أزمة "كورونا".. بين عودة "الحجر الصحي" ونهج "مناعة القطيع"

“لا أحد منا يتمنى الرجوع للحجر الصحي الشامل، لما له من آثار نفسية واجتماعية واقتصادية، ولكنه يبقى خيارا ممكنا إذا خرج الوضع عن السيطرة”، عبارة لرئيس الحكومة سعد الدين العثماني، تعيد خيار الحجر من جديد إلى الواجهة، في حال استمرار الوضع الوبائي على ما هو عليه، بارتفاع عدد الإصابات اليومية بفيروس "كورونا" المستجد، بالإضافة للوفيات التي ترتفع يوما بعد الاخر .

الحجر الصحي لمواجهة "كورونا"، لا أحد ينكر آثاره الاقتصادية والاجتماعية، وكذلك تأثيره السلبي على نمو الاقتصاد الوطني، والرفع من البطالة، كما تتحدث عن ذلك الأرقام الرسمية المسجلة، إبان الحجر الصحي الأول .

ربع مليون إصابة بالفيروس التاجي، وأكثر من 40 ألف حالة نشيطة، ترهق المنظومة الصحية المغربية، مؤشر على اقتراب عودة الحجر الصحي، قد يكون أكثر صرامة كما أشار إلى ذلك الملك محمد السادس في إحدى خطاباته الأخيرة .

القرار الذي بيد لجنة مختصة، قد يكون إيجابيا للحد من انتشار فيروس "كورونا" المستجد، لكن آثاره بدون شك وخيمة على الاقتصاد الوطني .

 

المغرب اليوم بين نارين

 

في هذا السياق يرى الخبير الاقتصادي، عمر الكتاني، أن الحجر الصحي الشامل أمر مستبعد، لما فيه من أثر كارثي على الاقتصاد الوطني، ولكن قد يكون الأمر بشكل جزئي من خلال تطويق مجموعة من المدن بسبب الارتفاع في الإصابات المسجلة بها .

الكتاني يضيف في تصريح لـ"بلبريس"، أن الدولة اليوم يريد بأي طريقة الحفاظ على المكتسبات، وإنقاذ الاقتصاد الوطني، من الأزمة التي يواجهها اليوم بسبب الأزمة الصحية التي يمر منها العالم بأسره .

الخبير الاقتصادي، أكد أن المغرب اليوم بين نارين، ارتفاع الإصابات وإرهاق المنظومة الصحية، وأزمة اقتصادية، و "كارثة" تلوح في الأفق .

المتحدث أشار كذلك، أن الدولة اليوم في هذه الأزمة الصحية والاقتصادية كذلك، لم تعد قادرة على سياسة التقشف، وأنه في حال عودة الحجر الصحي من جديد ستكون له آثار كارثية على الاقتصاد الوطني .

 

سنتان من أجل تعافي الاقتصاد

 

الكتاني يقدر في التصريح ذاته، سنتين من أجل تعافي الاقتصاد الوطني من الأزمة التي يمر منها اليوم، بسبب فيروس "كورونا" المستجد .

في مقابل الأزمة الاقتصادية التي تلوح في الأفق، هناك منظومة صحية تُنزف يوما بعد يوم، مع ارتفاع حالات الإصابة اليومي، وكذلك الحالات الخطيرة والحجرة .

 

الحجر الصحي بيد هيئة وطنية

 

ولا يختلف إثنان أن اللقاح، يعد طوق النجاة من أجل انتهاء "كابوس كورونا"، والعودة للحياة الطبيعية، وفي غيابه تبقى الإجرا ء ات الاحترازية هي السبيل الوحيد لمحاصرة الفيروس التاجي، والحد من انتشاره .

ارتفاع متزايد، ينذر بعودة الحجر الصحي الشامل للمغرب، بعدما نهجته مجددا مجموعة من البلدان الأوروبية، والعربية كذلك، من أجل الحد من انتشار الفيروس المستجد .

البروفيسور مصطفى الناجي، مدير مختبر الفيروسات بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، والأخصائي في علم الفيروسات، يعتبر أن إمكانية الحجر الصحي واردة، وبيد هيئة وطنية في تدبير الشأن وهي التي بيدها القرار مع الأخد بمجموعة من الاعتبارات التي تهم الحالة الوبائية بالمغرب، وكذلك هيئات محلية تابع للعمالات الولايات التي تقيم الوضع الوبائي المحلي، وتكون اجتماعات للأخد بكل وجهات النظر من أجل التوجه لحجر صحي شامل أو جزئي بمجموعة من الأقاليم والجهات كذلك التي تعرف انتشارا لفيروس "كورونا" المستجد.

المتخصص في علم الفيروسات يعتبر في تصريح خاص لـ"بلبريس"، "عودة الحجر الصحي ستكون مكلفة، ولاسيما من الجانب الاقتصادي، بإغلاق مجموعة من المعامل بالإضافة إلى الشق السياحي الذي أثر فيه الفيروس سلبيا، وستكون هناك مرحلة المتضرر الأكبر فيها هو المواطن، أما بالنسبة لاتخاد القرار فهو أمر سهل للغاية" .

"منذ البداية كان يتعين على وزارة الصحة و السلطات المحلية الاستعداد لهذه المرحلة، ومعرفة الطاقة الاستعابية للمستشفيات، وكذلك العمل على عدم الوصول لعدد كبير من المصابين، من خلال مجموعة من التدابير الاحترازية"وفقا لتصريح الناجي .

