كشفت صحيفة لوموند الفرنسية، أن الرئيس التونسي قيس سعيد، حول تونس الى لبنان ثانية، بعدما أصبحت حديقة خلفية للنظام الجزائري، على غرار لبنان التي تحولت الى حديقة خلفية للنظام السوري وتطل على الإفلاس.
المقال التحليلي للصحيفة الفرنسية الواسعة الانتشار، أشار إلى أن حادثة مطار تونس، بالقرار الذي وصفه المغرب بالعدائي، ليس مجرد حادث، ولكنه يكشف عن إصطفاف قيس سعيد بشكل واضح للجانب الجزائري، بعدما إنقلب على دستور بلاده، ليجد نفسه عالقاً بين الوضع الداخلي و الأزمة الخانقة والحرب الأوكرانية الروسية، ليضع دولة بكاملها رهينة نظام دولة أخرى.
واعتبرت الصحيفة أن التونسي قيس سعيد تجاوز الخط الأحمر للياقة الدبلوماسية بمنحه ترحيبًا كبيرا لزعيم جبهة البوليساريو إبراهيم غالي، ووصفتها بـ “الإهانة” للمغرب و “كسر للتقاليد الديبلوماسية” لتونس، التي لا طالما اختارت الحياد في الصراع الصحراوي بين الرباط والجزائر العاصمة ، الداعمة الرئيسية لجبهة البوليساريو.
وارتأت تونس أن الحادث الذي وقع في مطار تونس قرطاج عشية افتتاح القمة الثامنة للمنتدى الياباني الإفريقي ليس مجرد حادث عادي بالنسبة للمغرب، وفسرته بأنه “نابع من انحياز متزايد لتونس تجاه الجزائر التي شجعتها بالنفط والغاز، في وقت الذي تشهد فيه أوكرانيا الحرب”.
هذا التحول في العلاقات المغربية الجزائرية والتونسية، بالنسبة لـ “لوموند”، ظهر منذ انتخاب الرئيس التونسي سنة 2019، وبشكل أكثر تحديدا منذ انقلابه في يوليوز 2021، والذي بفضله تولى السلطة الكاملة، وسرعان ما وجد سعيد نفسه محاصرًا بين المحور الذي شكلته مصر والإمارات العربية المتحدة، والذي يرجح أنه كان مصدر إلهام لهجومه ضد الإسلاميين في حزب النهضة.
وبالنسبة للجزائر فقد كانت قلقة من رؤية جارتها الخلفية التونسية تُستثمر من قبل التحالف الجديد خضع لنفوذ عرابين جدد. ‘‘فتونس بالنسبة للجزائر، هي كلبنان بالنسبة لسوريا’’، وفق تعبير مسؤول تونسي، وأن الاهتمام الدقيق الذي يوليه نظام الجزائر تقليديا لتونس قد اتخذ بعدا استراتيجيا شبه حيوي في اليوم التالي لتطبيع العلاقات بين المغرب وإسرائيل في عام 2020.
الجزائر شعرت بعد التطبيع المغربي الإسرائيلي، حسب الصحيفة، بأنها مستهدفة بشكل مباشر من هذا المحور الجديد الذي يبدو أنه “تحالف أمني يضع الموساد على حدوده ” بحسب ما نقلته لوموند عن مسؤول جزائري، ومن هنا جاء خوفها من التطويق من الغرب (المغرب) ومن الشرق، حيث تقدم الفوضى الليبية وسيلة للترادف المصري الإماراتي الذي “طبع” علاقاته مع إسرائيل.
وحسب الصحيفة فإن تونس من بين هاته المحاور كانت هي الحلقة الأضعف التي يجب تحييدها بأي ثمن خاصة وأنها على حافة الإفلاس، انتهى الأمر بالاستجابة لطلبات معينة من الجزائر ، مقابل مساعدة مالية قيمة.
وكانت الجزائر دائمة القلق بشأن إستسلام تونس “الهشة” للضغوط الإقليمية لصالح التطبيع مع إسرائيل، ولذلك استعملت في سبيل استمالة تونس وسيلتين، أولها الضغط على تونس من خلال مواصلة تأمين سلاح الغاز الجزائري الذي تستمد منه تونس 99٪ من طاقتها الكهربائية. وثانياً ، إغلاق الحدود ، مما يضر بالاقتصاد التونسي.
![]()