة السياسية”، و”جودة العمل السياسي”، و”نجاعة الأداء السياسي”، ثم “القيم السياسية المواطنة”، ثم علاقة المال والسلطة والمال والسياسة.
وقد أثار هذا السجال امتعاضا ضد الامين العام للحزب، الأمر الذي دفعه الالتزام بالصمت، وأشعره بعزلة سياسية بدأت تتشكل ملامحها من خلال أزمة “النظام الداخلي” لمجلس النواب، وهو ما دفع المجلس الوطني للحزب في شخص رئيسته “المنصوري” إلى الخروج، وأداء هذا الدور لانقاذ الحزب من الانكسار.
تاريخيا، تعرض الحزب لضربات موجعة منذ تأسيسه، شأنه شأن باقي الأحزاب المغربية؛ إلاّ أنه أظهر قدرة هائلة في التعافي والنهوض والحفاظ على وزنه في كل المحطات الاقتراعية.
فالأصالة والمعاصرة حزب ”يمرض” ولا ”يموت”، واستطاع اكتساب مناعة ضد الصدمات، والظهور بشكل قوي أكثر من السابق؛ دون أن تنال منه الأزمات بالنظر إلى الحيوية التي يعيشها، من حيث “الديمقراطية” الحزبية، و”التداول” في هياكله.
فضلا ; أن الحزب عاش تمرينا سياسيا في خضم أزمة تيار “المستقبلّ وتيار “الشرعية”؛ أفضت إلى الإحتكام للقضاء، من أجل الانتصار للديمقراطية الحزبية؛ إتنهت إلى الصلح بين قواه.
ومع بداية العد العكسي لانعقاد المؤتمر الوطني الخامس، أجمعت قيادات الحزب على الصمود ومواجهة الأزمة الداخلية للحزب، واتخاذ قرار شجاع يقضي بعقد المؤتمر في الزمن المحدد.
لإن انعقاد المؤتمر في موعده انتصار لـ”الديمقراطية و”التداول”، دون اختزال وزن الحزب في شخص أو أزمة عابرة؛ قصد إظهاره في موقع قوة لاستشراف المستقبل، والقدرة على تجاوز الصعوبات.
وكون الحزب يواجه أزمة سياسية بالموازاة مع رهان إنجاح المؤتمر الوطني الخامس للحزب، فإن الحزب يعول على انتخاب كاريزما قيادية لتدبير المرحلة الانتقالية للحزب، من أجل الاستعداد للاستحقاقات المقبلة.
وحسب الكثير من المحللين ومن الباميين والباميات فشخصية الظرف الحالي هي المراكشية “فاطمة الزهراء المنصوري” التي حولها شبه اجماع لتدبير المرحلة.
وحسب أعضاء من حزب “البام”، فإن المرحلة الإعدادية لما قبل المؤتمر الخامس، تعبد الطريق أمام تيار مراكش لزعامة الحزب في المرحلة المقبلة، وترشح المرأة التي توصف بالحديدية للظفر بالأمانة العامة لـ”الجرار”؛ ومن المرشح أن يكون القيادي “سمير كودار” نائبا لها.
كما أن ترشيحها ينسجم مع تشخيص الرسالة الملكية للعمل السياسي بمناسبة الذكرى الستين لإحداث البرلمان المغربي، حين شدد على تعزيز ولوج النساء والشباب بشكل أكبر إلى المؤسسات التمثيلية؛ فضلا عن إثارته سؤال “جودة النخب”، ومنظومة “القيم والأخلاق”.
الأمر الذي يضع “المنصوري” أمام مسؤولية ثقيلة، وهي الانكباب على معالجة الأعطاب التي لحقت الحزب، وتطهيره من دائرة الشبهات والفساد، والارتقاء بالأداء السياسي للحزب، وضمان جودة نخبه.
فالقيادات الحزبية لـ”البام” تشدد على المرشحين للهياكل المقبلة للحزب؛ انبثاق ميثاق سياسي قوي ومنسجم، والحفاظ على اللحمة الداخلية للحزب، وإبعاد الفاسدين واشباه الباميين والباميات عن الحزب لتقليص دائرة الشبهة، والانفتاح على نخب جديدة لاعطاء الحزب نفسا جديدا.
وعليه، فإن التجربة الديمقراطية للحزب، عرفت تداولا مستمرا في الزعامة والقيادات بلغت حدها في ظل احتكار الرجال لهذا المنصب؛ إلى أن صار اليوم يعول على تجربة أخرى، وإعطاء النساء حقهن في إثبات جدارتهن السياسية والقيادية.
كما أن اهتمام قيادات “البام” بشخصية إمرأة للتدبير المرحلة، هو بمثابة شجاعة واعتراف منهم بالحاجة إلى نفس نسائي، وترجمة لخطاب الأحزاب اليسارية المغربية على أرض الواقع؛ عكس باقي الاحزاب اليسارية التي تقول ما لا تفعل، وإعطاء فرصة للنساء لإظهار حنكتهن السياسية؛ وإبراز مدى انخراط المغرب في منظومة حقوق الإنسان، سيما حقوق المرأة ومقاربة النوع الاجتماعي.
كما أن وصول “المنصوري” للأمانة العامة للحزب، قد يزيد من حظوظ بلوغ المرأة إلى رئاسة الحكومة لأول مرة في تاريخ المغرب والمنطقة، خصوصا وأن حزب “البام”ينظم مؤتمره وعينه على الانتخابات التشريعية المقبلة ولما لا قيادة الحكومة المقبلة.