"الشائعات أو "حرب الجيل الرابع" فيروس آخر أكثر إنتشارا و أشد فتكا"

مقال مشترك بين:

ذ.إبتسام هيشر.

أخصائية في العلوم السجنية و العلاج النفسي السلوكي و باحثة في السوسيولوجيا.

ذ.طه الفرحاوي.

طالب باحث في سوسيولوجيا المجال وقضايا التنمية الجهوية، جامعة إبن طفيل القنيطرة.

 

تعتبر الأزمات و الكوارث بيئة خصبة لإنتشار الإشاعات و الأكاذيب المغرضة، التي تهدد أمن و إستقرار المجتمعات، و التي تعمل على إضعاف الثقة بين المواطن و المجتمع ومؤسسات الدولة من جهه أخرى، وتسعى كذلك إلى تشويه الحقائق و الأحداث، إنها آفة ولدت من رحم التكنولوجيا.

إذا كنا في عصر المجتمع الشبكي بتعبير مانويل كاستلز، فنحن في عصر المعلومة بإمتياز، إن المتتبع للمشهد الإعلامي المغربي في بعده الإلكتروني، يلحظ الحالة الكارثية التي وصلت إليها مواقع التواصل الإجتماعي،  فبمجرد الولوج لهذه المواقع أصبح بإمكانك التدوين و الكتابة ونشر الفيديوهات، وليس غرابة اليوم إن تحول الكل لصحفي يلتقط الصور ويكتب ويساهم في إنتاج الخبر، إلا أن هذا الأخير نوعين، صحيح وواضح وموثوق المصدر و نوع ثاني مزيف عبارة عن إشاعات.

لتوضيح فقط فإن الإشاعة هي خبر أو مجموعة أخبار زائفة تنتشر في المجتمع بشكل سريع وتتداول بين العامة ظنا منهم على صحتها، دائما ماتكون هذه الأخبار شيقة ومثيرة للفضول كما تفتقر لمصدر موثوق يحمل أدلة على صحة الأخبار،  والتي يروجها بعض المشوشين على الرأي العام المحلي و العالمي، من أصحاب الأفكار الهدامة التي تعيق مسيرة الإصلاح الشامل وتعيد المجتمع ليتموقع في المربع الأول، وتنبع هذه الإشاعات عن الجهل و سوء إستخدام وسائل التواصل الإجتماعي وفضول البعض وخوضهم فيما لايعلمون، والسبب في ذلك غياب الوعي الثقافي والأمني وضعف القيم الدينية و الأخلاقية.

إن مايجعل من الإشاعة آفة مجتمعية هي السرعة في إنتشارها وتداولها بين مختلف فئات المجتمع  وخصوصا في "أوقات توقع الخطر"، وهو مانشهده في هذه الأيام العصيبة التي عرفت انتشارا واسعا لمجموعة من الإشاعات، والتي سنحددها في عنصر أساسي هو خلق البوز و البروبغندا الإعلامية، فكما تابعنا جميعا طفت على السطع مؤخرا بعض الفطريات تتغذى من الإشاعات (مي نعيمة...) على سبيل المثال لا الحصر، عبر فيديوهات على مواقع التواصل الإجتماعي و اليوتوب، تهدف الوصول إلى عدد أكبر من اللايكات والبارطاج و الأبوني، بهدف خلق أكبر عدد ممكن من المتتبعين للحصول على رأسمال رمزي (الشهرة)، ينزعون به الإعتراف في المجتمع بإعتبارهم مؤثرين على الرأي العام، متناسين الآثار السلبية التي تخلقها أخبارهم الكاذبة أوغير واعيين ثماما بخطورتها، والتي تثير ذعر المواطنين فلولاهذه الإشاعات لما حاز هذا الفيروس على هذا القدر من الإهتمام، ولما أصبح إسمه يتردد في الثانية عشرات المرات، إن محاربة الإشاعة أصبح اليوم هاجسا أمنيا بعدما أصبحت تمس بسلامة المواطنين، فمكافحة الشائعات وبث الطمأنينة أصبحا مهمة ضرورية بل هي جزء لا يتجزأ من محاربة الفيروس.

إن خير وسيلة اليوم لمكافحة الشائعات هي إستباقها بالمعلومات الصحيحة المؤكدة، وفي هذا الصدد فالإعلام المغربي قد بدأ يثبت فاعليته في محاربة الشائعات، عبر حملته التحسيسية و التوعوية التي تخص المعلومات الواجب معرفتها حول جائحة كورونا، وطرق الوقاية و كذا معرفة أعراض الفيروس و كل مايخص حالة المصابين و بؤر انتشار الوباء في المملكة ، فاليوم الإعلام يجب أن يأخذ على عاتقه إعادة الثقة بين أفراد المجتمع و مؤسسات الدولة، إننا في حالة حرب ضد الفيروس من جهة و الشائعات من جهة أخرى، كما لايمكن غض البصر عن المجهودات التي تقوم بها رئاسة النيابة العامة للحد من إنتشار الإشاعات و الأكاذيب وتناقل الأخبار المغلوطة، من خلال تسليط الرقابة على مواقع التواصل الإجتماعي وتطبيق عقوبات سالبة للحرية وغرامات مالية في حق مرتكبي هذه الأفعال الماسة بسلامة المواطنين، لتحقيق الردع الخاص و العام.

إننا اليوم في أمس الحاجة إلى بذل مجهوذ إظافي للحد من تفشي الشائعات، وعلى جميع مؤسسات الدولة وكذا المجتمع المدني تكثيف الجهود، وتحمل الأطراف المختلفة مسؤوليتها في إطار من مفاهيم التصحيح السريع و الانفتاح و التواصل، التي ترسخ بيئة أقل قابلية لإنتشار الشائعات و الأخبار الزائفة،  لوضع حد لهذه الآفة المجتمعية المدمرة و لمروجيها و صانعيها ومادتها.


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.