في مثل هذا اليوم من السنة الماضية العاشر من دجنبر 2020، أعلن دونالد ترامب رئيس الولايات المتحدة، اعتراف بلاده بمغربية الصحراء، وتطبيع المغرب لعلاقاته مع إسرائيل.
ويعدّ إعلان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، اعتراف بلاده بسيادة المملكة المغربية على الصحراء، حدثًا تاريخيًّا، وتحولًا جذريًّا في السياسة الأمريكية، ولا شك أنه يعزز موقف المغرب ورؤيته الخاصة لحلّ هذه القضية؛ التي مضى عليها ما يقرب من نصف قرن.
ويشكل الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء ضربة قاسية لأطروحة البوليساريو والجزائر وتتويجاً لسلسلة من المحطات التي عمل فيها المغرب بتدرج على تعزيز وجوده في الإقليم المتنازع عليه، كان آخرها تدخل الجيش الملكي في منطقة “الكركرات” العازلة، بعدما قطع ناشطون من البوليساريو المعبر الوحيد الذي يربط المغرب بموريتانيا وإفريقيا.
التدخلٌ “الغير هجومي”، راقبه ممثلون عن مينورسو (بعثة الأمم المتحدة في الصحراء الغربية). بعدها أعلنت جبهة البوليساريو انسحابها من اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في العام 1991 تحت رعاية الأمم المتحدة.
في هذا السياق قال الدكتور عتيق السعيد استاذ ومحلل سياسي:”عام على الاعتراف الأمريكي بعدالة القضية الوطنية للصحراء المغربية، في سياق شكل فيه قرار الولايات المتحدة الأمريكية الاعتراف لأول مرة في تاريخها، بسيادة المملكة المغربية الكاملة على كافة منطقة الصحراء المغربية أكبر برهان قاطع، واضح و صريح بالمشهود للعالم و كل مكونات المنتظم الدولي على المنطقية و الحتمية المطلقة لسيادة المغرب في صحرائه، ومن جهة ثانية أعتبر تأكيدا واقعيا على مصداقية و حجية المشروع التنموي المستدام الذي قاده جلالة الملك محمد السادس بالأقاليم الجنوبية للصحراء المغربية، وهو موقف يعزز الشراكة الاستراتيجية القوية بين البلدين والارتقاء بها إلى تحالف حقيقي يشمل جميع المجالات
واضاف المتحدث نفسه في تصريح لبلبريس:”اليوم و بعد مرور عام على هذا الموقف التاريخي للولايات المتحدة الامريكية برهنت بلادنا على نجاعة الدينامية القوية التي تعرفها قضية الصحراء المغربية، والتي تعرف تفاعلا دوليا مستمرا قوامه الدعم الواضح، و الكامل/الصريح و المطلق لمغربية الصحراء ومبادرة الحكم الذاتي التي اقترحتها المملكة المغربية، كما جسد انتصارا مشهودا له لحكمة الديبلوماسية المغربية التي انتقلت من مرحلة تحصين المكتسبات بخصوص القضية الوطنية، إلى مرحلة فرض واقع جديد، قوامه اعتراف دولي متزايد بمشروعية مبادرة الحكم الذاتي كحل واقعي و مستدام لهذا النزاع المفتعل”
وتابع السعيد:”هذا الموقف البناء والحاسم للولايات المتحدة الأمريكية، يأتي في سياق الاعتراف بعدالة القضية الوطنية، التي أكدتها المواقف الداعمة و الثابتة لمجموعة من الدول في مختلف بقاع العالم، وكذا قرارات العديد من الدول الإفريقية والعربية بفتح قنصليتها بالأقاليم الجنوبية، موقف قدم دروسا لأعداء الوطن بأن الصحراء المغربية قضية عادلة بشرعية قانونية و بدعم و اعتراف يشكل اليوم إجماعا لدى المنظمات و الكيان الدولي، كما أن الاعتراف الأمريكي بعد مرم عام على تفعيله ميدانيا قطع الطريق عن الأوهام التي تروجها جبهة البولزايرو الإرهابية، دلك أن مثل هاته القرارات ثابتة من جهة، و من جهة ثانية مدعومة بمنابع تنموية تشكل فيها الشراكات اللبنة الأساس لشعوب العالم”
وأكد المحلل :”إن العلاقات الثنائية المغربية-الأمريكية تمتد جذورها عبر التاريخ بدأت منذ أن كانت بلادنا كأول الدول سباقة الاعتراف بأمريكا كدولة ذات سيادة موحدة عام 1777 كما توطدت رسمياً في سنة 1787 حينما صادق الكونگرس الأمريكي على معاهدة السلام والصداقة بين البلدين، وبذلك فالشريكان تجمعهما الكثير من المصالح المشتركة، وحليفان يتقاسمان رؤى حول قضايا كبرى وملفات مرتبطة بالأمن الإقليمي والدولي”