 

المصابون أكثر من المعلن عليهم

 

ويعتبر الناجي، أن عدد الإصابات أكبر من المعلن عليه، حيث أن الإصابات المكتشفة فقط بالنسبة للذين خضعو للاختبار، فما بالك بالذين لم يخضعو لهذا الاختبار .

البروفيسور المتخصص في علم الفيروسات، يرى أن المغرب إذا قام بعدد أكبر من الاختبارات سيجد عدد أكبر من المصابين، وليس لدينا معطيات دقيقة، من أجل الحديث عن الذروة أو "البيك" بالنسبة للحالة الوبائية بالمغرب .

 

الرفع من الاختبارات "مكلف"

 

أما بالنسبة للرفع من عدد الاختبارات اليومية، بارتفاع عدد الحالات المعلن عنها، يقول البروفيسور الناجي، "الوزارة الوصية تحاول الرفع من الاختبارات، والتحاليل لديها تكلفة كبيرة تصل إلى ستمئة درهم للاختبار الواحد".

 

تطور الحالة الوبائية بالمغرب (worldometers)

 

وشدد المتحدث أن الأمر "مكلف وزيادة عن هذا أمر متغير لأن الفيروس قد يدخل للجسم بعد الاختبار مباشرة" .

 

مناعة القطيع

 

وحول اتجاه المغرب، لـ"مناعة القطيع"، يرى الناجي، أن المغرب بعيدا كل البعد عن هذه الطريقة .

المتحدث يضيف "المغرب لو كان يريد هذه المنهجية، لقام بذلك منذ البداية، ولكن الدولة تقوم بواجبها من أجل الحد من انتشار فيروس "كورونا" المستجد، ومحاصرته، وأخد كل التدابير من أجل الحصول على اللقاح نهاية هذه السنة أو بداية السنة المقبلة" .

وأوضح المتحدث أن "مناعة القطيع هي ترك المواطنين، يقومون بعمله مع السير العادي، والمواطنين يقومون بالعدوى لأقاربهم، دون أي تدخل من الدولة أو إي إجرا ء ات احترازية من أجل الحد من انتشار الفيروس".

الناجي، يتابع في التصريح نفسه "هناك مجموعة من الدول التي اتجهت لمناعة القطيع، ولكن تراجعت عن ذلك كما هو الشأن بالنسبة للسويد، بالإضافة للولايات المتحدة الأمريكية، التي اتجهت إلى هذه الطريقة في وقت سابق، ونلاحظ ما وصلت إليه من حالات إصابة بالفيروس المستجد".

وعن الأضرار الجانبية للقاح المحتمل ضد فيروس "كورونا"، "أي دواء لديه آثار جانبية بالنسبة لأفراد، وعكس ذلك لآخرين، لمجموعة من الاعتبارات أبرزها المناعة وكذلك مدى إصابته بأمراض أخرى وفيروسات".

وخلص الناجي في التصريح،"قبل أخد الشخص للقاح يتعين عليه الاستشارة الطبية، ويكون تتبع طبي من أجل استعمال سليم للمواطنين" .

 

العلاج المنزلي "يفاقم" الوضع

 

المراقبون للوضع الصحي بالمغرب، يعتبرون العلاج المنزلي، في غياب الرقابة من قبل وزارة الصحة والسلطات المحلية، قد تفاقم الوضع وتنتج مجموعة من الإصابات الجديدة بالمغرب .

المصادر نفسها، تؤكد أن غياب المراقبة، تدفع المواطنين للاحتكاك مع أقاربهم وغيرها من الأمور التي ستفاقم الوضع، وأنه الأمر يتطلب مراقبة وحزم من قبل السلطات في مواكبة علاج هذه الفئة .

 

 

 

ولم تنفي المصادر نفسها، صعوبة الوضع وأن العلاج في المستشفيات يؤرق المنظومة الصحية وأن عدد الحالات النشيطة يقدر بعشرات الآلاف بالإضافة أن الحالات الخطيرة والحرجة باتت تقترب من الألف، وهو العدد الكبير والذي يزيد من صعوبة الوضع بالنسبة للحالة الوبائية بالمغرب .

 

الحكومة لا تستبعد عودة الحجر

 

زيادة في الإصابات والوفيات والحالات النشيطة، ينذر بعودة الحجر الصحي الشامل، كما أشار إلى ذلك الملك محمد السادس في إحدى خطاباته الأخيرة .

الناطق الرسمي بإسم الحكومة، سعيد أمزازي، لم يستبعد عودة الحجر الصحي بسبب الحالة الوبائية بالمغرب، الذي وصفها بـ"المقلقة جدا" .

أمزازي يضيف في تصريح له، "عدد الحالات يرتفع يوما بعد يوم، واللقاح مازال غائبا، والحل الوحيد يبقى هو التزام المواطنين، بالتدابير الاحترازية والتباعد الاجتماعي والارتداء الجيد للكمامة" .

المسؤول الحكومي يضيف في التصريح نفسه،"في كل أسبوع يكون هناك تقييم للحالة الوبائية بالبلاد، ونأخد بعيد الاعتبار الجانب الصحي والاقتصادي، وإذا كان الحل هو الحجر الصحي فسنتجه إليه"


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.