شكل اجتماع نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، برفيقه اليساري إدريس لشكر، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية هذا الاسبوع الحدث البارز بالمشهد الحزبي ، لكونه شكل خطوة “لم تكن منتظرة”، في ظل الخلافات العميقة التي ميزت علاقات الزعيمين اليساريين.
اللقاء انعقد مساء الخميس، وأثار استغرابا وسط متتبعي الشأن السياسي بالمغرب، وذلك بشأن وقف التفكك السياسي الذي كان قدراً لليسار.
وأشار بيان صادر بعد اللقاء، نشر في وقت متزامن على صفحات الحزبين الإلكترونية، وتوصلت بلبريس بنسخة منه إلى أن الاجتماع بين الزعيمين كان “فرصة لمناقشة وتدارس مختلف المواضيع المرتبطة بالوضع العام بالمغرب وبأوجه العمل المشترك بين الحزبين وسبل تقويته”، مضيفاً أنه “تم الاتفاق على تشكيل لجنة مشتركة بين المكتبين السياسيين للحزبين، قصد تقديم تصور عام حول محاور وبرنامج هذا العمل المشترك”.
تفاصيل لقاء زعيمي الوردة والكتاب
كشفت مصادر مطلعة أن اللقاء استمر لوقت طويل وشهد نقاشات مستفيضة حول التطورات المجتمعية ومختلف القضايا والأحداث السياسية المطروحة حاليا، وتم الاتفاق على برنامج عمل مشترك بين الحزبين، مع أنه تم الاتفاق مبدئيا على أن العمل لن ينحصر داخل الحزبين، وإنما سيكون الباب مفتوحا لفعاليات أخرى سياسية بالأساس، وأيضا مدنية تؤمن بهذا التصور الجديد للفعل السياسي اليساري،فهل تنضم باقي مكونات المعارضة الى هذا التنسيق علما ان لقاءات جمعت بين نبيل بنعبد الله وقادة حزب الحركة الشعبية في وقت سابق لكنها لم تسفر عن شيء بالاضافة الى ان الكاتب العام للاتحد الاشتراكي ادريس لشكر خصما لدودا لحزب العدالة والتنمية ولأمينه العام عبد الإله بنكيران وانهما السبب الاساسي لفشل تنسيق المعارضة سابقا،وهل يمكن القول انه بداية لاعادة لملمة بيت اليسار بالمغرب؟ام هي آمال معقودة للدخول الى الحكومة في التعديل المرتقب؟
نبيل بنعبد الله:شرعنا في تنسيق أولي ونسعى إلى مقاربة عدد من المواضيع بشكل مشترك
لم يستبعد نبيل بنعبد الله، زعيم حزب التقدم والاشتراكية، دخول فعاليات حزبية أو غير حزبية إلى التحالف الحديث، من أجل تعبئة المعارضة التي أصبحت ضعيفة رغم قوتها الدستورية، في ظل وجود تكتل قوي للأغلبية الذي أوهن دورها داخل العمل البرلماني
وقال بنعبد الله في تصريح صحفي: “شرعنا في تنسيق أولي ونسعى إلى مقاربة عدد من المواضيع بشكل مشترك، مع الانفتاح على فعاليات حزبية وغير حزبية لملأ الساحة وتحريك فضاء المعارضة”، مضيفا: “بعد ذلك، سوف نرى ما يمكن القيام به حسب التطورات، هذا كل ما في الأمر الآن”.
وأوضح نبيل بنعبد الله، “هذه فقط البداية ويتعين علينا التريث وعدم حرق المراحل واستباق الأحداث”، مشيرا إلى أنه “ليس هناك ضعف للمعارضة، لكن اقتصار التنسيق على العمل البرلماني، يحد من قوة تأثير مكوناتها في المجتمع. ولذلك، عقدنا العزم على الخروج من هذه الوضعية”.
ادريس لشكر: المغرب بحاجة لقطب يساري لمواجهة التغول الحكومي والمكتسبات الديمقراطية
زيارة لشكر لبنعبد الله ليس امرا عاديا او اعتباطيا ، بل انه مخطط له بدقة من طرف ادريس لشكر الذي اقتنع بان التحاقه بحكومة عزيز اخنوش تبخر ، وعليه ان يبحث عن تحالف جديد
لمواجهة جكومة اخنوش، ولم يكن امام الشكر من خيار سوى التقارب مع حزب التقدم والاشتراكية ، الذي فقد هو ايضا الامل في التنسيق مع بنكيران وحرب العدالة والتنمية .
