مدونة السلوك والأخلاقيات ومستقبل العمل السياسي
تعتبر الرسالة الملكية الموجهة للبرلمان في الذكرى ال60 لتأسيسه بمثابة تنبيه صريح للأحزاب السياسية المغربية وخارطة طريق لاعتماد الحكامة وإعمالها في اختيار المرشحين المؤهلين لكسب مقاعد البرلمان يحضون بالثقة والمصداقية لتبوؤ هاته المسؤولية.
لقد شهدت الساحة السياسية في الأشهر القليلة الماضية ولازالت، عدة محاكمات لبرلمانيين ورؤساء مجالس ومنتخبين بتهم تتعلق سواء بهدر وتبديد أموال عمومية او الإتجار بالمخدرات او تهم أخرى لا تقل خطورة عن سابقاتها، حيث ان عددا منهم من اودع السجن في حين ان آخرين لازالت ملفاتهم تتداول ذاخل ردهات محاكم المملكة في انتظار النطق بالأحكام النهائية .
الرسالة الملكية السامية أتت في وقت حاسم حيث عرفت الأحزاب السياسية انتكاسة كبيرة وتراجعا ملحوظا تجلى في تدني المردودية في التدبير الجماعي او النقاش السياسي ومذا البرلماني. فقد طفت على السطح عدة إشكالات تتعلق بتعطل عجلة التنمية بالعديد من الجماعات الترابية وسوء تدبير الموارد المالية المتوفر لديها.
جل الأحزاب أصبحت تستجدي( الأعيان) لتصدر لواءحها الإنتخابية دون التحقق او بالأحرى إغماض الأعين عن مستوى او سلوك او أخلاقيات المرشح للإستحقاقات الإنتخابية المختلفة، طالما يتوفر على رصيد بنكي يعفيها - الاحزاب - من صرف للمزيد من الأموال الخاصة بذلك.
لاشك ان التراجع الكبير في معدل التنمية في العديد من الجماعات الترابية يعود بالأساس إلى المستوى التعليمي والتكويني الضعيف والمتوسط لعدد لا يستهان به من مدبري ومسيري الشأن العام وإلى نزوع غالبية هؤلاء إلى الإسراع في تكوين الثروة الخاصة بهم خلال ولايتهم الإنتدابية بمختلف الطرق والأساليب على حساب التنمية وحسن التدبير.
من هنا نساءل الأحزاب وأعضاء مكاتبها السياسية ومسؤوليها عن القيمة المضافة التي يجنونها من خلال اختيار ( مول الشكارة) للترشح باسم أحزابهم ؟ وما هي انعكاسات اختياراتهم على مصداقية الحزب؟
الإجابة حتما هي: الغاية تبرر الوسيلة، مع الإعتراف ان هذا الخطا القاتل تجرعته كل الأحزاب من خلال سمعة وقيمة من يمثلونها ذاخل الهيآت والمؤسسات المنتخبة.
انتخابات 2021 أكدت بشكل ملموس على سوء هذه الإختيارات إذ أنها لم ترشح إلا العدد الأدنى والأقل من منتسبيها ومناضليها مع إعطاء الأولوية والأحقية للمستقطبين الجدد المتوفرين على أرصدة بنكية مهمة تقضي حاجاتهم في غياب شبه تام للكاريزما والتكوين السياسي والأكاديمي او المسار النضالي ذاخل الهيأة السياسية.
الجميع أصبح متفقا على ضرورة الإستنارة بالرسالة الملكية السامية بهذا الصدد لتخليق الحياة السياسية والحزبية وكذا النقابية وربط المسؤولية بالمحاسبة وإعمال مبدأ التداول على مراكز القيادة والتسيير مع فتح الباب أمام الكفاءات والفعاليات الفكرية والنضالية والأكاديمية لتبوؤ هاته المناصب وبالتالي الوصول لمراكز التدبير والتسيير ذاخل الجماعات الترابية والهيآت المنتخبة.
الأكيد أن ذلك سيخلق رجة في التدبير العمومي وفي الحكامة في تدبير أمثل للموارد المتاحة من أجل تنمية قوية ومستدامة.
المغرب مقبل على تنظيم تظاهرات عالمية وقارية وذلك يتطلب مزيد من الجهد و الإجتهاد والحكامة لإنجاز وتسريع برامج تتضمن مشاريع ووبنيات تليق بتاريخنا وسمعتنا وحضارتنا المغربية الأصيلة والمتفردة.
والبقاء للأصلح.