وتابع عتيق السعيد:”هدا، و ان اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بمغربية الصحراء و فتح قنصلية لها بمدينة الداخلة، يعد اليوم شهادة جلاء، على التفاهم التام الذي يجمع المغرب بأمريكا كبلدين صديقين و حليفين، في ظل التعاون والتنسيق المستمر الرامية إلى التزامهما بـشراكة اقتصادية أوثق، و تطوير وسائل مبتكرة من أجل الاستفادة بشكل أكبر من اتفاقية التجارة الحرة التي توحد البلدين، مما يفتح إمكانيات جديدة وآفاق جذب المزيد من الاستثمارات الأمريكية للأقاليم الجنوبية بالمملكة وتعزيز التعاون التجاري في المجالات الواعدة توطيد أسس شراكة استراتيجية قوامها التنمية والسلم والأمن على المستويين الإقليمي و القاري، مضيفا:”منذ اعتلائه العرش المجيد أطلق جلالته مشاريع متعددة بالأقاليم الجنوبية برهنت بالملموس للمنتظم الدولي على أن الصحراء المغربية تتوفر على جميع المؤهلات الضرورية لتكون قطبا للتنمية وبوابة نحو القارة السمراء جنوبا و للقارة الاوروبية شمالا، و كمصدر إشعاع ونقطة ارتكاز للمملكة المغربية في إفريقيا التي تنتمي إليها، و بالتالي فقرار اعتراف الولايات المتحدة الأميركية بسيادة المغرب في صحرائه يعتبر شهادة واضحة و إقرارا منها بجهود المغرب المبذولة بالأقاليم الجنوبية للمملكة التي تنعم بمميزات الأمن والاستقرار والرخاء بالقارة”
واكد عتيق السعيد:”توالي الاعترافات الدولية حول السيادة الكاملة للمغرب على الصحراء المغربية تشكل يوما بعد يوم دليل حجة اثبات قاطع بالبرهان على شرعية و مصداقية الحكم الذاتي تحت سيادة المغرب وبالتالي القطع مع كل الفرضيات و التأويلات خارج هدا الإطار، حيث قد تأكد بحكم الواقع التنموي والسياسي و بقوة القانون والشرعية الدولية سيادة المغرب الكاملة في صحرائه و أن أي توجه خارج هذا الإطار مجرد وهم وخرافة تكشفها حجم الاعتراف و الدعم الدولي للمغرب و ايضا واقع و مصداقية و حجية المشروع التنموي المستدام الذي قاده جلالة الملك محمد السادس بالأقاليم الجنوبية للصحراء المغربية مند سنة 2015″
وقال محمد بنطلحة الدكالي مدير المركز الوطني للدراسات حول الصحراء ،في تصريح لبلبريس:”لقد شكل الموقف التاريخي الذي تجسد في اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بسيادة المغرب على صحراءه مرحلة جديدة في العلاقات بين البلدين الصديقين،مما يؤكد دعم واشنطن للمغرب كحليف استراتيجي وبلد استقرار،ومنصة أساسية نحو افريقيا ويؤكد عمق العلاقات بين البلدين،ويعزز الشراكة الاستراتيجية القوية بينهما،والارتقاء بها الى تحالف حقيقي يشمل جميع المجالات،كما أن هذا الاعتراف السيادي يشكل انتصارا للديبلوماسية المغربية،مع العلم أن هذا الاعتراف جاء في اطار مرسوم من طرف الادارة الامريكية”
وتابع المتحدث نفسه:”للتذكير أن المرسوم التنفيذي الذي صدر عن الرئيس الأمريكي “ترامب” يلزم الدولة الأمريكية ويندرج ضمن الصلاحيات التي يمنحها الدستور الأمريكي لرئيس الدولة وفقا للفصل الثاني من الدستور الأمريكي، ومن المعلوم أن المرسوم التنفيذي يمتلك قوة القانون الفيدرالي،كما ان الكونغرس الأمريكي لايمكنه الغاء المراسيم الرئاسية علما أن القرار الأمريكي المتخذ هو قرار دولة ويخضع لمبدأ استمرارية الدولة، وهو ينسجم مع قرارات مجلس الأمن الدولي الأخيرة التي تدعو الى حل واقعي وعملي وقائم على الرغبة في التسوية السياسية.لقد جاء هذا الموقف الداعم من طرف الولايات المتحدة الأمريكية تدعيما لمواقف عدد من الدول الشقيقة والصديقة وكذا قرارات العديد من الدول بفتح قنصليات بأقاليمنا الجنوبية’
واضاف الدكالي:”كما أن هذا الاعتراف غير التوازنات الاستاراتيجية بشمال افريقيا وأربك حسابات العديد من الدول وشكل ضربة قاسية لحكام الجزائر وصنيعتهم البوليساريو وتتويجا لسلسلة من المحطات الايجابية الديبلوماسية المغربية.واليوم نجد انه قد مرت سنة على هذا الاعتراف التاريخي الأمريكي بمغربية الصحراء،مما يؤكد عمق العلاقات التي صادفت هذه السنة الذكرى المئوية الثانية،لاسيما أن المغرب يعد أحد أقوى شركاء الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة،وهو البلد الوحيد في افريقيا الذي تربطه اتفاقية التبادل الحر مع الولايات المتحدة الأمريكية، كما أنه البلد الافريقي الوحيد الذي تجري معه تدريبات عسكرية سنوية،بالاضافة الى كونه من بين ثلاث دول افريقية تحضى بصفة أكبر حليف خارج حلف الناتو، ومن جهة اخرى نجد ان دعم أمريكا للموقف المغربي سيمكنها من الحصول على موطئ قدم جنوب المغرب مما يساعدها على تعزيز تواجدها في افريقيا جنوب الصحراء ويعزز حظوظها في تقوية نفوذها السياسي والاقتصادي في افريقيا ،في وقت أصبحت هذه الأخيرة مسرحا لتنافس قوى عظمى…”