وهذا ما عبر عنه لشكر في كلمته بمقر حزب التقدم والاشتراكية ، ودعوته كل اجهزة حزبه للتنسيق مع اجهزة حزب نبيل بنعبد الله ، عبر خلق لجن لوضع ارضية هذا التنسيق بين اهم مكونات اليسار بالمغرب.
ونشير في هذا السياق ، ان تحديات جزبي لشكر وبنعبد الله وتواجدهما بالمعارضة ، وتهميشهما من طرف حكومة اخنوش فرض عليهما هذا التقارب ، في ظل مرور المغرب بازمات
اجتماعية خطيرة ، لذلك فتقارب الحزبين في هذا الوقت بالذات ليس اعتباطيا ، بل انه تقارب براغماتي لكل حزب حساباته وتكتيكاته.
“تغوّل” الأغلبية وتبخر طموح التعديل الحكومي أجبر “الأخ” و “الرفيق” على التحالف
لم يكن يتوقع أحد أن يتحول العداء الشخصي الشديد الذي جمع الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، محمد نبيل بنعبد الله، وزعيم الإتحاديين، إدريس لشكر، لمدة طويلة، إلى مصالحة مزعومة، توجت “بتحالف” مشترك.
وقد ظهرت بوادر التقارب بين الرجلين حين جلس قرب بعضهما البعض، خلال المؤتمر الخامس لليسار الاشتراكي الموحد، قبل حوالي شهر، وإلى جانبهما نبيلة منيب، يطأطئون رؤوسهم على أنغام أغنية ناس الغيوان الشهيرة “الدنيا ساكتات صهيون دارت ما بغات.. صبرا وشتيلا المجزرة الكبيرة”.
منذ ذلك الحين، يرى العارفون بخبايا اليسار بالمغرب، أو ما تبقى منه على الأقل، أن الزعيمين “الأخ” و “الرفيق” يخططان لشيء ما، لكن لا أحد كان يتصور أن الأمور ستذهب بهما إلى حد تشكيل تحالف، خصوصاً وأن الإتحاد الاشتراكي، وبأوامر من قيادته، قرر الانسحاب من التنسيق الذي شكلته المعارضة في البرلمان، وضم إلى جانب الاتحاد، كل من التقدم والإشتراكية، العدالة والتنمية والحركة الشعبية، ليؤسس بعد ذلك، وفي سابقة غير معهودة، “المعارضة الاتحادية”.
وبالماسبة ،نشير ان تقارب لشكر وبنعبد الله قد تم مباشرة بعد الاجتماع الاخير لاحزاب الاغلبية الحكومية ، حيث اكد من اخنوش وبركة ووهبي علي قوة التحالف الحكومي وانسجامه ،
لذلك ، فتقارب الكتاب والوردة فرضته تطورات المشهد الحزبي الوطني ، وهيمنة التحالف الثلاثي ، مما دفع إدريس لشكر في آخر خروج إعلامي في البرنامج المباشر “ضيف الأسبوع”، على قناة “ميدي آن تيفي”، الأسبوع الماضي، إلى وصف الثلاثي الحكومي (الأحرار، البام، الإستقلال) ب” التحالف المتغول”، وهو المعنى السياسي بلغة لشكر، الذي يعبر عن تماسك مكونات الأغلبية، الذي تسبب في تقزيم ادوار المعارضة، لذلك لم يكن غريبا أن يدعو لشكر، خلال نفس البرنامج التلفزيوني، إلى “ضرورة بناء جبهة للمعارضة من أجل حماية التوازن المؤسساتي، والمناعة الديمقراطية بالبلاد”.
فهل يا ترى سيفرز هذا الزواج بين الاتحاديين ورفاق علي يعتة، مطامح إحياء كتلة وطنية ولو بشكل مصغر، لمواجهة ما يمكن مواجهته؟ أم أنه مجرد تكتيك عابر لن يصمد كثيرا في سياق باتت فيه أحزاب اليسار في العالم تخوض صراعا مريرا من أجل البقاء؟