"بنت مكة كلامها عسل لبنة"... أغنية راب سعودية تلهب مواقع التواصل الاجتماعي

"بيضة زي الدمة تلمع سمرة، جمالها يلسع لا تجرحها والله تأذيك، وقت تشوفها تجليك. البنت زي الجبنة كلامها عسل لبنة. بيها حتكمل السنة معاها حياتك حتقلب جنة"، هو مقطع من أغنية راب سعودية، أشعلت نار الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي بين السعوديين.

وتمدح الأغنية، التي تحمل عنوان "بنت مكة"، محاسن وخصال تنسبها للفتاة المكية، أي من مدينة مكة التي تتحدر منها المغنية "صايل". لم تكن المغنية معروفة، لكن انتشر اسمها على مواقع التواصل الاجتماعي كانتشار النار في الهشيم على خلفية هذه الأغنية، التي قدمت في قالب متحرر يتجاوز الكثير من القيود المفروضة على الفن في السعودية.

وتظهر في كليب الأغنية المغنية "صايل" مغطاة الرأس بحجاب وهي تغني، وتؤدي في الوقت نفسه حركات معروفة لدى مغنيي الراب، فيما كان بقربها أطفال يرقصون. وصور الفيديو كليب، كما تظهر المشاهد، في مقهى.

فيديو "يتنافى مع الهوية"

وبمجرد ظهور الكليب على يوتيوب خلال الأسبوع الثاني من الشهر الحالي، بدأ الآلاف من السعوديين وغيرهم من رواد مواقع التواصل العرب في مشاركته، وبلغ عدد مشاهدات الفيديو حتى اليوم 100 ألف. لكن هذا الانتشار الواسع لهذا العمل جر على المغنية الشابة الكثير من الانتقادات التي كان البعض منها عنصريا بحكم لون بشرتها.

ويعتبر منتقدوها أنها تجاوزت كل الخطوط الحمراء في مجتمع محافظ، له تقاليده الخاصة. وفي هذا السياق كتب مثلا فهد العرابي الحارثي في تغريدة على تويتر، منتقدا العمل بلهجة قاسية "ياجماعة هذا مش انفتاح...هذا سماجة وقلة حياء".

وطالب منتقدو "صايل" بتوقيفها ومحاسبتها، وهو ما استجابت له السلطات السعودية في مكة، حيث أصدر أميرها خالد الفيصل أمر توقيف "المسؤولين عن إنتاج فيديو أغنية الراب (بنت مكة) الذي يسيء لعادات وتقاليد أهالي مكة ويتنافى مع هوية وتقاليد أبنائها الرفيعة".

وقال بيان الأمير الذي نشر على تويتر في تغريدة إن الأمر "تضمن توجيه سموه إحالتهم للجهات المختصة للتحقيق معهم وتطبيق العقوبات بحقهم"، في إشارة للمشاركين في الكليب. وتم توقيف المغنية لأيام قبل أن تفيد وسائل إعلام مختلفة أنه قد يكون تم الإفراج عنها في وقت لاحق، لكن لم يصدر أي بيان من السلطات ينفي أو يؤكد إطلاق سراحها.

"بنت مكة تمثلني"

وتأييدا للأغنية، انتشر هاشتاق #بنت_مكة_ تمثلني على مواقع التواصل الاجتماعي يشيد بالعمل، ويعتبر أن الأغنية تجسيد لروح الشباب إناثا وذكورا في السعودية في الوقت الحاضر، خاصة وأن كلماتها أتت خالية مما يمكن أن يعتبر كلمات بذيئة.

ولهذا السبب لم ير مغردون أي داع لإثارة ضجة مسيئة للمغنية والمشاركين في عملها. وجاء في تغريدة لناشطة تدعى "شفا"، التي يتابعها أكثر من ثلاثين ألف شخص، أن "بنت مكة": "أغنية الراب الوحيدة اللي مافيها ولا كلمة وحده بذيئة ولا شتيمة وحده ولا إساءه وحده ولا مشهد إباحي واحد ولا مشهد نيودتي واحد ولا ممنوعات ولا حشيش ولا دخان وحتى الرابر محجبة تم "اعتقال" البنت عشان الأغنية ما ناسبت السعودية الجديدة كما القديمة".

من جانبه، استهجن الكاتب السعودي عبد الكريم المهنا في تغريدة الضغط الممارس على الشباب في بلاده، معتبرا أن كلمات الأغنية لم تتضمن "أي سوء". وكتب المهنا: "لنترك الجميع يتنفسون. أغنية بنت مكة هناك من يطلب محاسبتها... لم أجد بأغنيتها أي سوء... أعتقد من حقها التغني بمدينتها ومجتمعها المكاوي... من حق فتاة سمراء التغني بمدينتها".

ويعتبر المهنا، في حديث لفرانس24، أن "المجتمع السعودي هو أعظم المجتمعات انفتاحا منذ عصر النبوّة الذي انفتح به العرب على كل الثقافات بعد أن كان مجتمعا بدائيا منغلقا على نفسه وسط الصحراء وامتد هذا الانفتاح حتى اليوم".

كما يرى المهنا "أن الأغاني والموسيقى هي جزء من تراثنا وحاضرنا ولا يتطور أي مجتمع وهو جامد المشاعر وفقير بالأحاسيس الموسيقية والغنائية والفنية عامة"، قبل أن يضيف أنه "رغم محاولات الكثير طمس تلك الفنون اليوم، إلا أننا نرى التوجه القوي بإحيائها من قبل الشعب والقيادة ممثلة بهيئة الترفيه".


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.